عشرات السيارات تصطف في محطة بحي ليتون شرق لندن، وسط حالة من الذعر لدى البريطانيين من اختفاء الوقود، وعودة “أزمة ظلام السبعينيات”.
وفي كل أنحاء البلاد، تضاعفت لافتات “لا وقود” أو المضخات المغطاة بلافتة تقول “خارج الخدمة”، بما في ذلك نحو 30% من محطات بريتيش بتروليوم (بي بي) العملاقة التي تأثرت بهذه الازمة.
ووفق “رابطة تجار البترول” (بي آر إيه) نفد الوقود من حوالي نصف المحطّات البالغ عددها 8000 في المملكة المتحدة الأحد.
وحذّرت جمعية تجار التجزئة من أن ما يصل إلى ثلثي أعضائها البالغ عددهم حوالي 5500 منفذ مستقل، قد نفد الوقود لديهم، والبقية منهم “قد جف جزئيا وسرعان ما ينفد”.
وهو ما يعيد للأذهان أزمة الطاقة خلال حقبة السبعينيات حين تسببت في تقنين الوقود، وتقليص أسبوع العمل إلى ثلاثة أيام. وقبل عقدين، أدت احتجاجات ضد ارتفاع أسعار الوقود إلى إغلاق المصافي وشل النشاط في البلاد لأسابيع.
مرارة أزمات العالم الثالث
ربما شاهدت مشهد تكدس السيارات أمام محطات الوقود مرات عديدة في بعض دول العالم الثالث، لكن السؤال لماذا تكرر المشهد في بريطانيا؟.
أزمة الوقود في بريطانيا ليست مجرد حدث طارئ، ولكنها تتفاقم كل دقيقة، لدرجة أن الحكومة البريطانية بدأت تفكر في نزول قوات من الجيش إلى الشوارع، خصوصا بعد حدوث مشاجرات في بعض المحطات وتدخل قوات الشرطة.
وأعلنت وزارة النقل أن “المملكة المتحدة لديها عجز بعشرات الآلاف من سائقي الشاحنات، بسبب عدة عوامل، منها جائحة كورونا، وشيخوخة القوى العاملة في هذا المجال، ونزوح العمال الأجانب عقب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي العام الماضي”.
وحذر وزير البيئة البريطاني جورج يوستيس من أن شراء المواطنين للبنزين دون الحاجة إليه هو سبب الطوابير الطويلة أمام محطات الوقود.
وقال يوستيس إن البنزين متوفر بكثرة، وحث الناس على شرائه بالطريقة المعتادة.
وتنبأ بأن تعود الأمور إلى طبيعتها، قائلا إنه لا توجد خطط في الوقت الحاضر للاستعانة بأفراد من الجيش لتوصيل الوقود إلى منافذ البيع.
وأكد أن مخزون بريطانيا من النفط في مستواه الاعتيادي، وأن الخوف من شح الإمدادات ما أدى لهلع المواطنين واندفاعهم للشراء ليس مبررا.
وقال إن السبب الوحيد لعدم توافر الوقود هو الشراء أكثر من الحاجة، وإن الأمور ستعود لطبيعتها قريبا.
مسكنات حكومية تحت الضغط
وتحت الضغط، قررت الحكومة السبت الماضي، تعديل سياسة الهجرة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ومنح ما يصل إلى 10500 تأشيرة عمل موقتة من أكتوبر/تشرين الأول إلى ديسمبر/كانون الأول، للتعويض عن النقص الحاد في عدد سائقي الشاحنات وكذلك الموظفون في القطاعات الرئيسية للاقتصاد البريطاني، مثل تربية الدواجن.
كما قررت الحكومة تعليق العمل بقانون المنافسة للسماح لشركات النفط بأن ترسل شحنات الوقود إلى محطات البنزين مباشرة.
وتشمل الإجراءات الأخرى إرسال ما يقرب من مليون خطاب إلى السائقين الذين يحملون رخصة قيادة الشاحنات الثقيلة لتشجيعهم على العودة إلى الصناعة وخطط لتدريب 4000 شخص ليصبحوا سائقين لتلك الشاحنات.
وأعلن وزير الأعمال كواسي كوارتنغ أن الحكومة لديها خطط طوارئ “طويلة الأمد” للحفاظ على إمدادات الوقود.
وقال إنه “بينما كان هناك دائما ما يكفي من الوقود في المصافي والمحطات، فإننا ندرك أنه كانت هناك بعض المشكلات المتعلقة بسلاسل التوريد”.
وأضاف “نشكر سائقي الشاحنات الثقيلة وجميع موظفي محطات الوقود على عملهم الدؤوب خلال هذه الفترة”.
رفض شعبي
لكن اتحاد التجزئة البريطاني قال إن عدد التأشيرات المعروضة “صغير جدا”، بحيث لا يكون له تأثير على الاضطراب المتوقع في فترة عيد الميلاد.
وقال أندرو أوبي، مدير سياسة الغذاء والاستدامة في الاتحاد التجاري “أعتقد أننا سنرى خيارات أقل، وتوافرا أقل، وربما فترة صلاحية أقصر أيضا، وهو أمر مخيب للآمال حقا لأنه كان من الممكن تجنبه”، بحسب بي بي سي.
في غضون ذلك، حذّرت مزارعة ديوك الرومي، كيت مارتن، من احتمال نفاد الدواجن من المتاجر الكبرى قبل عيد الميلاد.
وسيبدأ توظيف عدد إضافي من سائقي سيارات النقل الثقيلة وعمال الدواجن لفترات قصيرة في أكتوبر/تشرين الأول، مع تأشيرات صالحة حتى ليلة عيد الميلاد.