أصحاب المعالي والسعادة، السيدات والسادة، الحضور الكريم،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
- أُحييكم جميعاً، وأُرحب بكافة ضيوف هذا الملتقى، والوفود القادمين من خارج دولة الإمارات، مُتمنياً للجميع طيب الإقامة بيننا. إنسوق أبوظبي العالمي, المركز المالي الدولي في عاصمة دولة الإمارات له كل الشرف بأن يكون مشاركاً في الدورة السابعة من “ملتقى الاستثمار السنوي”، والنسخة الأولى من منتدى “AIM Startup” للشركات الناشئة المقامة بالتزامن مع هذا الملتقى. إننا جميعاً في هذه القاعة اليوم، نُمثل القِطاعات المختلفة للمجتمع الاستثماري، فنجد بيننا قيادات استثمارية عالمية، وهيئات تنظيمية ورقابية، وصُناع قرار، ووسطاء استثماريين، ومُدراء أصول، ومُصدري الاستثمار، ومستثمرين ومهنيين عاملين في القطاع المالي والاستثماري.
- إن شِعار الملتقى هذا العام هو انعكاسٌ واضح للواقع الجِيوسياسي والاقتصادي الذي شهِدناه خلال العام الماضي. وهاهي بدايات عام 2017 حملت حتى الآن استقرارً أكبر للأسواق العالمية، ما يجعلُنا نتوقع حدوث انتعاشٍ دوري في الاقتصادات الكبرى هذا العام. وعلى الرغم من التقلبات والتحديات الاقتصادية على المدى القصير، فإننا نتواجد بشكلٍ استراتيجي في وسط منطقة ذات أهمية بالغة، واقتصادات متنامية تُشكل أحد مُحركات دفع النمو العالمي.
- إن الأسواق الناشئة باتت تُمثل اليوم أقل من 20% من الأصول المالية العالمية، ولكنها تُمثل كذلك 40% من قيمة الناتج المحلي الإجمالي العالمي. ومن المُتوقع أن تُشكل الدول النامية بحلول عام 2050، حوالي 60% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي مع تزايد مجالات النمو في مناطق آسيا وأفريقيا.
- وهنا يجب علينا جميعاً أن نتساءل عن كيفية قيام كل شخص منا بالدور المطلوب منه، لتحديد الفرص المُتاحة، وتوجيه الموارد، والابتكارات، والاستثمارات نحو الاقتصادات القادِرة على مواصلة المُساهمة الحقيقة في نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي.
- إن نجاح دولة الإمارات العربية المتحدة كمركز اقتصادي رئيس في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وحلقة وصل هامة للتجارة العالمية بين الشرق والغرب، يرجع لعدة عوامل متكاملة تشمل توفّر القيادة الرشيدة، والاستقرار السياسي، والأنظمة والتشريعات المالية العالمية، ودعم مجالات الابتكار، والبنية التحتية المتطورة وغيرها من العوامل الأخرى. واستكمالاً للنجاح الذي حققته الدولة على الصعيد الاقتصادي، فإن من واجبنا مساعدة المستثمرين الأجانب، والقطاعات المحلية على تحقيق التواصل الفعال بين المجالات التجارية والاستثمارية والتطويرية. وبِلا شك، فإن الاستثمار الأجنبي المباشر شكل بالفعل حافزاً كبيراً، وأحد العوامل الرئيسة لتعزيز النمو الاقتصادي.
- ونحن نفخر في دولة الإمارات، بِنجاحنا خلال مسيرتنا لبناء مستقبل مستدام، في تحقيق العديد من الابتكارات الجديدة والريادية، سواءً في قطاع إنتاج الطاقة النظيفة، أو المركبات ذات كفاءة استهلاك الوقود، أو استخدام الطاقة الشمسية، وُصولاً للإنجازات الطبية وغيرها من مجالات الابتكار والصناعة التي تحمل شعار “صُنع في الإمارات”. وتُواصل قيادتنا الرشيدة في الدولة، التركيز على مجالات التنويع الاقتصادي، ودعم الكفاءات المواطنة، وتطوير قطاع الخدمات المالية، ودعم وتشجيع الابتكار وريادة الأعمال في كافة القطاعات بهدف تحقيق الأهداف التنموية الطموحة للدولة على المدى البعيد، وضمان استدامة رفاهية وسعادة الشعب الإماراتي.
- وفي إطار تعزيز هذا التوجه، أتى تأسيس سوق أبوظبي العالمي بموجب قانون اتحادي، لدعم النمو الاقتصادي على المدى الطويل لأبوظبي ودولة الإمارات. ويعمل السوق من مُنطلق مكانته كمركز مالي دولي، على توفير منصة عالمية متكاملة وفعالة تُساهم في تشكيل فرص الأعمال، وتستقطِب الاستثمارات المستدامة لأسواقنا المحلية.
- وعمل سوق أبوظبي العالمي على تأسيس مجتمع حيوي، وبيئة مُتكاملة ومُنظمة، تتمتع بكافة الخدمات المميزة، وتُلبي جميع متطلبات الأعمال، بهدف مساعدة المؤسسات المحلية على إدارة أعمالهم من داخل الإمارات عِوضاً عن المراكز المالية الخارجية حول العالم. فنحن نُمكّن المؤسسات المالية الإقليميةمن ممارسة العمل انطلاقاً من منصتنا المتكاملة، كما نُشجّع المؤسسات العالمية على دعم خُططهم التواصلية مع عملائهم، وتعزيز استراتيجياتهم التوسعية من خلال العمل في أبوظبي لخدمة المنطقة وما يليها.
- ونجح سوق أبوظبي العالمي مُنذ أن فتح أبوابه رسمياً لمزاولة الأعمال في أكتوبر من عام 2015، في التأثير بفاعِلية على حيوية السوق المحلي، عبر إطلاق مبادراتٍ جديدة، وتعزيز جاذبية أبوظبي كمِنصة لخدمة أسواق المنطقة والعالم. فقد أطلقنا أول نظام خاص لصناديق الاستثمار العقاري، كما سجلنا أحد أسرع معدلات تأسيس الصناديق الاستثمارية في المنطقة خلال عامنا الأول بتسجيل 8 صناديق استثمارية.
- وشملت مبادراتنا قطاعات متعددة، فعلى سبيل المثال قامتشركتي “الاتحاد للطيران” و”ناتكسيس” خلال يناير الماضي، باستكمال صفقة تمويل طائرتي إيرباص “إي 380” مملوكتين لشركة أغراض خاصة مؤسسة في سوق أبوظبي العالمي، حيث أثبتت هذه الصفقة قدرة السوق على تلبية الاحتياجات التمويلية لقطاع الطيران، وتمكين الشركات من الاعتماد المستمر على المنصة المتكاملة لسوق أبوظبي العالمي لتعزيز وتوسيع حضورهم العالمي، والاستفادة من سعي أبوظبي لتصبح مركزاً اقليمياً لتمويل قطاع الطيران وإدارة الأصول.
- ونجحنا عبر توفير هياكل شاملة للصناديق الاستثمارية، وأدوات استثمارية مبتكرة، في تمكين المؤسسات المحلية والعالمية من مُمارسة أنشطتها المُحددة في الدولة، والتي كانت تُمارسها سابقاً في الخارج، ومنح الشركات التي تتخذ من الإمارات مقراً لها ميزة ممارسة أعمالها داخل الوطن. كما بلغت قائمة الشركات المُسجلة في السوق لدينا حتى اليوم أكثر من 320 شركة تُمارس مجالاتٍ واسعة من الأنشطة المالية والغير المالية، بالرغم من الظروف المتقلبة للأسواق، وتوجّه العديد من الشركات نحو دمج الأعمال والأصول. ونحن نتطلع لكل الانجازات التي حققناها حتى الآن كمُجرد بِداية فقط لمسيرة جعل أبوظبي أحد أبرز المراكز المالية في العالم.
- إننا نتفهم ضرورة أن نكون مُستعدين للمستقبل، من خلال العمل المستمر على تعزيز أُسس وقيم عملنا، وتبني ممارسات التطوير المستدام. فنحن اليوم نقِف على أعتاب الثورة الصناعية الرابعة، حيث سرعة تحقق الانجازات باتت غير مسبوقة، الأمر الذي يتحدى نماذج العمل الحالية، والوظائف في الأسواق، ووتيرة اقتصاداتنا المحلية والعالمية.
- وبالحديث عن امكانيات التقنيات الحديثة والتكنولوجيا المالية وتأثيرهما على اقتصادنا، فقد قمنا في نوفمبر الماضي بإطلاق مبادرة “المختبر التنظيمي” للتكنولوجيا المالية، ليكون إطار تنظيمي متكامل، ومبادرة فريدة من نوعها في المنطقة تدعم وتمُكن تطوير أنشطة التكنولوجيا المالية في أبوظبي ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فنحن نعي تماماً أهمية ومزايا تطوير بيئة عمل حيوية وشاملة للمساهمة في إنجاح وتشجيع نمو وازدهار مختلف مجالات الابتكار.
- واسعدنا تلقي العديد من طلبات المشاركة في “المختبر التنظيمي” من جانب شركات محلية ومن مختلف أنحاء العالم، مثل سنغافورة، والولايات المتحدة الأمريكية، والمملكة المتحدة.
- ومن مُنطلق مواطنتنا العالمية، وبما يتماشى مع رؤية قيادتنا الرشيدة، وتوجيهات مجلس إدارتنا والتزامنا الراسخ، سنواصل العمل الوثيق والتعاون المستمر مع كافة الشركاء والأطراف المعنية الاستراتيجية محلياً وعالمياً، لتعزيز تنافسية واستدامة اقتصادنا الوطني.
- ونحن إذ نسعى دوماً لتوطيد شراكاتنا ومجالات تعاوُننا مع نُظرائِنا من الاقتصادات الطموحة والريادية، فإننا نتطلع لهذا الملتقى كمنصة لِبناء صداقاتٍ جديدة، وخلق فرص تعاون وشراكة مثمرة ومميزة.
- أتمنى لكم جميعاً تحقيق الفائدة المرجوة من هذا الملتقى، ودوام التوفيق والسداد في مختلف أعمالكم.
شكراً جزيلاً
أضف تعليق