الإمارات :صناعة الأدوية رافد رئيسي لسياسة التنويع
تحديات تواجه تطوير الصناعة عربيا
تعد صناعة الدواء في العالم مربحة جدًا وتأتي بعد تجارة السلاح مباشرة حيث يبلغ حجمها ما بين 750 إلى ترليون دولار حسب تقديرات مختلفة، حيث بلغت حصة أكبر عشر شركات عقاقير طبية في العالم من هذه المبيعات ما يقرب من 429 مليار دولار ومن بينها خمس شركات أمريكية، والمنطقة العربية تعد من أكبر أسواق المنطقة استهلاكًا في العالم وتطمح كبرى شركات الأدوية دومًا إلى الاستثمار في هذا القطاع في العالم العربي سواء من خلال تأسيس فروع لشركاتها الأم في المنطقة أو بالاستحواذ على شركات وطنية،
حجم السوق
يبلغ حجم مبيعات سوق الدواء في العالم قرابة الترليون دولار تستحوذ الشركات الأمريكية على 30% منها والشركات الأوروبية على 30% واليابانية على 21% والباقي موزع على بقية دول العالم.
تؤكد التقارير أن 65% إلى 80% من الأدوية هي مستوردة من الخارج بينما الباقي تصنع في المصانع العربية وحتى التي تصنع في المصانع الوطنية تكون المادة الخام مستوردة، لذا فإن أسعار الدواء دائمًا ما تكون تحت رحمة الشركات العالمية وتقلبات أسعار الصرف، فما إن يرتفع سعر صرف اليورو أو الدولار أمام العملات العربية حتى ترتفع معه تكاليف تصنيع الدواء وينعكس بشكل مباشر على ثمنه في الأسواق.
وتعد الإمارات أكثر دول الخليج استهلاكًا للدواء وتعرف أسعار الأدوية في الخليج بأنها “ملتهبة” ويعود ذلك لقلة عدد مصانع تصنيع الأدوية في المنطقة مقارنة بحجم الاستهلاك، كما أن عملات الخليج مرتبطة بالدولار لذا فالأسعار مرهونة بسعر الصرف، وتستورد دول الخليج ما نسبته 80% من الأدوية من أوروبا، ويشتكي سكان الخليج من ارتفاع أسعار الأدوية.
تشير الأرقام أن الدول العربية تنتج ما قيمته 11 مليار دولار من الأدوية أي ما قيمته 3% من سوق الدواء في العالم، وينفق المواطن العربي نحو 40 دولارًا سنويًا على الدواء مقابل 600 دولار للفرد الأوروبي.
وبلغت قيمة سوق الأدوية في دول مجلس التعاون الخليجي 10.1 مليارات دولار في عام 2014، وتأتي السعودية على رأس دول المجلس بحجم سوق أدوية يبلغ 6.3 مليارات دولار، وتحل الإمارات ثانية، والكويت ثالثة، بحسب الساحلي.
وتصل قيمة الأدوية المستوردة في دول الخليج العربية إلى نحو 9.5 مليارات دولار سنوياً، بنسبة تصل إلى 90% من حجم الاستهلاك المحلي.
وتستورد الإمارات ما بين 85% إلى 90% من احتياجاتها الدوائية؛ حيث تشير الدراسات إلى أن واردات الدولة من الأدوية ستستمر، خصوصاً على المنتجات المبتكرة وذات القيمة المضافة العالية.
التحديات
لا تزال صناعة الدواء العربية لا ترقى لمستوى الصناعة الأجنبية، إذ تعاني من العديد من المشاكل من أهمها افتقار الوطن العربي لمراكز الأبحاث والتطوير التي من خلالها يتم تصنيع المادة الدوائية الخام واكتشاف أمصال جديدة للأمراض، والأمر الآخر الاعتماد على الأدوية الأجنبية وعدم تشجيع مصانع الأدوية الوطنية بالشكل المناسب الذي يجعلها تنافس الدواء الأجنبي وتتكامل مع مصانع عربية أخرى، فضلاً عن موجة الاحتكار والاستحواذ من مصانع الأدوية الأجنبية للمصانع العربية بهدف توسيع أسواق تصريفها في المنطقة العربية.
لذلك من الضروري وضع تشاريع خاصة بالدواء العربي يوحد آلياته ويحميه من الغزو الخارجي الذي يتمتع بكل المقومات التي تمكنه من السيطرة على مجريات السوق، كما أنه لا بد من وضع قوانين محددة لتداول الدواء الأجنبي داخل البلاد العربية فلا معنى لإغراق الأسواق العربية بالدواء الأجنبي ما يهدد صناعة الدواء العربية.
إقامة مراكز أبحاث الدواء لمجاراة التقدم العلمي في العالم وربطها بالجامعات ومصانع الأدوية ودعمها برأس المال الكافي الذي يؤهلها للقيام بدورها على أكمل وجه فهذا سيمكن مصانع الأدوية الوطنية من الاعتماد على نفسها أكثر وإنتاج دواء وطني مئة بالمئة، والجدير بالذكر أن نسبة إنفاق العالم العربي على البحوث لا تتجاوز 2% وهو ما أدى إلى تدهور أنشطة البحوث العلمية على اختلاف تخصصاتها ومجالاتها.
التجربة الإماراتية
ورغم التحديات هناك تجارب عربية تبشر بوجود عربى فى الصناعة ، وبات للإمارات اليوم مصانع للأدوية تنافس أعرق المصانع عالمياً، ورغم عمرها القصير في هذا القطاع إلا أنها استطاعت أن تحجز لها مقعداً على خريطة العالم، فعدد المصانع في الإمارات وصل ل16 مصنعاً للأدوية ، حيث ارتفع من 14 مصنعاً عام 2014 إلى 16 في 2015 يعمل لإنتاج أكثر من 1000 صنف دوائي مبتكر ومثيل.
ويتوقع الارتفاع إلى 34 مصنعاً عام 2020، وارتفع عدد الشركات العاملة في الدولة بنهاية 2015 إلى 47 شركة، مقارنة ب35 شركة عام 2014، تمثل 92% من حجم شركات الأدوية على مستوى العالم، والزيادة المطردة والنمو المتسارع في عدد المصانع الدوائية مؤشر قوي على نمو مكانتها في مجال الصناعات الدوائية، وحرص الحكومة من خلال وزارة الصحة ووقاية المجتمع والجهات الصحية على دعم الاستثمار في القطاع الدوائي، مع وجود البنية التحتية والمطارات والمناطق الحرة، إضافة إلى الدعم اللوجستي على مستوى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فضلاً عن التشريعات والأنظمة الحديثة التي تشجع على الاستثمار في هذا القطاع.
بلغت نسبة الإنفاق الدوائي من مجمل الإنفاق الصحي 18.9% بنهاية 2015، حيث قدرت بنحو 10.3 مليار درهم ومن المتوقع أن تصل إلى 14.1 مليار نهاية عام 2019.
“جلفار” للصناعات الدوائية
وتعد جلفار صرحاً دوائياً وطنياً متكاملاً، يتألف من ثلاثة عشر مصنعاً؛ منها أحد عشر مصنعاً موجوداً في مقر الشركة الرئيسي في إمارة رأس الخيمة، ويتركز إنتاجها على مستحضرات الحبوب، الكبسولات، الأمبيولات، الأمصال، المضادات الحيوية، زجاجات الشراب، القطرات، والكريمات والمراهم.
وتمتلك الشركة مصنعين الأول في إثيوبيا، وقد تم إنشاؤه سنة 2012، والآخر في بنغلاديش امتلكته الشركة في بداية 2015، كما أن لها مصنعاً قيد الإنشاء في المملكة العربية السعودية.
ساهمت شركة “جلفار” للصناعات الدوائية، في تعزيز جهود الإمارات لكسر الاحتكار العالمي لإنتاج المادة الخام للأنسولين بالتقنية الحيوية “البيتكنولوجي”، في حين تتوقع غرفة تجارة وصناعة دبي أن تجتذب الإمارة مزيداً من الاستثمارات في مجال الدواء.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة جلفار، الدكتور أيمن الساحلي، “، إن الشركة تمكنت من تصنيع 45 مليون حقنة أنسولين سنوياً، تم تصدير 90% منها، إضافة إلى تخصيص أسهم للمواطنين العاملين في الشركة بأسعار رمزية.
وأشار الساحلي إلى تجاوز إنتاج المصانع المحلية للشركة الـ7 مليارات وحدة سنوياً، مشيراً إلى أن جلفار تطرح منتجاتها من خلال 312 علامة تجارية.
وأكد المدير التنفيذي أن الشركة تمكنت من التغلب على بعض الشركات العالمية، من خلال التركيز على إنتاج مستحضرات دوائية مهمة وغير مسبوقة، مضيفاً: “بفضل مزايا الجودة تمكنت جلفار من تجاوز 50% من المنافسة”.
قطر فارما
استطاعت الشركة أن تفرض اسمها وبقوة في الأسواق الإقليمية والعالمية وأن تنافس بقوة في هذه الأسواق، وأن تحقق طفرة تصديرية كبيرة إلى دول مجلس التعاون الخليجي تحت شعار “صنع في قطر”، انطلاقًا من رؤية حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى، الرامية إلى إرساء قواعد الصناعة في قطر، لدعم عجلة التقدم والنمو لتطوير الصناعات الدوائية باعتبارها من الصناعات الإستراتيجية والقومية.
ويؤكد الدكتور أحمد السليطي رئيس مجلس إدارة شركة قطر فارما، أن هناك توجها ودراسة دقيقة لتحول شركة قطر فارما إلى شركة مساهمة عامة، موضحا أن إجراءات الإدراج والشروط اللازمة ستنتهي العام القادم، على أن يتم تحديد موعد الإدراج مع الجهات المختصة.. خاصة أنهم قطعوا الخطوة الأولى في هذا الطريق، وأضاف أن حجم رأس المال العامل في الشركة يصل حاليا إلى 245 مليون ريال، وحققت الشركة حققت نحو 65 مليون ريال كمبيعات العام الماضي، في ظل الأوضاع الاقتصادية العالمية الحالية غير المستقرة.
ويضيف السليطي: قطر فارما لديها تميز في عدة منتجات ستنافس في السوق الأوروبي، في ظل وجود منافسة في السوق المحلي من دول الخليج والدول الأوروبية، فالجودة والسعر هما ما يحددان ما يحسم هذه المنافسة، معربا عن فخره بحصول مصنع قطر للمحاليل الطبية (قطر فارما) باعتباره المصنع الوطني القطري الوحيد على شهادة المطابقة الأوروبيةEUROPEAN CONFIRMITY (CE) تحت رقم: CE – RS – 1606 – 829″، وذلك بما يسمح للمصنع بتسويق وتصدير منتجاته من محاليل الغسيل الكلوي والمستلزمات الطبية إلى كافة الدول الأوروبية.
ويقول إن الصناعة الدوائية تعتبر من الصناعات الإستراتيجية الهامة والتي تمثل أمنا قوميا لكافة الدول، وقطر فارما تعد اللبنة الأولى في الصناعات الدوائية في قطر، حيث استطاعت الشركة أن تفرض اسمها وبقوة وأن تحقق طفرة تصديرية كبيرة إلى دول مجلس التعاون الخليجي.
أضف تعليق