تقارير رئيسي

طفرة الإصدرات السعودية تحمي سوق الصكوك من التشاؤم العالمي

في الوقت الذي يسيطر فيه التشاؤم على أسواق الديون الناشئة وسط مخاوف من حدوث ركود اقتصادي والتخلف عن السداد، تزدهر صفقات الصكوك في السوق السعودية.

بلغت مبيعات السوق المحلية للمملكة من الصكوك (أدوات الدين المصدرة وفق الشريعة الإسلامية)، 14.4 مليار دولار خلال العام الحالي، بزيادة 185% عن العام الماضي وفقا لبيانات جمعتها بلومبرغ.

تمثل مبيعات الصكوك في السعودية، أكثر من نصف مبيعات الصكوك المحلية على مستوى العالم، وباعت الحكومة السعودية وحدها أكثر من 60% منها.

أطلق ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، خطته لرؤية 2030 قبل ست سنوات لإصلاح الاقتصاد السعودي وإنهاء اعتماده على النفط.

يساعد تمويل المشروع في حماية سوق الصكوك من الانكماش عالميا، والذي شهد انخفاضا في مبيعات السندات الدولية بأكثر من النصف منذ بداية 2022.

تمويل خطة تنويع الاقتصاد

كما تغذي مبيعات الصكوك أيضا طلب المستثمرين على الأصول المحلية إذ تكبدت أدوات الديون العالمية خسائر، فضلا عن ضخ البنك المركزي السعودي للأموال في البنوك لتخفيف أزمة السيولة.

“هناك الكثير من المشاريع الجاري تنفيذها في السعودية مدفوعة برؤية 2030 لتنويع اقتصادها بعيدا عن النفط. وكلها تحتاج إلى تمويل” حسبما قال دوغ بيتكون رئيس استراتيجيات الائتمان في بنك “رسملة” للاستثمار ومقره دبي.

“المستثمرون المحليون على دراية بالشركات المحلية ويمكنها في كثير من الأحيان جمع السيولة بهوامش جيدة”، وفقا لـ بيتكون.

بعد ثلاث سنوات من إصدار أول صكوك محلية، سمحت هيئة السوق المالية في السعودية للأجانب خلال عام 2020 بالاستثمار مباشرة في أدوات الدين المدرجة وغير المدرجة بالبورصة لتنويع قاعدة المستثمرين لكن السوق لا يزال يهيمن عليها المشترون المحليون مثل الصناديق وشركات التأمين.

أول فائض بالموازنة

رغم أنه من المتوقع أن تسجل المملكة العربية السعودية أول فائض بالموازنة منذ حوالي 10 سنوات مع ارتفاع الإيرادات الحكومية بفضل ارتفاع أسعار النفط فوق 100 دولار، إلا أن ذلك لم يقلل الحاجة إلى الاقتراض.

وزير المالية السعودي محمد بن عبدالله الجدعان قال في مايو الماضي إن الحكومة ستحتفظ بإيرادات النفط الزائدة في حسابها الجاري حتى أوائل العام المقبل على الأقل، إذ تتطلع إلى كسر دورة الازدهار والكساد المرتبطة بالنفط والتي ميزت الاقتصاد في الماضي.

قال فيليس جوجيولي، كبير المستشارين في “رايل انتيسا سان باولو” (REYL Intesa Sanpaolo) المتخصصة في التمويل الإسلامي: “من منظور المستثمر السعودي، يُنظر إلى الأوراق المالية المحلية (الصكوك( على أنها تحمل مخاطر منخفضة نسبيا”.

أضاف “إنها دولة (السعودية) غنية بالمال على كل المستويات. إذا كان هناك طلب كاف في الداخل، فلماذا البيع في الأسواق الدولية، وهي عملية أكثر تعقيدا مقارنة بالبيع محليا”.

عوائد نسبية

من المؤكد أن عوائد الصكوك منذ بداية عام 2022، أكثر إذهالا من حيث القيمة النسبية وليست المطلقة.

حققت مجموعة إصدرات عددها 56 صكاً مصدرة بالريال السعودي، بقيمة إجمالية 416 مليار ريال خسارة 0.7% هذا العام، وفقا لمتوسط ​​البيانات المرجحة التي جمعتها بلومبرغ. يقارن ذلك بخسارة 7.6% لديون بالعملة المحلية من الأسواق الناشئة ككل وخسارة 14% لأدوات دين مصدرة بالدولار. الريال السعودي مرتبط بالدولار الأميركي، (الدولار يعادل 3.75 ريال).

انخفض العائد على الصكوك السعودية المستحقة 2033، 80 نقطة أساس في الشهرين الماضيين إلى 3.6% اعتبارا من الأربعاء.

هناك عامل آخر يدفع إلى زيادة مبيعات الصكوك وهو الشراء من جانب المؤسسات المالية. ضخ البنك المركزي السعودي، المعروف سابقا باسم مؤسسة النقد العربي السعودي، في يونيو، ما قيمته حوالي 13 مليار دولار لدى البنوك لتخفيف أزمة التمويل ويمكن إعادة استثمار بعض تلك الأموال في سوق الصكوك.

قال سيرجي ديرجاتشيف كبير مديري المحفظة ورئيس ديون الشركات في الأسواق الناشئة لدى “يونيون انفستمنت برايفتفوندز” (Union Investment Privatfonds GmbH) في فرانكفورت إن الزيادة في إصدار الصكوك “لها علاقة أكبر بوضع السيولة القوي لدى البنوك السعودية والحاجة إلى استثمار تلك السيولة”.

المصدر : بلومبرج