توقع صندوق النقد الدولي أن يشهد النمو الاقتصادي في الإمارات تعافياً في السنوات القادمة في غمرة اكتساب التجارة العالمية زخماً وتسارع وتيرة التكامل المالي وزيادة الاستثمار مع دنو موعد إكسبو 2020.
وأن يبلغ فائض الحساب الجاري للدولة 2.6% من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام بفضل ارتفاع الصادرات غير النفطية. وقال إن فائض الحساب الجاري مرشح لمزيد من الزيادة بنسبة 3.8% بحلول 2022، مع ارتفاع العائدات النفطية المقرونة بزيادة الإنتاج، مدعومة بنمو مستمر في الصادرات غير النفطية والعائدات السياحية.
وقال التقرير إن الاقتصاد تجاوز صدمة هبوط النفط إلى ما بعد النفط. وقد ساعدت الاحتياطات المالية ومكانة الدولة كملاذ آمن والاقتصاد المتنوع والبنوك القوية في مساعدة الدولة على مواجهة الصدمة.
كما توقع التقرير أن تؤدي الاستثمار المتزايد في البنية التحتية بما في ذلك الاستعدادات لمعرض إكسبو 2020 إلى ازدياد التدفق الخارجي للتحويلات المالية إلى جنوب آسيا وغيرها من دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وأفاد أحدث تقارير صندوق النقد الدولي بأن النشاط الاقتصادي في الإمارات سيكتسب زخماً في السنوات المقبلة في ظل تعافي أسعار النفط، وتسهيل إجراءات التكامل المالي وغيرها من العوامل العالمية. مرجحاً أن ينمو القطاع غير النفطي من 2.7% في 2016 إلى 3.3% العام الجاري، مما يعكس زيادة في الإنفاق العام المحلي، وانتعاش القطاع التجاري. وأن يبقى النمو غير النفطي أعلى من 3% في المدى المنظور مدعوماً بالاستثمار المتزايد في الفترة المقبلة من معرض إكسبو 2020 دبي.
القيمة المُضافة
وذكر تقرير الصندوق الذي استند إلى تقييم بعثته التي زارت الإمارات أخيراً، أن تطبيق ضريبة القيمة المُضافة في 2018 لن يكون له تأثير عكسي على النمو. كما تتوقع الجهات المعنية أن يبلغ سوق الإسكان القاع في 2017، بفضل الاستثمار في معرض إكسبو2020.
وكشفت المناقشات مع محللي السوق أن السوق العقاري يقترب من التوازن، غير أنه قد يواجه رياحا معاكسة بسبب زيادة المعروض، وأسعار الفائدة المرتفعة، وقوة سعر الصرف.
ورحب الصندوق بالمبادرات القائمة لتطوير الإطار الرقابي والإشرافي للقطاع المالي مؤكداً ضرورة استمراره. موضحاً أن المبادرات الهادفة إلى زيادة الإنتاجية وتنويع الاقتصاد ستعمل على تحسين آفاق الاقتصاد في المدى المتوسط. وقد وضعت الجهات المعنية أهدافاً واضحة لتعزيز النمو المبني على المعرفة.
وعلى جانب الإيرادات قال التقرير إن الأولوية الرئيسية هي التطبيق المناسب لضريبة القيمة المضافة والضريبة الانتقائية الأخرى (على التبغ والمشروبات الخفيفة) بالتنسيق مع دول مجلس التعاون الخليجي. وهذا من شأنه مساعدة الإمارات في المضي قدما في التكيف المالي وتسهيل محاكاتها مع دول مجلس التعاون الأخرى.
وقال التقرير إن الجهات المعنية في الإمارات أعربت عن ثقتها بتطبيق ضريبة القمة المضافة في 1 يناير 2018. حيث يتوقع ان تبلغ عائداتها 1.5% من الناتج المحلي الإجمالي في المدى المتوسط
الناتج المحلي
وتوقع الصندوق أن يناهز الناتج المحلي الاسمي للدولة 1.399 تريليون درهم في 2017 ويرتفع إلى 1.481 تريليون درهم في 2018. وأن يبلغ الناتج المحلي للدولة 3.4% في 2018. وأن يبلغ الناتج المحلي الحقيقي النفطي 3.2% في 2018. وقال الصندوق إن الإصلاحات المهمة الأخيرة وطرح ضريبة القيمة المُضافة التي جاءت في الوقت المناسب تعد إنجازاً آخر لتنويع الواردات بعيداً عن النفط. كما أن الجهود المستمرة لاحتواء الإنفاق العام وتحسين الفاعلية أمر ضروري لتوليد الادخار النقدي مع مواصلة استخدام الإنفاق العام لتنويع الاقتصاد وتوسعة الطاقة الإنتاجية.
وأشار إلى أن ضريبة القيمة المضافة لن يكون لها أثر عكسي جوهري على النمو.
وتوقع التقرير أن يرتفع التضخم إلى 2.9% العام القادم متأثراً بضريبة القمة المضافة، والنسبة العالية من التضخم المستورد. بيد أنه سيعود إلى الاستقرار إلى نحو 2.3% في المدى المتوسط.
توازن الميزانية
توقع التقرير أن تعود الميزانية الاتحادية إلى التوازن. وقال إن الجهات المعنية أكدت أن الوضع المالي يمكن أن يتحسن بوتيرة أسرع وخاصة إذا ما أنجزت المشاريع الاستثمارية الضخمة القائمة وفق جداولها.
وقال التقرير إن البنوك في الدولة تتأقلم مع المناخ الاقتصادي السائد وسط أسعار نفطية منخفضة. مضيفاً أن البنوك تبقى قوية محتفظة بسيولة جيدة، مع مخصصات مستقرة.
وشدد الصندوق على ضرورة استمرار صناع القرار في مراقبة معايير الإقراض ومخاطر التركيز، والتطبيق الصارم لتلك المعايير.
وأشاد الصندوق بخطط المصرف المركزي لتعزيز الإطار الإشرافي والرقابي على البنوك. كما رحبت بعثة الصندوق بإطلاق البنك المركزي لمعايير كفاية الرساميل وفق بازل 3 في مارس 2017.
كما رحبت بعثة الصندوق بالتقدم المحقق في تعزيز الإطار القانوني لمحاربة غسيل الأموال والتصدي لتمويل الإرهاب.
التنوع الاقتصادي
وفي إطار التكيف مع انخفاض أسعار البترول، قال التقرير إن الجهات المعنية في الإمارات مستمرة في اتخاذ الإجراءات الكفيلة بتنويع الاقتصاد وتعزيز الكفاءة الإنتاجية والتنافسية.
وتحتل الإمارات حالياً مراكز متقدمة في المؤشرات العالمية للممارسة الأعمال والتنافسية.
وفي سبيل إضفاء مزيد من القوة على المناخ الاقتصادي صدر قانون الإفلاس في ديسمبر الماضي. وأسست الدول صندوق الابتكار بقيمة 2 مليار درهم لتوفير التمويل لرواد الأعمال بأسعار دعم وضمان حصولهم على القروض من البنوك.
قال التقرير إن وضع الإحصائيات الاقتصادية بموازاة المستوى العالي للإمارات من التطور الاقتصادي سيسهل تحليل السياسة وصناعة القرار وتعزيز المصداقية. ولقد حققت الجهات المعنية المحلية والاتحادية تقدما جوهريا في جمع البينات وخاصة في مجال الإحصائيات النقدية.
الرساميل المحلية
وقال صندوق النقد الدولي في تقريره إن حسابات الرساميل والحسابات المالية مفتوحة، وإن أسواق الرساميل المحلية تعتبر من الأكثر تطورا في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. مضيفا أن التدفق الرأسمالي إلى الداخل يهيمن عليه استثمار أجنبي مباشر مستقر، وتدفقات إلى القطاع المصرفي (معظمها متوسطة الأجل) وإصدارات دين خارجية، بينما تهيمن على التدفقات إلى الخارج الائتمان التجاري والمحافظ الاستثمارية.
وأكد التقرير أن المخاطر العكسية في التدفقات المالية الداخلة إلى البنوك تخففها مكانة الإمارات الدائمة كملاذ آمن، فيما تستمر الجهود لجذب مزيد من الاستثمار الأجنبي المباشر.
وذكر التقرير أن الإصلاحات السعرية فعالة حيث إنها تقلص استخدام المنتجات المستهلكة للطاقة علاوة على تعزيز فاعلية الطاقة وزيادة الإيرادات. مضيفاً أن الجهود المستمرة لزيادة فاعلية استخدام الطاقة وتقليص كثافة الكربون من واردات الطاقة والاستهلاك حاجة مطلوبة لوفاء الجهات المعنية بالأهداف المحددة في خطة الإمارات للطاقة 2050.
أسواق
ذكر تقرير صندوق النقد الدولي الخاص بالإمارات إن الدولة قطعت شوطاً بعيداً في تطوير أسواقها المالية خلال العقود الماضية. وأضاف: لقد أصبح تطور أسواق الرساميل أكثر أهمية في مناخ ما بعد البترول، لتنويع مصادر التمويل الحكومية والشركات وتعزيز النمو الاقتصادي والتنوع.
وأشار التقرير إلى إن أسعار البترول استقرت عند حوالي ذروتها في 2014 تقريباً ويتوقع أن تحافظ على استقرارها عند هذا المستوى في المدى المتوسط.
أضف تعليق