اخبار

“صندوق النقد العربي”: الاقتصاد العالمي لم يسجل تعافيا ملحوظا خلال عام 2015

أكد معالي الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله الحميدي المدير العام رئيس مجلس الإدارة – صندوق النقد العربي أنه في ضوء أثر الانخفاض في أسعار النفط على آفاق النمو للدول العربية المصدرة له حرصت هذه الدول على مواصلة استراتيجياتها الهادفة إلى دعم نمو القطاعات غير النفطية وتبني زيادة مستويات التنويع الاقتصادي من خلال سياسات مالية معاكسة للدورة الاقتصادية لتجنب التقلبات الحادة في النشاط الاقتصادي .

وقال إن مواصلة الاستثمار في مشاريع البنية التحتية والمضي قدما في تنفيذ عدد من الإصلاحات الهيكلية الضرورية التي تساهم في دعم وتيرة النمو وحفز النشاط الاقتصادي سيساعد على التخفيف من آثار التقلبات في الدورة الاقتصادية ويعزز من قدرة وكفاءة اقتصادات هذه الدول على التحرك باتجاه تحقيق النمو الشامل المستدام.

وأوضح الحميدي في كلمته في اجتماع مجلس محافظي المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية الذي عقد اليوم بالقاهرة أن الاقتصاد العالمي لم يسجل تعافيا ملحوظا خلال عام 2015 بخلاف ما كان متوقعا له في بداية العام بما يعكس الأداء غير المتوقع لبعض الاقتصادات المتقدمة إضافة إلى تراجع وتيرة النمو في بعض الدول النامية واقتصادات الأسواق الناشئة وذلك على الرغم من الأثر التحفيزي الناتج عن استمرار السياسات النقدية التيسيرية وتراجع الأسعار العالمية للطاقة .

وأضاف في بيان وزعه صندوق النقد العربي من مقره في أبوظبي إنه لا تزال جهود ومساعي دولنا العربية على صعيد استعادة مسار التنمية والارتقاء بمعدلات النمو الشامل القابل للاستمرار تواجه تحديات في ظل التطورات والمستجدات السياسية والاقتصادية الإقليمية والدولية .. لافتا الى أنه الى جانب تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي والنمو المحدود لحجم التجارة الدولية فإن الظروف الإقليمية التي تواجه بعض الدول العربية وانخفاض الأسعار العالمية للنفط تزيد من التحديات التي تواجه الاقتصادات العربية ومن شأن تلك التطورات أن تؤثر على وتيرة النمو في عدد من الدول العربية وتنعكس على قدرتها على حفز مستويات الطلب المحلي وتوفير المزيد من الوظائف .

وقال إن الإصلاحات الاقتصادية المنفذة إلى جانب الانخفاض في الأسعار العالمية للنفط ستساهم في تخفيف حدة الاختلالات في الدول العربية المستوردة للنفط .. مؤكدا أن تعزيز فرص آفاق النمو لدى هذه الدول يرتبط بمواصلة الإصلاحات الهيكلية لتحسين بيئة الأعمال بما يشجع على جذب المزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية ويعمل على زيادة مستويات الإنتاجية والتنافسية .

ولفت المدير العام لصندوق النقد العربي الى أن تقديرات صندوق النقد العربي تشير إلى أن الاقتصادات العربية ستحقق معدل نمو يبلغ / 2.8 / في المائة عن العام الجاري 2015 لترتفع إلى / 3.5 / في المائة عن العام القادم 2016 بالاستفادة من التحسن المتوقع لآفاق النمو في كل من الاقتصادات المتقدمة واقتصادات الأسواق الناشئة .. إلا أنه مما لا شك فيه أن وتيرة النمو الحالية لا تزال دون المستوى الذي يمكن دولنا العربية من تحقيق تقدم على صعيد خفض معدلات البطالة والفقر حيث لا يزال ارتفاع معدلات بطالة الشباب يمثل أحد أهم التحديات الاقتصادية التي تواجه المنطقة العربية التي تسجل أعلى معدل لبطالة الشباب على مستوى العالم .

وأضاف إن دولنا العربية ما زالت بحاجة إلى بذل المزيد من الجهود لتعزيز مساهمة القطاع الخاص في توليد الناتج وخلق فرص العمل في بيئة دولية وإقليمية تشهد الكثير من التحديات وهو ما يتطلب من دولنا التركيز بشكل أكبر على خلق بيئة أعمال مواتية قادرة على جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية إضافة إلى مواصلة جهود تحسين الوصول للتمويل والخدمات المالية .

وأكد أنه إدراكا لأهمية التحديات السابقة وانطلاقا من حرص صندوق النقد العربي على تقديم كافة أشكال الدعم للدول العربية عمل الصندوق على تطوير استراتيجية للخمس سنوات المقبلة بما يأخذ بعين الاعتبار التغيرات في الاحتياجات الراهنة والمستقبلية والأولويات الاقتصادية للدول العربية .. تقوم استراتيجية الصندوق على العمل في إطار ثلاث توجهات أو ركائز اساسية تتمثل في تعزيز فرص النمو الشامل القابل للاستمرار للاقتصادات العربية وتقوية التعاون والتكامل الاقتصادي والمالي والنقدي العربي والعمل على إرساء مقومات مؤسسات اقتصادية ومالية أكثر كفاءة وحوكمة في الدول الأعضاء .

وقال إن الأهداف الاستراتيجية تنظوي على عدد من الأنشطة والبرامج ومحاور العمل تشمل تطوير التسهيلات الإقراضية وتوسيع أنشطة المعونة الفنية لدعم فرص تحقيق الاستقرار الاقتصادي والمالي .. مؤكدا أن الصندوق سيولي اهتماما خاصا بقضايا تعزيز الشمول المالي وتطوير أسواق التمويل المحلية وتقوية البنية التحتية للقطاع المالي بما يساهم في تقوية فرص وصول المشروعات الصغيرة والمتوسطة للخدمات المالية .. كما سيعمل الصندوق على تطوير القدرات التحليلية والنشاط البحثي عبر إطلاق مجموعة من التقارير الدورية وتطوير الإحصاءات الاقتصادية والمالية المتاحة إلى جانب تنمية وتكثيف برامج وأنشطة التدريب وبناء القدرات إلى جانب تنشيط دوره كأمانة لمجلس محافظي المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية ومجلس وزراء المالية العرب بما يؤدي إلى تطوير أنشطة هذين المجلسين واللجان وفرق العمل المنبثقة عنهما .. موضحا أن الصندوق سيسعى إلى تعزيز برامج ومبادرات دعم التكامل الاقتصادي والمالي والنقدي العربي .
 
ووجه الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله الحميدي خالص الشكر والتقدير لدولة الإمارات العربية المتحدة دولة مقر صندوق النقد العربي على توفيرها لجميع التسهيلات التي تساعد بدون شك في قيام الصندوق بالمهام المنوطة به.

وتقدم بخالص الشكر والامتنان إلى جمهورية مصر العربية رئيسا وحكومة وشعبا على استضافة هذا الحدث العربي الاقتصادي الهام .. كما تقدم بخالص التقدير والعرفان لمعالي هشام رامز محافظ البنك المركزي المصري على مبادرته الكريمة في الدعوة إلى استضافة الاجتماع وعلى مساهماته الجليلة في أعمال المجلس ولزملائه في البنك المركزي المصري على تعاونهم وجهودهم في الإعداد والتنظيم لضمان نجاح هذه المناسبة المهمة .

وينظم صندوق النقد العربي يوم الأحد المقبل بالقاهرة اجتماع مجلس محافظي المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية في دورته التاسعة والثلاثين .. وتجدر الإشارة إلى أن صندوق النقد العربي يتولى مهام أمانة المجلس منذ عام 1980.

ويشارك في أعمال الدورة التي سيترأسها معالي هشام رامز محافظ البنك المركزي المصري محافظو المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية ويحضر بصفة مراقب المدراء التنفيذيون العرب في كل من صندوق النقد والبنك الدوليين إضافة إلى اتحاد المصارف العربية واتحاد هيئات الأوراق المالية العربية.

ويتضمن جدول أعمال الدورة عددا من الموضوعات الهامة التي تشمل مناقشة التطورات الاقتصادية والمالية الإقليمية والدولية بحضور كبار المسؤولين من صندوق النقد الدولي وتقرير أمانة المجلس يقدمه معالي الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله الحميدي مدير عام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي ومسودة التقرير الاقتصادي العربي الموحد الصادر هذا العام 2015 وتوصيات الاجتماعين الرابع والعشرين والخامس والعشرين للجنة العربية للرقابة المصرفية وتوصيات الاجتماع الحادي عشر للجنة العربية لنظم الدفع والتسوية إلى جانب تقرير حول أعمال فريق العمل الإقليمي لتعزيز الشمول المالي في الدول العربية وتقرير حول أعمال فريق الاستقرار المالي .. إضافة إلى ذلك يشمل جدول الأعمال مناقشة سبل تطوير نظم الاستعلام الائتماني وتعزيز التنسيق وتبادل الخبرات في هذا الشأن.

وسيناقش المجلس في إطار هذه البنود عددا من الموضوعات وأوراق العمل والتقارير تتناول “التعامل مع مخاطر التعرضات الكبيرة وتجارب الدول العربية” و”متطلبات رأس المال الإضافي للحد من مخاطر التقلبات في دورات الأعمال ومنح الائتمان” و”دور سياسات الرقابة الاحترازية الكلية في دعم الاستقرار المالي للدول العربية” و”المستجدات الرقابية في مكافحة عمليات غسل الأموال وتمويل الإرهاب وأهمية الاستعداد للجولة الثانية من عملية التقييم المتبادل” و”احتياجات الارتقاء بنظم الدفع صغيرة القيمة”.

كما تشمل الموضوعات والأوراق “متطلبات تبني استراتيجية وطنية شاملة لتعزيز الشمول المالي في الدول العربية” و”العلاقة المتداخلة بين الاستقرار المالي والشمول المالي” إضافة إلى “التقرير الشامل حول أوضاع نظم الاستعلام الائتماني في الدول العربية” الذي أعده صندوق النقد العربي بالتعاون مع مؤسسة التمويل الدولية .

و يناقش المجلس أيضا تقرير المتابعة حول مشروع إنشاء نظام إقليمي لمقاصة وتسوية المدفوعات العربية البينية وتوصية اللجنة الفرعية المعنية بالمشروع .. ومناقشة التعامل مع الإجراءات الأخيرة للبنوك المراسلة العالمية في إعادة تقييمها للمخاطر وعلاقاتها مع المصارف العربية حيث سيتداول المجلس في السياسات والإجراءات للتعامل مع تداعيات إجراءات البنوك المراسلة سواء على صعيد السلطات الإشرافية أو المؤسسات المصرفية العربية .. اضافة الى مناقشة مسودة الخطاب العربي الموحد لعام 2015 الذي ستقدمه المجموعة العربية في الاجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين التي ستعقد في مدينة ليما خلال شهر أكتوبر القادم .