تقارير

النفط اللغز المرهق “2” : الأحجار الراكدة بالأسواق

أوبك تفقد توازنها والنفط عند25 دولاا فى 2016

تجاهل تحديد سقف جديد للإنتاج يهدد بزيادة حدة حرب الأسعار

5 عوامل وراء انهيار النفط

رغم محاولات التمويه .. خرج بيان أوبك النهائي ليعكس حالة من الانقسام داخل المنظمة فالإشارة إلى احترام المؤتمر لكافة الأفكار التي تم طرحها وأن الدول الأعضاء يتعين عليها أن تستمر في متابعة التطورات عن كثب خلال الأشهر المقبلة. يؤكد بما لايدع مجالا للشك أن المنظمة بدأت تفقد قدرتها فى السيطرة على السوق .

 

الاتجاهات الحالية

في غياب أي اتفاق جديد فإن “أوبك” تكون قد أبقت رسميًا على نفس الحصص الإنتاجية الفعلية الحالية لحين اجتماع أعضائها مجددًا في شهر يونيو حزيران المقبل.

فعليا، لا يشعر أعضاء “أوبك” بأنهم مقيدون بأي اتفاقات على مستوى الإنتاج، وهو ما يعني أنهم قد يتجهون للإنتاج بقدر ما يستطيعون، مع اختلاف أسباب ودوافع كل دولة.

بالنسبة لأعضاء “أوبك” الذين يتمتعون بوضع مالي أفضل، فإن الإنتاج الكبير في الوقت الحالي يستهدف تأمين موقف تنافسي أفضل مستقبلًا.

بينما فيما يخص البلدان المتأثرة اقتصاديًا فالهدف هو توليد أكبر قدر ممكن من الدخل وبأسرع طريقة، لتجنب الاضطرابات الداخلية في الأشهر القليلة المقبلة.

وبحسب المصادر المطلعة في أوبك “كان موضوع سقف الإنتاج شائكا للغاية ولم يتخذوا قرارا بشأنه، كان الجميع غير سعداء.”وقال مصدر آخر في وقت سابق إنه كان هناك “خلاف كبير بين الأعضاء تفاقم الآن حيث لم يعد فائض المعروض يأتي بشكل رئيسي من الدول الخليجية وإنما من إيران”.

دعوة فنزويلا

ومع الاتفاق على رفع سقف الإنتاج إلى 31.5 مليون برميل يوميا يتضح أن دعوة عدد من دول اوبك وعلى رأسها فنزويلا الى خفض الإنتاج لم تلق قبولا ، لتحسين الأسعار التي خسرت 60 في المئة من قيمتها منذ منتصف 2014، إلا ان المنظمة عمدت الى رفع سقف الإنتاج إلى 31.5 مليون برميل يوميا من 30 مليون برميل يوميًا ، وهو ما يؤكد بأن الأعضاء يضخون كميات من النفط تزيد كثيرا عن السقف الحالي.

ومع كل ذلك أكد الأمين العام لأوبك عبد الله ألبدري، أن المنظمة لم تتمكن من الاتفاق على أي أرقام لأنها لا يمكنها أن تتكهن بحجم النفط الذي ستضيفه إيران إلى السوق العام القادم مع رفع العقوبات بمقتضى الاتفاق بشان برنامجها النووي مع القوى الكبرى.
ولم يتضمن البيان الختامي للاجتماع على مستوى سقف للإنتاج وهو ما يسمح للدول الأعضاء بأن تواصل ضخ النفط بالمستويات الحالية إلى سوق تشهد بالفعل تخمة في المعروض.

 

روسيا
روسيا التي تغيبت عن الاجتماع ، لم تكن بحال من الأحوال أفضل حالا من إيران ، حيث تكبدت خسائر كبيرة منذ ان اتخذت أوبك قرار رفع مستوى الإنتاج ، واليوم روسيا ما تزال تعاني من هذا التراجع في أسعار النفط خصوصا مع دخولها في سوريا قبل نحو الشهرين ، وحاجتها الى رفع مواردها لتغطية مصاريف قواتها الخارجية .
أما العراق الدولة الأكثر تضررا من هذا الواقع ، سيكون عليه أن يواجه المزيد من الصعوبات التي تعصف باقتصاده ، نتيجة عوامل عدة ؛أهمها طبعا السعر المتدني للنفط ، وتراجع سعر صرف الدينار مقابل الدولار ، ناهيك عن عدة عوامل جسدت بمجملها ضربة قاسية للاقتصاد العراقي .

تعني هذه الظروف أن أسعار النفط ستبقى منخفضة وغير مستقرة، وهو ما سيدفع المنتجين أصحاب التكلفة المرتفعة إلى الخروج من السوق مع مرور الوقت، وسيشجع على زيادة الطلب، ما سيعيد لـ”أوبك” نفوذها.

فى حين تتمتع بعض الدول مثل السعودية والإمارات باحتياطات مالية كافية، ومصادر ثروة أخرى، وقدرة على تحمل هبوط أسعار النفط لفترات طويلة كافية لخروج الموردين غير التقليديين من سوق النفط. تشهد بعض دول “أوبك” الأخرى مثل فنزويلا زعزعة في الاستقرار، وهو ما تجاوز الآثار الاقتصادية والمالية إلى تزايد احتمالات حدوث اضطرابات سياسية واجتماعية في البلاد.تسببت هذه الرؤى المختلفة لهبوط أسعار النفط في ظهور خلافات خلال اجتماع أعضاء “أوبك” الشهر الماضى ، مع تباين قدرة التعامل مع هبوط أسعار الخام بالنسبة للأعضاء.

 

حرب الأسعار

وقال محللون إن تجاهل تحديد سقف جديد للإنتاج يهدد بزيادة حدة حرب الأسعار بين أعضاء أوبك وهو ما لا يتيح لهم الاتفاق على أي إجراءات في السوق في المستقبل ويضع مزيدا من الضغوط على الأسعار.

ومنذ إنشاء منظمة أوبك التي تضخ ثلث الإنتاج العالمي من النفط الخام قبل 55 عاما كان الهدف من تأسيسها يتمثل في تحديد مستويات مستهدفة للإنتاج في محاولة للتأثير على أسعار النفط العالمية.

ومرت المنظمة بخلافات وصراعات داخلية من قبل ومن بينها حروب بين أعضائها..العراق وإيران في الثمانينات وغزو العراق للكويت في التسعينات، لكن الصراع الحالي يضع السعودية في مواجهة إيران وبصفة خاصة في سوريا واليمن وهو ما يجعل العلاقات بين البلدين العضوين في أوبك تزداد توترا.

عوامل الانهيار

ويشير خبراء إلى أن هناك 5 عوامل تسيطر الآن على السوق، سوف تدفع النفط نحو المزيد من الانخفاض خلال العام المقبل نحو مستويات ما بين 25 – 35 دولار للبرميل.

 

  1. يتفوق إنتاج النفط العالمي على الطلب في أعقاب طفرة إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة وبعد قرار منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) العام الماضي بعدم خفض حصة التوريد الخاصة بهم (انظر الرسم البياني أدناه). ووفقا للتقديرات الأخيرة، ضخت أوبك نحو 31.64 مليون برميل يوميا خلال شهر أكتوبر، بالقرب من المستويات القياسية، كما أن المنتجين الرئيسيين بقيادة المملكة العربية السعودية يركزون على الدفاع عن حصتهم في السوق عن طريق الحفاظ على أعلى مستوى إنتاج.

 

 

  1. من المتوقع أن ترتفع إمدادات أوبك أكثر حين تبدأ إيران بتعزيز إنتاج النفط الخام عندما يتم رفع العقوبات الدولية مطلع العام المقبل، بعد الاتفاق النووي الذي تم في يوليو (تموز) مع القوى الغربية الكبرى. ترغب طهران بمضاعفة صادرات النفط إلى 2.3 مليون برميل يوميا بحلول منتصف عام 2016، مما يضيف المزيد من العرض على النفط والذي دفع بالفعل بالأسعار للانهيار سابقا.

 

  1. المخاوف الكبيرة حول إمدادات النفط الأمريكية، على الرغم من انخفاض عدد مصافي النفط، من شأنها أن تشكل خطرا للمزيد من الهبوط للأسعار خلال العام المقبل.

 

ووفقا لمجموعة بيكر هيوز إنك (N:BHI) للأبحاث في هذا المجال، فقد بلغ عدد منصات التنقيب عن النفط في الولايات المتحدة  نحو 574 منصة، إذ بقي بالقرب من أدنى مستوى لعدد المنصات منذ يونيو 2010 (انظر الرسم البياني أدناه). على مدى أحد عشر أسبوع، تراجع عدد منصات التنقيب عن النفط في الولايات المتحدة بـ 101 منصات. ومن المفارقات، فإن انخفاض عدد منصات التنقيب عن النفط في الولايات المتحدة عادة ما يكون إشارة لصعود أسعار النفط حيث أنها تشير إلى انخفاض مستقبلي في الإنتاج.

 

ومع ذلك، فقد حافظ إنتاج النفط في الولايات المتحدة على مستوى نحو 9.0 مليون برميل يوميا خلال العام الماضي، بالقرب من أعلى مستوى له منذ أوائل عام 1970.وفي الوقت نفسه، اقترب إجمالي مخزونات النفط الخام في الولايات المتحدة إلى مستويات لم نشهدها في هذا الوقت من العام خلال ما لا يقل عن 80 سنة مضت.

 

  1. ما يضيف المزيد إلى الشعور السلبي، هي المخاوف المستمرة بشأن ضعف صحة الاقتصاد العالمي التي أججت المخاوف أن وفرة الإمدادات العالمية قد تبقى عند هذه المستويات لفترة أطول مما كان متوقعا.

والمخاوف المتزايدة حول مدى سلامة الاقتصاد الصيني الذي يعاني من الركود وأثرها على الطلب على النفط تبقى عاملا مؤثرا أيضا. وتسير الأمة الآسيوية على طريق تحفيز معدلات نموها السنوية الأضعف منذ الأزمة المالية العالمية في عام 2015.وجاء نمو الناتج المحلي الإجمالي للصين في الربع الثالث عند 6.9%، وهو معدل أقل بقليل من المستوى الذي تستهدفه الحكومة عند 7%. بيانات الإنتاج الصناعي، والتي تم الإعلان عنها يوم الأربعاء الماضي، جاءت أقل من التوقعات وبتباطؤ واضح؛ فيما جاءت استثمارات الأصول الثابتة دون تغيير. وكما يشير المحلل كام هوي، فإن محرك النمو التقليدي للصين – المدعوم من قبل الصادرات الصناعية والإنفاق على البنية التحتية – “يتباطأ على عدة محاور”.

تباطأ الطلب الضمني على النفط في الصين إلى 226,500 برميل يوميا خلال شهر سبتمبر، وهو أضعف معدل نمو خلال الـ 8 أشهر الماضية. وتعتبر الأمة الآسيوية ثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم بعد الولايات المتحدة وتعتبر محركاً لقوة الطلب على النفط.

 

  1. كما ستواجه أسعار النفط رياحا معاكسة من قوة الدولار الأمريكي بعد أن أعلن   الاحتياطي الفيدرالي رفع أسعار الفائدة وتشديد السياسة النقدية. تغير السياسة الامريكية و من المتوقع أن يعزز قوة الدولار وأن يجعل العقود المستقبلية للنفط المقومة بالدولار أكثر تكلفة بالنسبة للمشترين الذين يستخدمون عملات أخرى.

كل هذه العوامل تشير إلى أن إعادة التوازن بين العرض والطلب باتت بعيدة، وهو ما يؤكد أن أسعار النفط ستبقى منخفضة لفترة طويلة.