فى محاولة لاستقراء خارطة النفط المستقبلية يتلقف المهتمين بالسوق العناوين الرئيسية والتصريحات التى تتدفق من منتدى الطاقة الدولى فى الهند ثالث أكبر مستهلك للنفط الخام .رسائل المشاركين فى الحدث الوزاري الدولى حملت الكثير من القلق بشأن الإمدادات وبعضاً من إشارات الطمأنينة
وقال وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية السعودي خالد الفالح بأن وضع الإمدادات المستقبلية لعدد من مصادر الطاقة غير مطمئن، خاصة النفط الخام.
واضاف إن الاستثمارات في قطاع النفط لا تواكب وتيرة الطلب العالمي على الوقود.لكن الفالح ذكر أنه يشعر بالطمأنينة من استمرار نحو 25 دولة منتجة للنفط في التزامها بالحفاظ على استقرار سوق الخام.
فى حين يأمل وزير الطاقة الإماراتي سهيل بن محمد المزروعي فى أن تستعيد سوق النفط العالمية توازنها في العام الحالي.
وقال المزروعي، الذي تتولى بلاده رئاسة أوبك حاليا، على هامش منتدى الطاقة العالمي في نيودلهي “لم نصل بعد إلى تلك المرحلة، لكن استعادة التوازن تجري بوتيرة أسرع. سنشهد استعادة التوازن هذا العام”. وأضاف قائلا “استعادة التوازن تسير على خير ما يرام، وبشكل أفضل من التوقعات، ونحن متفائلون بهذا التصحيح”.
وذكر المزروعي، الذي تتولى بلاده رئاسة أوبك حاليا، أن اجتماع لجنة المراقبة الوزارية الأسبوع القادم لن يعدل المقاييس المستخدمة في تقييم نجاح الاتفاق العالمي لتخفيضات إمدادات النفط.
وتزامن مع الاجتماع الوزاري السادس عشر لمنتدى الطاقة الدولي قفزة بأسعار النفط العالمية، والتى رفعت المكاسب الكبيرة التي حققتها في الجلسة السابقة حيث تترقب الأسواق تصعيد التوتر في الشرق الأوسط بعدما حذرت المنظمة الأوروبية للسلامة الجوية “يوروكونترول”، من ضربات جوية محتملة في سوريا خلال 72 ساعة. وارتفع خام القياس العالمي مزيج برنت إلى 71.09 دولار للبرميل بزيادة نسبتها سبعة في المئة عن آخر إغلاق له.
وصعد برنت أكثر من ثلاثة بالمئة الثلاثاء ليصل إلى أعلى مستوى له منذ أواخر 2014، عندما سجل 71.34 دولار. وسجل خام القياس الأميركي غرب تكساس الوسيط 65.63 دولار للبرميل، ليرتفع 12 في المئة عن آخر تسوية.
بعض المحللين قللوا من شأن الارتفاعات بالسوق ،وقالوا إنه لا يمكن الرهان على استمرار ارتفاع أسعار النفط خلال 2018 ويجزمون أن النفط الصخري سينمو بشكل كبير هذا العام ويؤدي إلى فائض كبير في السوق، ويقوض جهود منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفائها لإعادة التوازن للسوق النفطية.
وهناك فريق من المحللين والمشغلين والمنتجين يرون العكس، وأن النفط الصخري لن ينمو هذا العام بأعلى من الكمية المتوقعة التي ستتماشى مع كمية النمو في الطلب العالمي على النفط.
إدارة معلومات الطاقة مستمرة فى رفع أرقامها حول إنتاج النفط الصخري
و ارتفع إنتاج الولايات المتحدة الامريكية من النفط الصخرى خلال شهر يناير الماضى بحوالى 199 ألف برميل يوميا بنسبة تصل إلى حوالى 3.1% مقارنة بمستويات شهر ديسمبر ليسجل 6.537 مليون برميل يوميا.
ويصل إجمالى إنتاج الولايات المتحدة الأمريكية من النفط الخام إلى 10.25 ملايين برميل يوميا، وهو ما يعد بذلك أعلى رقم قياسى على الإطلاق فى تاريخ الولايات المتحدة، ويعود الفضل فى ذلك إلى إنتاجها المتزايد من النفط الصخرى، وهو ما يضيعها فى المرتبة الثانية عالميا متفوقة على السعودية . التى يصل إنتاجها إلى نحو 9.92 ملايين برميل يوميا.
وبهذا المعدل تكون أمريكا تجاوزت المستوى القياسى الذى بلغته فى نوفمبر 1970، إذ بلغ إنتاجها اليومى وقتها 10.04 ملايين برميل.
وتستفيد الولايات المتحدة الامريكية من اتفاق خفض إنتاج النفط العالمى الذى تقوده منظمة الدول المصدرة للبترول الأوبك وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، بالتعاون مع عدد من المنتجين المستقلين وعلى رأسها روسيا لتخفيض الغنتاج النفضى بنحو 1.8 مليون برميل يوميا منذ يناير 2017 وحتى نهاية 2018.
الارتفاع الذى وصله إنتاج النفط الصخرى فى الولايات المتحدة خلال شهر يناير يشكل ارتفاعا بنحو 1.3 مليون برميل يوميا بالمقارنة مع شهر يناير 2017، وذلك بحسب تقرير إحصائى عن تطوارات إنتاج النفط العالمية الصادر عن الأوابك خلال شهر مارس الماضى.
ومع تواصل نمو الإنتاج النفطى الصخرى الأمريكى فإن ذلك يتطلب نموا فى عدد الحفارات العاملة خلال شهر يناير الذى وصل إلى 820 حفارة، وهو مستوى مرتفع عن ديسمبر الماضى بنحو 9 حفارات، ومرتفع بنحو 238 حفارة بالمقارنة مع يناير 2017 .
وتزيد التوقعات أن يرتفع إنتاج النفط الخام الأمريكى إلى 10.59 ملايين برميل يوميا فى 2018، و11.2 مليون برميل يوميا خلال 2019.
وعلى الرغم من المستوى المتزايد فى إجمالى الإنتاج النفطى فإن ذلك يقابله أيضا ارتفاعا فى واردات أمريكا من النفط الخام حيث سجل خلال شهر ديسمبر الماضى نحو 7.8 مليون برميل يوميا بزيادة تقدر بنحو 170 ألف برميل بنسبة تصل 2.2 عن مستوياتها فى شهر نوفمبر الماضى، لكن ذلك المستوى يزيد بحوالى 208 ألف برميل يوميا ما يمثل نسبة 10.5% عن واردتها من النفط الخام خلال ديسمبر 2016 .
وارتفعت صادرات امريكا أيضا من النفط الخام خلال ديسمبر 2017 بحوالى 157 ألف برميل يوميا لتبلغ نحو 1.4 مليون برميل .وانخفضت صادراتها من المنتجات النفطية بحوالى 259 ألف برميل يوميا لتبلغ 5.1 مليون برميل يوميا
وتعتمد الولايات المتحدة على 3 مصادر واردتها من النفط ياتى على رأسهم كندا بنسبة 43% ثم المكسيك بنسبة 10.3% ثم السعودية 10% ، واستحوذت باقى الدول الاعضاء فى اوبك على نسبة 37% من إجمالى واردات المفط الخام للولايات المتحدة الامريكية .
فى ظل تضارب الآراء كيف ترى أوبك مستقبل النفط ؟
انضمت أوبك وربما تكون قد استسلمت للتقديرات العالية الرائجة في الصناعة، حيث كانت تقديراتها هي الأقل دائماً فيما يتعلق بنمو النفط الصخري والمعروض من خارج أوبك هذا العام.
ورفعت أوبك توقعاتها للمعروض النفطي من المنتجين غير الأعضاء بالمنظمة في 2018 بينما يشجع ارتفاع الأسعار منتجي النفط الصخري الأميركيين على ضخ المزيد من الخام، وهو ما يضعف أثر اتفاق تقوده المنظمة لتصريف تخمة المعروض مع انهيار في الإنتاج الفنزويلي.
وقالت المنظمة في تقريرها الشهري فى مارس الماضى إن المنتجين غير الأعضاء سيزيدون المعروض 1.66 مليون برميل يوميا هذا العام، فيما قدرت أوبك نمو الطلب هذا العام بنحو 1.6 مليون برميل يومياً، مما يعني أن الإنتاج من خارج أوبك سيكون أعلى من الطلب العالمي.
وتشير هذه الأرقام إلى فائض في السوق؛ ما لم تتصرف أوبك أو تتغير الأساسيات وتصبح أقوى مما هي عليه الآن.
وقالت أوبك عن توقعاتها للمعروض من المنتجين خارجها: «بالنسبة لعام 2018 فإن نموا أعلى متوقع في ضوء الزيادة المنتظرة في الإنتاج الصخري الأميركي إثر تحسن بيئة الأسعار، ليس لمنتجي النفط الصخري فحسب، بل لدول أخرى أيضا مثل كندا والمملكة المتحدة والبرازيل والصين».
هل هناك مجال لتحقيق التوازن بالسوق ؟
حتى في ظل النفط الصخري فإن السوق يتجه إلى التوازن»، علق وزير الطاقة القطرى محمد السادة , لافتا الى ان إنتاج النفط الصخري الأميركي، الذي بلغ مستوى قياسيا، جرى استيعابه بالكامل تقريبا بفعل زيادات الطلب، لكن الاستثمارات في أماكن أخرى لا تسجل نموا.
وأضاف أن نحو 6.5 ملايين برميل يوميا من إنتاج النفط الصخري الأميركي أصبح جزءا مكملا لمحفظة الإمدادات العالمية، وان الطلب قد يستوعب حتى المزيد في الوقت الذي ينخفض فيه الإنتاج في أماكن مثل فنزويلا والمكسيك وكولومبيا والصين.
ولمحت روسيا إلى أن «أوبك» قد تبدأ دراسة الخروج من التخفيضات عاجلا وليس آجلا، لتجنب إعطاء دفعة أكبر من اللازم لإنتاج النفط الصخري الأميركي.
وكانت السعودية، أكبر منتج في «أوبك»، قالت إنه قد يتقرر تمديد التخفيضات بصورة أو بأخرى إلى 2019، وإن الرياض وموسكو تدرسان اتفاقا لتمديد تحالفهما قصير الأمد لخفض إنتاج النفط إلى مدة تصل إلى 10 أو 20 عاما.
وقال السادة إنه يدعم فكرة التعاون بين أوبك والمنتجين من خارج المنظمة في الأمد الطويل، مضيفا: «المنصة يجب أن تبقى. هذا في مصلحة الجميع. أما الاتفاق على قيود الإنتاج فمسألة أخرى».
أضف تعليق