رئيسي مقابلات

“باتريك أودييه: الاستثمار المستدام ليس متعارضاً مع العوائد المالية بل طريق المستقبل”

في مقابلة خاصة مع PE FORUM، أكد باتريك أودييه، رئيس مجلس الإشراف في بنك لومبارد أودييه وأحد أبرز الشخصيات المؤثرة في القطاع المالي السويسري، أن الاستثمار المستدام لم يعد خيارًا أخلاقيًا فقط، بل هو مسار استراتيجي يضمن عوائد مالية طويلة الأمد ويحمي من المخاطر المستقبلية.

يمتلك أودييه خبرة تمتد لأكثر من ثلاثة عقود في إدارة أحد أعرق البنوك العائلية في سويسرا، الذي تأسس عام 1796 واستمر عبر سبعة أجيال. وخلال هذه المسيرة، ساهم بشكل بارز في رسم ملامح مشهد التمويل السويسري والعالمي، خاصة في مجال التمويل المستدام.

وأوضح أودييه أن النظام الاقتصادي العالمي، على الرغم من إنجازاته، تسبب في ضغوط بيئية واجتماعية تتطلب من الفاعلين الماليين إدراك المخاطر المترتبة عليها. وبيّن أن دمج مبادئ الاستدامة في التحليل المالي لم يعد رفاهية، بل ضرورة لتفادي الأصول العالقة وضمان استدامة العوائد.

كما أشار إلى مبادرة Building Bridges التي قادها منذ انطلاقها في 2019، معتبرًا أنها منصة تجمع المواطنين وصناع السياسات والمؤسسات المالية والشركات الصناعية من أجل تسريع الانتقال نحو اقتصاد مستدام. ولفت إلى أن قوة المبادرة تكمن في قدرتها على تحديد الأولويات، وحشد الموارد، وتشجيع مبادرات عملية قابلة للتنفيذ، مع الاستفادة من شراكات دولية مثل التعاون مع UNEP FI وإطلاق الإطار الأوروبي TNFD.

وأكد أودييه أن سويسرا، بحيادها وتاريخها الطويل في الحوار متعدد الأطراف، تُعد موقعًا مثاليًا لابتكار حلول مالية مستدامة، وأن هذا الحياد يعزز أيضًا بيئة بحثية حرة تُسهم في دفع الابتكار وتعزيز التعليم الأكاديمي المتقدم.

وفيما يتعلق بالعلاقة بين الاستدامة والعوائد المالية، شدد أودييه على أن الاستثمار المستدام ليس في تضاد مع الربحية، بل يمثل طريقًا آمنًا نحوها، إذ يحمي الشركات من المخاطر البيئية والاجتماعية ويجعلها أكثر جاذبية للمستثمرين، خاصة مكاتب العائلات وأصحاب الثروات العالية.

كما تطرق إلى تنامي دور الأسهم الخاصة وإمكانية إتاحتها تدريجيًا للمستثمرين الأفراد، مع مراعاة قدراتهم على تحمل المخاطر وإدارة السيولة، مشيرًا إلى أن خبرة سويسرا المتراكمة تمنحها موقعًا تنافسيًا لتكون مركزًا عالميًا في هذا المجال.

أما على المستوى الشخصي، فقد تحدث أودييه عن شغفه بالمعرفة والبحث العلمي، بدءًا من تجاربه التعليمية في سويسرا والولايات المتحدة، وصولًا إلى تأسيسه للمعهد السويسري للتمويل Swiss Finance Institute، مؤكدًا أن الفضول العلمي يجب أن يكون أساس اتخاذ القرارات السليمة سواء في الاستثمار أو في الحياة.

وختم أودييه بالإشارة إلى أن وعي العالم بالاستدامة يتفاوت بين المناطق، لكنه يسير في اتجاه واحد نحو تعزيزها: أوروبا سبقت بوضع الأطر التنظيمية، والشرق الأوسط اهتم مبكرًا من منطلق ثقافي وديني، والشرق الأقصى يشهد تطورًا متسارعًا، فيما تعيش الولايات المتحدة حالة من التذبذب. ومع ذلك، فإن الاتجاه العالمي لا يمكن إنكاره، إذ لم يعد بإمكان أي شركة أو قائد استثماري تجاهل البعد المستدام في استراتيجياته المستقبلية.

تم التصوير في فندق ماندارين أورينتال جنيف