يبدو أن شركة “أوبر” لسيارات الأجرة في طريقها لتقديم تنازلات، مقابل تراجع سلطات لندن عن قرارها بعدم تجديد رخصة الشركة في المدينة، الأمر الذي يمثل ضربة كبيرة محتملة للشركة سريعة النمو، وفقاً لما ذكرته صحيفة “صنداي تايمز”.

ونقلت الصحيفة عن مصادر مطلعة قولها إن هذه الخطوة مشجعة، واقترحت إمكانية إجراء محادثات.

وقالت “صنداي تايمز” إن تنازلات “أوبر” على الأرجح ستتمثل في ضمان سلامة الركاب، وبعض المزايا لسائقيها، كتقليص ساعات العمل لتحسين السلامة على الطرق ودفع أجر في العطلات.

وكانت هيئة النقل والمواصلات في العاصمة البريطانية لندن قد قررت عدم تجديد وسحب رخصة العمل لشركة النقل الأميركية الشهيرة “أوبر” التي تعتمد على تطبيق إلكتروني على الهواتف المحمولة، الأمر الذي سيؤثر على أعمال أكثر من 40 ألف سائق و3.5 مليون مستفيد من الخدمة.

وقالت الهيئة في بيان إن القرار اتخذ بناء على “إخلال الشركة في أكثر من مرة بمعايير الأمن والسلامة للركاب، وسوء سلوك بعض السائقين”، إلا أن الشركة تعتزم الطعن في القرار خلال 21 يوماً، ويمكنها مواصلة عملها لحين البت في قرار الطعن إذا تقدمت به.

من جهته، قال متحدث باسم “أوبر” إن الشركة كانت بصدد اتخاذ خطوات لتحسين سلامة سائقيها، وتم منحهم أكثر من متوسط أجرهم عبر المرونة التي يوفرها التطبيق.

يشار إلى أنه تم حظر “أوبر” في كل من فرنسا وإسبانيا وبلجيكا.

وكانت هيئة النقل العام في لندن (تي.إف.إل) نظرت في إمكانية تجديد رخصة عمل «أوبر» التي تنتهي صلاحيتها في 30 سبتمبر/أيلول المقبل واعتبرت الجمعة أن «فرع أوبر في لندن، ليس أهلاً للحصول على رخصة تشغيل لسائقين خواص».

أشارت إلى أن «نهج أوبر وتصرفها أظهرا قلة مسؤولية، مع تداعيات من شأنها أن تنعكس سلباً على سلامة وسائل النقل وأمنها».

ولامت الهيئة «أوبر» على تقاعسها عن الإبلاغ عن الجرائم التي شهد عليها سائقوها والتقصير في التدقيق في السجلات القضائية لسائقيها. ونددت أيضاً باللجوء إلى برمجية، تسمح للسائقين بتفادي رصدهم في المناطق التي لا يحق لهم العمل فيها، فضلاً عن تقديم شهادات طبية غير موثوقة.
في المقابل ردت «أوبر» بالقول إنها «ستعترض فوراً على هذا القرار أمام القضاء»، ويجوز للشركة الاستمرار في تسيير مركباتها طالما إجراءات الاستئناف قائمة.
وعبر الرئيس التنفيذي للشركة، دارا خسروشاهي، عن خيبة أمله لقرار السلطات في لندن، نافياً أن يكون كل ما قيل عن الشركة صحيحاً، وفي ضوء معركته ضد الجهات المنظمة، حث موظفيه بالتفكير حول التداعيات الخطيرة لسمعة الشركة التي أصبحت سيئة.
وانتقدت الشركة القرار بشدة، قائلة إن القرار سيحرم الجهات المنظمة من خيار توفير وسيلة التنقل المناسب حول المدينة، بالإضافة إلى أن 40 ألف من السائقين الذين يعملون لصالح الشركة سيتوقفون عن العمل.
وتواجه أوبر منذ عدة أشهر اتهامات في مقدمتها عدم الالتزام بالقوانين، كما اتهمت باستخدام البرمجيات لخداع الجهات المنظمة المحلية في بعض المناطق، فقد كانت بسبب طريقة عملها، في مرمى النيران.
وأوضح خسروشاهي قائلاً: «يجب أن نتحقق من كيف وصلنا إلى هنا، فما يعتقده الناس عنا يهمنا للغاية، خاصة في شركة عالمية مثل شركتنا، حيث يمكن أن يؤثر هذا القرار على الشركة في بلدان أخرى حول العالم.
وقال توم إلفديج رئيس الفرع اللندني من «أوبر» إن «هذا القرار له وقع الصدمة على 3,5 مليون شخص في لندن يستخدمون تطبيقنا وأكثر من 40 ألف سائق معتمد يعولون على أوبر لتأمين رزقهم».
وأطلقت المجموعة التي تتخذ من سان فرانسيسكو (ولاية كاليفورنيا الأمريكية) مقراً لها، عريضة على موقع «تشانج.أورج» للحصول على دعم سكان العاصمة البريطانية جمعت أكثر من 250 ألف توقيع في خلال خمس ساعات.

وأكدت كلير أمور المقيمة في جنوب غرب لندن والتي تلجأ إلى خدمات الشركة أنه لا يمكنها «العيش من دون أوبر» التي تسمح لها بتفادي «خط حافلات فظيع».
وندد وزير التجارة الأمريكي ويلبور روس بهذا القرار «غير المبرر جداً»، معتبراً أن «سائقي سيارات الأجرة في لندن بطيئون في التكيف».
غير أن رئيس بلدية لندن صادق خان، أعرب عن دعمه الكامل لقرار هيئة النقل العام في لندن. وأوضح عبر «بي بي سي » أنه «تسنى ما يكفي من الوقت لأوبر، كي تدحض مخاوف الهيئة»، لكنها لم تفعل ذلك. وأملت نقابة «جي ام بي» العمالية، التي فازت العام الماضي بدعوى ضد «أوبر» بشأن حقوق السائقين أن تحذو «مدن كبيرة أخرى» حذو لندن.
وتتواجه «أوبر» التي لديها فروع في أكثر من 70 بلداً مع سلطات عدة بلدان، من بينها فرنسا حيث فرضت عليها غرامات طائلة. وهي حظرت لفترة وجيزة من نيودلهي بعد عملية اغتصاب ارتكبها أحد سائقيها، ومنعت مؤخراً من العمل في المجر والدنمارك بموجب تشريعات جديدة.
ويزيد قرار هيئة النقل العام في لندن الذي قد يتردد صداه في أنحاء العالم ، من صعوبات «أوبر» التي تتخبط أصلاً في مشاكل لا تحصى.
فقد عينت الشركة مديراً تنفيذياً جديداً، منذ فترة بعد استقالة مؤسسها ترافيس كالانيك من منصبه إثر اتهامه بالتغاضي عن تفشي ممارسات تمييزية وقاسية في أوساط مجموعته. وتخضع «أوبر» التي خسرت أكثر من 600 مليون دولار في الربع الثاني من العام، لعدة تحقيقات قضائية تطول مسؤوليها في الخارج على خلفية شبهات فساد.

وتقدر قيمة «أوبر» غير المدرجة في البورصة بحوالي 70 مليار دولار، ما يجعل منها أكبر شركة ناشئة في العالم لم تكتتب أسهمها في سوق مالية.
في السياق نفسه، يعتزم سائقو سيارات الأجرة في التشيك تنظيم سلسلة من الفاعليات الاحتجاجية بما في ذلك تقليص أوقات عملهم طوال الأسبوع المقبل احتجاجاً على ما اعتبروه، المنافسة غير العادلة من شركة استدعاء سيارات الركوب الخاصة عبر الهاتف الذكي. ودعا السائقون إلى تنظيم إضراب في براغ في اليوم نفسه الذي أعلن فيه المسؤولون في العاصمة البريطانية لندن، إلغاء ترخيص عمل «أوبر» في المدينة بنهاية الشهر الحالي.