تقارير

طبول الحرب الباردة تدق ..سيناريوهات التصعيد التجارى بين الصين والولايات المتحدة

تصاعدت التوترات التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم، منذ تولي ترمب الرئاسة في 2017، ورغم أن واردات الصلب من الصين ليست سوى جزء ضئيل من الواردات الأميركية إلا أن التوسع الكبير في الصناعة ساهم في وجود تخمة عالمية من المعدن دفعت الأسعار للهبوط..

ولنستشهد بجملته الأخيرة قبل إعلانه نية فرض التعرفة: “الناس ليس لديهم فكرة عن مدى السوء الذي يعامل به الآخرون بلدنا” وهو يقصد إغراق السوق بالواردات

الأجندة الاقتصادية لدونالد ترمب  تركت آثار إيجابية لايمكن إنكارها  على “المؤشرات” الاقتصادية كارتفاع أسواق الأسهم ونمو الناتج المحلي الإجمالي وزيادة خلق فرص العمل، وازدياد ثقة المستهلكين لاسيما بعد إقرار التخفيضات الضريبة.

هذا بالنسبة للداخل الأميركي، أما العلاقة مع الدول الأخرى “الصديقة والعدوة” فاتسمت بطابع الحرب والتهديد: إعادة التفاوض باتفاقية “النافتا” التجارية، والانسحاب من الشراكة للتجارة مع المحيط الهادئ، وفرض ضرائب على واردات الألواح الشمسية ثم الأدوات المنزلية “الغسالات” وآخرها إعلانه قبل أيام النية بفرض تعرفة جمركية قياسية تصل إلى 25% على واردات الصلب، و10% على واردات بلاده من الألمنيوم.

الصين لا تريد حرباً تجارية مع الولايات المتحدة

قال دبلوماسي صيني رفيع المستوى اليوم الأحد، إن الصين لا تريد حرباً تجارية مع الولايات المتحدة، لكنها ستدافع عن مصالحها، وذلك بعدما أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب خطة لفرض رسوم على واردات الصلب والألومنيوم.

وكان ترمب قد تحدث بنبرة تحد يوم الجمعة، قائلاً إن الحروب التجارية “أمر جيد” ويسهل الانتصار فيها، بعد يوم من إعلان عزمه فرض رسم بنسبة 25% على واردات الصلب و10% على منتجات الألومنيوم.

وقال نائب وزير الخارجية الصيني تشانغ يه سوي خلال مؤتمر صحافي قبل الاجتماع السنوي للبرلمان الصيني الذي يبدأ هذا الأسبوع، إن “المفاوضات وتبادل فتح الأسواق أفصل السبل لتسوية الخلافات التجارية”.

وأضاف تشانغ وهو أيضاً المتحدث باسم البرلمان وسفير سابق لدى الولايات المتحدة: “الصين لا تريد أن تخوض حرباً تجارية مع الولايات المتحدة، لكن لن نقف مكتوفي الأيدي بينما نرى مصالح الصين تتقوض”.

عدد العمال المتضررين يفوق 35 ضعفا عدد المستفيدين

ويعتقد ترمب أن الرسوم ستحمي الوظائف الأميركية، لكن اقتصاديين كثيرين يقولون إن عواقب زيادة الأسعار على مستهلكي الصلب والألومنيوم مثل صناع السيارات والطاقة، ستقضي على وظائف أكثر من تلك التي ستخلقها الرسوم

خسر الاقتصاد الأميركي 200 ألف وظيفة ونحو 4 مليارات دولار من الرواتب والأجور خلال فترة 18 شهرا بين عامي 2002 و2003 عندما فرض جورج بوش الابن تعرفة على واردات الصلب إلى أميركا

هذا الأمر طبيعي، فبحسب بيانات عام 2015 فإن صناعة الصلب الأميركية، التي ستستفيد من فرض التعرفة، توظف 140 ألف عامل بينما مستهلكو الصلب في أميركا الذين سيتضررون من ارتفاع سعره والذين يشملون صناع السيارات وغيرهم، يوظفون 5 ملايين عامل.أي أن عدد العمال المتضررين يفوق 35 ضعفا عدد المستفيدين

ماذا يستطيع الأخرون أن يفعلوا؟

رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر: “لن نقف مكتوفي الأيدي بينما تُضرب صناعتنا بتعرفة غير عادلة ستضع الآلاف من عمالنا في خطر. الاتحاد الأوروبي سيرد بقوة وبالمثل لحماية مصالحه”.

 

حيث يستطيع الاتحاد الأوروبى فرض تعرفة على واردات الاتحاد الأوروبي من الحمضيات من ولاية فلوريدا، وواردات التبغ من ولاية كنتاكي، والأقمشة من كارولينا الشمالية، ومنتجات الحليب من ويسكونسن.

كذلك تستطيع الهند الرد بفرض تعرفة لحماية القمح والأرز الهندي من المنافسة الأميركية.

ففرض التعرفة الحمائية قد يحمي صناعة ما، لكن يجب النظر إلى التأثير على كامل الاقتصاد ويؤجل الأخذ في الحسبان إجراءات الرد التي قد تؤدي إلى اندلاع حرب تجارية قد يكون الخاسر الأكبر فيها هو “المستهلك”.

طريق الحريرالجديد خطة الصين لمواجهة إجراءات ترامب

من جهتها، تستطيع الصين فرض رسوم على واردات الذرة والصويا الأميركية وهي تنظر في ذلك من الآن.وتنوي الصين إنفاق 4 ترليونات دولار خلال العقدين الحاليّ والمقبل ليكون مشروع الطريق والحزام من أكبر المشاريع الاستراتيجية التي تقوم بها الصين ليس على المستوى المحلي فحسب بل على المستوى العالمي أيضًا، حيث لا يوجد منافس له حتى الآن على الأقل من قبل دول العالم الكبرى، سوى سياسات تسعى من خلالها الدول للجم التمدد الصيني وتحجيمه.

اقتصاديًا يشبه المشروع “خطة مارشال” لإعمار أوروبا الغربية التي تبنته الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية لإنعاش الاقتصاد الأمريكي وشركاته، وبالمثل يسعى مشروع الحزام والطريق إلى بناء الطرق والسكك الحديدية والجسور والمواني في الدول التي سيمر منها الطريق والممتد عبر أكثر من 60 دولة في آسيا وأوروبا والمنطقة العربية، ويساهم في إيجاد عقود لشركات البناء وصناعة الأسمنت والصلب لتكون بديلاً عن المشروعات المحلية، حيث وصلت عمليات التحديث الضخمة في البنية التحتية في الصين إلى حد الإشباع، وأدت بعد فترة إلى انخفاض معدلات النمو إلى 6.5% بعدما فاقت 10% ولامست 15% في سنوات.

لذا فالمشروع سيعمل على إيجاد بديل للنمو الاقتصادي المعتمد حاليًا على الاستثمار الداخلي في شتى المشروعات إلى عقود خارجية مع دول الطريق والحزام من خلال الاستثمار في مشروعات البنية التحتية في الخارج، وبحسب دراسة أمريكية عن القروض الممنوحة من البنوك الصينية الكبرى فإن 70% من القروض المقدمة يشترط فيها استخدام جزء من القرض في شراء معدات صينية واستخدام عمال صينين وشركات صينية في تنفيذ المشروع الذي قدم له القرض.

والهدف الآخر هو تأمين إمدادات الطاقة إلى الصين حيث باتت تعد أكبر مستورد للنفط في العالم ويتم هذا عبر إنشاء أنابيب نفطية تربطها مع وسط آسيا وروسيا وجنوب شرقي آسيا، حيث من المتوقع أن يمكن المشروع الصين من خفض تكاليف تصدير واستيراد المواد الخام من المنطقة العربية.

كما تعتقد الصين أن هذا المشروع سيعمل على تنمية اقتصادات البلدان التي يمر بها ويرفع من مستوى دخل المواطنين في تلك الدول، وبالتالي يرفع الطلب على البضائع الصينية وتتوقع الصين أن تفوق التجارة مع دول الحزام والطريق 2.5 ترليون دولار في العام 2025.

الصين أكبر دائن للولايات المتحدة

على الجانب الآخر تعد الصين تعد أكبر دائن للولايات المتحدة في الوقت الحالي ونقلت وكالة “بلومبيرج” عن مصادر صينية قولها إن هناك توصية من جانب مسؤولين حكوميين بخفض أو وقف مشتريات سندات الخزانة الأمريكية،.

 

وتمتلك الصين سندات أمريكية بقيمة 1.12 تريليون دولار بنهاية شهر أكتوبر الماضي، لتتصدر قائمة أكثر دول العالم امتلاكاً لديون الولايات المتحدة، يليها اليابان ثم إيرلندا.

 

وتمتلك الصين حالياً نحو 19% من إجمالي السندات الأمريكية المملوكة لأجانب والبالغة قيمتها 6.3 تريليون دولار، بينما تتوزع باقي ديون الولايات المتحدة التي سجلت 20 تريليون دولار بين ديون داخلية وأخرى مملوكة للاحتياطي الفيدرالي.

إقرأ ايضا

“الصين –الولايات المتحدة “..حروب الاقتصاد تشتعل مجدداً