علمت احدى الصحف من مصادر مصرفية أن أفرع البنوك الأجنبية أبلغت مكاتبها الرئيسية بأنها لن تستطيع اقراضها مستقبلا، بحسب تعليمات بنك الكويت المركزي الذي أبلغها بشكل غير رسمي قبل فترة بأنه من غير المسوح لها إعطاء المقار الرئيسية أي أموال في صيغة قروض أو ودائع.
وكانت بعض أفرع البنوك الأجنبية تقوم بمنح تسهيلات إلى بنوكها الرئيسية من خلال سوق ما بين البنوك (الإنتربنك)، وفي الغالب كانت هذه الأفرع تعتمد في تسعير أموالها على منحنى العائد المتداول في «الإنتربنك» الكويتي.
ولفتت المصادر إلى أن هذه التحول في العلاقة الائتمانية بين أفرع البنوك الأجنبية ومقارها الرئيسية لجهة تزويدها بالتسهيلات الأئتمانية جاءت في مسعى من «المركزي» إلى التضييق على عمليات المضاربة التي تتم على الدينار والتي كانت تنفذها بعض البنوك الأجنبية سواء لحاسبها أو لصالح أحد عملائها، مع الأخذ بالأعتبار أن بعض هذه البنوك كانت تجري معاملات ائتمانية مع بنوك أوفشور.
وأشارت إلى أن التحرك الرقابي جاء بعد أن رصد «المركزي» زيادة طلب هذه الأفرع في سوق«الانتربنك» إلى حد سجلت معه الفائدة على سيولة الودائع معدلات غير مسبوقة تجاوزت حاجز الثلاثة في المئة، حيث كان البعض منها يستغلها في دعم مستويات السيولة في البنوك الرئيسية أو بهدف المضاربة على الدينار، ما دفع الناظم الرقابي إلى إعادة تأكيده على تعليمات سابقة بخصوص تنظيم العلاقة الائتمانية بين هذه الأفرع ومقارها الرئيسية.
ومع التعليمات الجديدة لن يكون بمقدور أفرع البنوك الأجنبية تحويل أموالها إلى مقارها من نافذة «الإنتربنك» أو حتى من خلال الودائع، على أساس أن الهدف الرئيس من فتح البنوك الأجنبية لأفرع خارجية زيادة حصتها في هذه الأسواق، وامتصاص الموال التي تكونها من الودائع في منح التسهيلات الائتمانية المحلية وليس تصدير هذه الأموال إلى الخارج.
ومن الناحية الموضوعية لا يمكن تحميل أفرع البنوك الأجنبية مسؤلية رفع العائد على الودائع، أو اتهامها جميعها بأنها تضارب على الدينار فبعضها اضطر إلى إشعال المنافسة على الدينار لتفادي نقص مستويات السيولة الموجودة لديها بالدينار، لئلا تتعرض إلى اختلالات في سلم استحقاقاتها، كما أن التنافس بين البنوك المحلية على طلب الودائع كان ملحوظا لدرجة أن جميع البنوك المحلية تقريبا رفع تقديراتها لتكلفة خطة الخزانة لديها عن 2016، بهامش ملموس.
وكنتيجة طبيعية لذلك تحسنت أسعار ودائع العملاء الذين باتوا يحصلون على عوائد أفضل في الوقت الحالي قياسا بالتي كانت يحصلون عليها في الفترة نفسها من العام الماضي وبمعدلات قد تتجاوز 100 في المئة.
وعودة إلى النقطة الرئيسية فانه يمكن القول ان توجيهات «المركزي» (الشفوية) في هذا الخصوص جاءت بهدف الاستباق إلى مواجهة أي محاولات مصرفية يقصد بها سحب الدولار من السوق المحلي أو المضاربة على العملة الوطنية، مشيرة إلى أن مثل هذه الإجراءات الوقائية تحول دون تعرض العملة المحلية لمستوى غير مقبول من مخاطر المضاربة.
ولفتت المصادر إلى أن بعض أفرع البنوك الأجنبية تفهمت تعليمات «المركزي» بأنها تنسجم مع خططها الرئيسية في التوسع لخارج بلادها، ومن ثم أخطرت بنوكها الرئيسية بالتعليمات الجديدة والتزامها بها، في حين رضخت بنوك أخرى من باب تفادي التعرض لعقوبات «المركزي» التي قد تصل إلى توجيه البنوك المحلية بعدم التعامل معها ما دامت تضر بمصلحة العملة المحلية.
وقالت المصادر ان التعليمات الجديدة ستزيد من استقرار الدينار لكن من غير المتوقع أن تلعب دورا رئيسيا في تخفيض أسعار الودائع خصوصا لدى البنوك التي تسعى بقوة إلى تكوين مراكز إضافية من الدينار بما يتماشى مع خططها المستقبلية في زيادة حصتها الائتمانية، وبما يعوض هذه البنوك في تغطية السحوبات التي حصلت من محفظة ودائع القطاع الخاص بمستويات مرتفعة حيث قاربت الأموال المسحوبة منها نحو 1.6 مليار دينار في الفترة الممتدة من مايو إلى نوفمبر من العام الماضي، حيث بلغت 28.8 مليار دينار، لكن الطلب المرتفع على الودائع في الآونة الأخيرة إعاد بعض الوهج لسيولة ودائع القطاع الخاص التي ارتفعت 450 مليونا وفقا لاخر بيانات ديسمبر المنشورة على موقع «المركزي».
وبالطبع ستسهم توجهات «المركزي» محل الدراسة في توحيد نسبة التسهيلات إلى الودائع عند 90 في المئة مع التوجه إلى استبعاد أموال «الأنتربنك» من هذه المراكز في تعزيز الطلب على الودائع ومن ثم يكون منطقيا التوقع بتحسن العائد عليها أو استقراره عند مستويات مقبولة.
أضف تعليق