تقارير

بعد قرار ” الإماراتي” بخفض الفائدة .. هل تنتعش التمويلات البنكية ؟

قام المصرف المركزي في أول أغسطس الماضي بتخفيض أسعار الفائدة على شهادات الإيداع، التي يصدرها للبنوك العاملة في الدولة، والتي تعد أداة السياسة النقدية لنقل آثار تغيير أسعار الفائدة إلى النظام المصرفي، بنحو 25 نقطة أساس (25%)، على غرار الفدرالي الأمريكي، وتوقع المحللون والخبراء الاقتصاديون حينها أن يؤدي ذلك بالتبعية إلى إنعاش مباشر للتمويلات التي تقدمها البنوك لمختلف القطاعات الاقتصادية، خاصة أن لديها سيولة عالية تمكنها من ذلك، ولكن أظهرت البيانات أن أغسطس كان أقل شهر خلال 3 سنوات نمواً في معدلات الإقراض، حيث زاد بمقدار 2.6 مليار درهم مقارنة بـ 9.9 مليارات للشهر نفسه من العام الماضي.

أسعار الفائدة على التعاملات بالدرهم

ذكرت أحدث إحصاءاتالمصرف المركزي أن أسعار الفائدة على التعاملات بالدرهم بين البنوك (الإيبور) تراجعت بشكل غير مسبوق بعد قراري المصرف يومي 31 يوليو الماضي و18 سبتمبر الجاري، بتخفيض أسعار الفائدة على شهادات الإيداع التي يصدرها للبنوك العاملة في الدولة بمقدار 50 نقطة أساس (نصف في المئة) بمعدل 25 نقطة أساس لكل قرار.

تراجع أسعار الفائدة طويلة الأجل

وتراجعت أسعار الفائدة طويلة الأجل لمدة سنة إلى 2.3810% ليوم 30 سبتمبر الجاري، مقابل 3.1276% ليوم 4 يوليو الماضي، وهو أعلى مستوياتها في يوليو بفارق 91 نقطة أساس أي أقل من 1% بقليل (100 نقطة أساس تساوى 1%). وتراجعت كذلك أسعار الفائدة لمدة ستة أشهر من 2.8823% ليوم 10 يوليو إلى 2.4250% ليوم 30 سبتمبر الجاري بفارق 45 نقطة أساس أي نصف في المائة تقريباً، وتراجعت أسعار الفائدة لثلاثة أشهر بفارق 30 نقطة أساس وأسعار الفائدة لليلة واحدة بفارق 58 نقطة أساس، أي ما يزيد على نصف في المائة وجميعها معدلات أسعار فائدة متدنية.

معدلات الإقراض 

وكشفت الإحصاءات أن الزيادة في إجمالي الإقراض لم تتعد 0.2% بمقدار 2.6 مليار درهم فقط، حيث ارتفع إجمالي الائتمان من 1.705 تريليون درهم بنهاية يوليو إلى 1.707 تريليون بنهاية أغسطس، وتعد هذه الزيادة الأقل على مستوى شهرى للائتمان على مدار السنوات الماضية، وتتراجع هذه الزيادة كثيراً أمام زيادة الائتمان خلال الفترة نفسها من العام الماضي حيث بلغت 9.9 مليارات درهم، وارتفع إجمالي الائتمان من 1.622 تريليون درهم بنهاية يوليو 2018 إلى 1.632 تريليون بنهاية أغسطس 2018.

القطاع الخاص

ولم يحصل القطاع الخاص خلال أغسطس على تمويلات كافية من البنوك، حيث ارتفع إجمالي الإقراض من 1.147 تريليون درهم بنهاية يوليو إلى 1.148 تريليون بنهاية أغسطس بنمو 0.1%، وبلغ إجمالي القروض الموجهة لقطاع الأعمال والصناعة إلى 815.6 مليار درهم بنهاية أغسطس مقابل 814.5 مليار درهم بنهاية يوليو بنمو 0.1%. وزادت القروض الشخصية خلال أغسطس إلى 332.7 مليار درهم بنهاية أغسطس مقابل 332.5 ملياراً بنهاية يوليو بنمو 0.1%، وزاد الإقراض الموجه للحكومة بنحو 2.2 مليار درهم فقط وبنسبة 1.1%.

وبدلاً من أن تقلص البنوك من شهادات إيداعها لدى المصرف المركزي، والتي تمثل سيولة فائضة لديها خلال أغسطس، تكشف إحصاءات المركزي العكس، حيث رفعت البنوك شهادات إيداعها لتصل إلى 150.2 مليار درهم بنهاية أغسطس مقابل 146.5 ملياراً بنهاية يوليو 2019 بزيادة 3.7 مليارات درهم وبنسبة 2.5%.

نمو أصول المصارف

ومضى القطاع المصرفي في تقوية مراكزه المالية واستثماراته، حيث ارتفع إجمالي أصوله خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الجاري بنحو 80.9 مليار درهم لتلامس 3 تريليونات درهم، حيث بلغت بنهاية أغسطس 2.976 تريليون درهم بزيادة نسبتها 4% خلال 8 أشهر و6.5% على أساس سنوي، كما قفزت رؤوس أموال البنوك والاحتياطات لتحقق أعلى مستوياتها بنهاية أغسطس، حيث بلغت 371.6 مليار درهم مقابل 355.2 ملياراً بنهاية ديسمبر بزيادة مقدارها 16.4 مليار درهم وبنمو 4.6% على أساس الفترة و9.4% على أساس سنوي.

استثمارات البنوك

كما حققت استثمارات البنوك أعلى مستوياتها بنهاية أغسطس الماضي حيث بلغت 384.3 مليار درهم، بزيادة 51.5 مليار درهم ونمو 15.5% مقارنة بشهر ديسمبر، حيث بلغ إجمالي استثماراتها 332.8 مليار درهم بزيادة 56 مليار درهم.

وتوجهت غالبية استثمارات البنوك إلى السندات، سواء سندات الدين أو السندات المحفوظة حتى تاريخ الاستحقاق، حيث زادت بنحو 41.4 مليار درهم خلال الأشهر الثمانية الأولى من 2019 لتصل إلى 333.5 مليار درهم بنهاية أغسطس مقابل 292.1 ملياراً بنهاية ديسمبر، وقفزت حصة السندات لتشكل 86.8% من إجمالي استثمارات البنوك بنهاية أغسطس، كما زادت البنوك استثماراتها الأخرى لتصل إلى 43.6 مليار درهم مقابل 30.6 ملياراً بنهاية ديسمبر بزيادة 13 مليار درهم ونمو 42.5%، وعلى أساس سنوي 40.2%.

السيولة

وتشهد السيولة الإجمالية منذ بداية العام الجاري زيادة غير مسبوقة في تاريخ الإمارات، وبلغت أعلى مستوياتها في يونيو، حيث بلغت 1.645 تريليون درهم، ويختزن القطاع المصرفي جزءاً كبيراً من هذه السيولة، كما زادت الأصول السائلة في البنوك لتصل إلى 422.7 مليار درهم بنهاية الربع الثاني من العام الجاري بزيادة قدرها 23.2 مليار درهم عن الربع الأول، وعلى أساس سنوي بزيادة 46.2 مليار درهم وبنسبة 12.3%.

الإقراض المصرفي

وتكشف خريطة الإقراض المصرفي الموجه للأنشطة الاقتصادية مؤشرات مهمة، أولها أن قطاع العقارات يحتل المرتبة الأولى بإجمالي 336 مليار درهم وبحصة 21.8%، ويأتي قطاع القروض الشخصية ممثلاً للإنفاق الاستهلاكي في المرتبة الثانية بحجم 327 مليار درهم بنسبة 21%، وبذلك فإن قطاعين فقط يستحوذان على 43% من إجمالي التمويلات، بينما تتوزع النسبة المتبقية على 10 قطاعات.

التمويلات

والملاحظ أن التمويلات توجهت للعقار وليس الإنشاءات والمقاولات، فقد تراجعت تمويلات الإنشاءات والمقاولات من 70.3 مليار درهم بنهاية يونيو 2018 إلى 66.8 ملياراً بنهاية يونيو 2019 بانخفاض 3.5 مليارات درهم وبنسبة 5%، بينما ارتفعت التمويلات الموجهة للعقارات من 236.3 مليار درهم إلى 269.4 مليار درهم بنهاية يونيو الماضي بزيادة مقدارها 33.1 مليار درهم وبنسبة 14%.

رؤية الإمارات

وأظهرت الخريطة وجود قطاعات مهمة تحتل مكانة مهمة في رؤية الإمارات 2021 لا تحظى بتمويلات كافية، وعلى سبيل المثال فإن حصة قطاع الصناعة التحويلية من التمويلات لا تزيد عن 5% بإجمالي 76 مليار درهم، كما أن قطاع التعدين والمحاجر، رغم أهميته الكبيرة، لا تتجاوز حصته 1% بإجمالي 15.5 مليار درهم.

ولفتت الخريطة إلى تراجع الإقراض لقطاعات اقتصادية نشطة مثل قطاع التجارة (التجارة بالتجزئة والجملة)، حيث تراجعت التمويلات الموجهة إليه من 159.1 مليار درهم بنهاية يونيو 2018 إلى 153.9 ملياراً بنهاية يونيو 2019 بانخفاض قدره 5.1 مليارات درهم وتراجع 3.2%، كما تراجع الإقراض الموجه لقطاع المؤسسات المالية بنسبة 0.8% على أساس سنوي وبلغ 128 مليار درهم تشكل حصة 8.3% من إجمالي التمويلات.