5أسباب تدفع النفط نحو الانهيار
بيان أوبك النهائى عكس حالة من الانقسام داخل المنظمة
رغم محاولات التمويه .. خرج بيان أوبك النهائى ليعكس حالة من الانقسام داخل المنظمة فالإشارة إلى احترام المؤتمر لكافة الأفكار التي تم طرحها وأن الدول الأعضاء يتعين عليها أن تستمر في متابعة التطورات عن كثب خلال الأشهر المقبلة. يؤكد بما لايدع مجالا للشك أن المنظمة بدأت تفقد قدرتها فى السيطرة على السوق .
الاتجاهات الحالية
إن الدول المصدرة للبترول فشلت، خلال الاجتماع نصف السنوي في فيينا يوم الجمعة المنقضي، في تحديد سقف الإنتاج. وقد تواصل النقاش لساعات طويلة بين جميع الأطراف دون التوصل لاتفاق، رغم تداعيات تدني أسعار النفط على اقتصاديات الدول المنتجة.
وكانت الدول المنتجة للبترول قد اتفقت منذ سنة 2011 على تحديد سقف الإنتاج العالمي، بـ30 مليون برميل يوميا، إلا أن الإنتاج تجاوز هذا الرقم بفائض مليوني برميل، ويمكن تفسير هذا الفائض في الإنتاج من خلال عودة إيران للسوق العالمية بعد رفع العقوبات الدولية عنها، وظهور أندونيسيا كقوة منتجة للبترول.
وفي ظل غياب أي اتفاق جديد فإن “أوبك” تكون قد أبقت رسميًا على نفس الحصص الإنتاجية الفعلية الحالية لحين اجتماع أعضائها مجددًا في شهر يونيو حزيران المقبل.
فعليا، لا يشعر أعضاء “أوبك” بأنهم مقيدون بأي اتفاقات على مستوى الإنتاج، وهو ما يعني أنهم قد يتجهون للإنتاج بقدر ما يستطيعون، مع اختلاف أسباب ودوافع كل دولة.
بالنسبة لأعضاء “أوبك” الذين يتمتعون بوضع مالي أفضل، فإن الإنتاج الكبير في الوقت الحالي يستهدف تأمين موقف تنافسي أفضل مستقبلًا.
بينما فيما يخص البلدان المتأثرة اقتصاديًا فالهدف هو توليد أكبر قدر ممكن من الدخل وبأسرع طريقة، لتجنب الاضطرابات الداخلية في الأشهر القليلة المقبلة.
تعني هذه الظروف أن أسعار النفط ستبقى منخفضة وغير مستقرة، وهو ما سيدفع المنتجين أصحاب التكلفة المرتفعة إلى الخروج من السوق مع مرور الوقت، وسيشجع على زيادة الطلب، ما سيعيد لـ”أوبك” نفوذها.
وفى حين تتمتع بعض الدول مثل السعودية والإمارات باحتياطات مالية كافية، ومصادر ثروة أخرى، وقدرة على تحمل هبوط أسعار النفط لفترات طويلة كافية لخروج الموردين غير التقليديين من سوق النفط. تشهد بعض دول “أوبك” الأخرى مثل فنزويلا زعزعة في الاستقرار، وهو ما تجاوز الآثار الاقتصادية والمالية إلى تزايد احتمالات حدوث اضطرابات سياسية واجتماعية في البلاد.تسببت هذه الرؤى المختلفة لهبوط أسعار النفط في ظهور خلافات خلال اجتماع أعضاء “أوبك” يوم الجمعة الماضي، مع تباين قدرة التعامل مع هبوط أسعار الخام بالنسبة للأعضاء.
أسباب الانهيار
تدني أسعار النفط في الفترة الأخيرة يرتبط باضطراب مؤشرات العرض والطلب، أكثر من ارتباطه بالتجاذبات الإقليمية أو المضاربات في السوق، كما ساهمت دول الخليج عموما، والمملكة السعودية خصوصا، في إقناع الدول المصدرة للنفط بالزيادة في حجم الإنتاج.
وتلعب الولايات المتحدة دورا رئيسيا في اضطراب أسعار النفط في السوق العالمية، حيث توفر مليون برميل إضافي من النفط سنويا في السوق العالمية، إلا أن دول الخليج كانت تعول على الانهيار السريع لقدرة الولايات المتحدة على توفير هذا الفائض، بسبب التكلفة المرتفعة للإنتاج الأمريكي. وكبّد تدنى الاسعار المستثمرين في مجال التنقيب عن النفط خسائر فادحة، بعد سنة من الانهيار. كما أثّر الاضطراب المربك لأسعار النفط بوضوح على عمليات التنقيب والحفر، التي تراجعت بنسبة 60 في المائة خلال الأشهر الأخيرة.
كما يعد التنافس بين الدول المنتجة للنفط، أحد الأسباب الرئيسية لانخفاض ، ويبدو هذا التنافس أكثر وضوحا بين روسيا والمملكة السعودية في منطقة أوروبا الشمالية، حيث استفادت دول مثل السويد والمجر وبولندا، من الأسعار التنافسية التي يقدمها العراق والسعودية.وساهم هذا التوجه في استفزاز روسيا التي تعتبر أوروبا الشمالية منطقة نفوذها الخاص لترويج إنتاجها من النفط والغاز، حيث قامت بدورها بخفض أسعار نفط سيبيريا.
خمسة عوامل
ويشير خبراء إلى أن هناك 5 عوامل تسيطر الآن على السوق، سوف تدفع النفط نحو المزيد من الانخفاض خلال العام المقبل نحو مستويات ما بين 25 – 35 دولار للبرميل.
- يتفوق إنتاج النفط العالمي على الطلب في أعقاب طفرة انتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة وبعد قرار منظمة الدول المصدرة للنفط (اوبك) العام الماضي بعدم خفض حصة التوريد الخاصة بهم (انظر الرسم البياني أدناه). ووفقا للتقديرات الأخيرة، ضخت أوبك نحو 31.64 مليون برميل يوميا خلال شهر أكتوبر، بالقرب من المستويات القياسية، كما أن المنتجين الرئيسيين بقيادة المملكة العربية السعودية يركزون على الدفاع عن حصتهم في السوق عن طريق الحفاظ على أعلى مستوى إنتاج.
- من المتوقع أن ترتفع إمدادات أوبك أكثر حين تبدأ ايران بتعزيز انتاج النفط الخام عندما يتم رفع العقوبات الدولية مطلع العام المقبل، بعد الاتفاق النووي الذي تم في يوليو (تموز) مع القوى الغربية الكبرى. ترغب طهران بمضاعفة صادرات النفط إلى 2.3 مليون برميل يوميا بحلول منتصف عام 2016، مما يضيف المزيد من العرض على النفط والذي دفع بالفعل بالأسعار للانهيار سابقا.
- المخاوف الكبيرة حول امدادات النفط الامريكية، على الرغم من انخفاض عدد مصافي النفط، من شأنها أن تشكل خطرا للمزيد من الهبوط للأسعار خلال العام المقبل.
ووفقا لمجموعة بيكر هيوز إنك (N:BHI) للأبحاث في هذا المجال، فقد بلغ عدد منصات التنقيب عن النفط في الولايات المتحدة خلال الأسبوع الماضي نحو 574 منصة، إذ بقي بالقرب من أدنى مستوى لعدد المنصات منذ يونيو 2010 (انظر الرسم البياني أدناه). على مدى أحد عشر أسبوع، تراجع عدد منصات التنقيب عن النفط في الولايات المتحدة بـ 101 منصات. ومن المفارقات، فإن انخفاض عدد منصات التنقيب عن النفط في الولايات المتحدة عادة ما يكون إشارة لصعود أسعار النفط حيث أنها تشير إلى انخفاض مستقبلي في الإنتاج.
ومع ذلك، فقد حافظ إنتاج النفط في الولايات المتحدة على مستوى نحو 9.0 مليون برميل يوميا خلال العام الماضي، بالقرب من أعلى مستوى له منذ أوائل عام 1970.وفي الوقت نفسه، اقترب إجمالي مخزونات النفط الخام في الولايات المتحدة إلى مستويات لم نشهدها في هذا الوقت من العام خلال ما لا يقل عن 80 سنة مضت.
- ما يضيف المزيد إلى الشعور السلبي، هي المخاوف المستمرة بشأن ضعف صحة الاقتصاد العالمي التي أججت المخاوف أن وفرة الإمدادات العالمية قد تبقى عند هذه المستويات لفترة أطول مما كان متوقعا.
والمخاوف المتزايدة حول مدى سلامة الاقتصاد الصيني الذي يعاني من الركود وأثرها على الطلب على النفط تبقى عاملا مؤثرا أيضا. وتسير الأمة الآسيوية على طريق تحفيز معدلات نموها السنوية الأضعف منذ الأزمة المالية العالمية في عام 2015.وجاء نمو الناتج المحلي الإجمالي للصين في الربع الثالث عند 6.9%، وهو معدل أقل بقليل من المستوى الذي تستهدفه الحكومة عند 7%. بيانات الإنتاج الصناعي، والتي تم الإعلان عنها يوم الأربعاء الماضي، جاءت أقل من التوقعات وبتباطؤ واضح؛ فيما جاءت استثمارات الاصول الثابتة دون تغيير. وكما يشير المحلل كام هوي، فإن محرك النمو التقليدي للصين – المدعوم من قبل الصادرات الصناعية والإنفاق على البنية التحتية – “يتباطأ على عدة محاور”.
تباطأ الطلب الضمني على النفط في الصين إلى 226,500 برميل يوميا خلال شهر سبتمبر، وهو أضعف معدل نمو خلال الـ 8 أشهر الماضية. وتعتبر الأمة الآسيوية ثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم بعد الولايات المتحدة وتعتبر محركاً لقوة الطلب على النفط.
- كما ستواجه أسعار النفط رياحا معاكسة من قوة الدولار الأمريكي بمجرد أن يبدأ الاحتياطي الفيدرالي برفع أسعار الفائدة وتشديد السياسة النقدية. تغير السياسة الامريكية والذي توقع العديد أن يتم الإعلان عنه في ديسمبر، من المتوقع أن يعزز قوة الدولار وأن يجعل العقود المستقبلية للنفط المقومة بالدولار أكثر تكلفة بالنسبة للمشترين الذين يستخدمون عملات أخرى.
كل هذه العوامل تشير إلى أن إعادة التوازن بين العرض والطلب باتت بعيدة، وهو ما يؤكد أن أسعار النفط ستبقى منخفضة لفترة طويلة.
أضف تعليق