كشفت مصادر ذات صلة لـ القبس عن وجود 8 اسباب تقف وراء قرار ترشيد الدعم الحكومي المقدم لمنتجات البنزين في الكويت، الذي زادت بموجبه الاسعار بنسب متفاوتة، وصلت الى %83 لسعر بنزين الإلترا، مشيرة الى ان الاثر المالي المتوقع توفيره، جراء قرار خفض الدعم، ليس الهدف الأسمى وراء اتخاذ هكذا قرار، خاصة اذا ما علمنا ان نسبة الوفر المتوقع يعادل %0.01 فقط تقريباً من اجمالي الموازنة البالغة 19 مليار دينار.
واشارت المصادر ذاتها الى ضرورة النظر للقرار على انه خطوة في طريق الاصلاح المالي والاقتصادي، الذي تأخر خلال الفترة الماضية نتيجة بحبوحة العوائد المليارية لمبيعات النفط، لتأتي انخفاضات سعر البرميل والوقوع تحت ضغط العجز المالي كفرصة مثالية لتمرير هذه الاصلاحات، وإن كان عبر قرارات غير شعبوية، تواجه بالاستنكار والاستهجان من فئة ليست قليلة من الشعب.
وعن اسباب اتخاذ قرار تخفيض الدعم وترشيده عن منتجات البنزين، قالت المصادر انها تتمثل في التالي:
1ــ زيادة البنزين خطوة هامة ضمن الخطوات المقررة لاصلاح الموازنة العامة للدولة، التي تعاني عجزا ماليا كبيرا بسبب انخفاض اسعار النفط، الذي تعتمد عليه في إيراداتها، والتي تهدف إلى تخفيض كلفة الدعوم في الموازنة، والتي تصل إلى 3 مليارات دينار تقريباً، اي ما نسبته %30 من اجمالي الايراد النفطي المتوقع، كما تشمل الخطوات الاصلاحية تقليل المصروفات الجارية او ابطاء نموها المتسارع بشكل كبير، مما يساهم في احداث بعض التوازن بين الايرادات والمصروفات، ويساعد في استدامة متانة الوضع المالي للدولة.
كما أن خفض الدعم عن البنزين يأتي في اطار خطة متكاملة لتحسين الأداء الاقتصادي للدولة، تتضمن فتح السوق امام الاستثمارات الاجنبية والمحلية، وطرح مشاريع حكومية للخصخصة.
2 ــ خطوة ايجابية لتحسين وضع الكويت امام وكالات التصنيف المالية العالمية، تعطي انطباعا بالجدية في اتخاذ الاصلاحات المالية والاقتصادية المناسبة في سبيل تحسين وضع المالية العامة للدولة.
3 ــ إجراء لابد منه في سبيل مواجهة الخطر الكامن في استمرار معدل الإنفاق بصورته السابقة، بما يخفف الضغط على الاحتياطيات، ويقلص فرصة اللجوء إلى احتياطي الأجيال القادمة، إذا ما استمر التراجع في أسعار النفط.
4 ــ زيادة صادرات النفط والتوجه نحو الموازنة بين الاستهلاك والانتاج، حيث يقدر الاحتياج من النفط لتوفير مصادر الطاقة خلال الفترة المقبلة الى ما يزيد على ثلث الانتاج النفطي.
في حين أن خفض الدعم عن البنزين من شأنه زيادة الناتج المحلي %2.5، بما يضمن زيادة الدخل القومي 150 مليون دينار سنوياً تقريباً، عبر توفير عدد كبير من براميل النفط، التي كانت تخصص لدعم قطاع الطاقة، والاستفادة من بيعها الى الخارج في دعم الموازنة.
5 ــ زيادة أسعار البنزين تحرك نحو اعادة توزيع الدعم الحكومي المقدم للمواطنين، خاصة ان تقارير دولية تؤكد ان المستفيد الاكبر من الاسعار المنخفضة للطاقة هو الاسر والعائلات ذات الدخل المرتفع، بينما تستفيد منه الأسر ذات الدخل المحدود بنسب أقل، الامر الذي دفع نحو اعادة ترشيد الدعم، بما يضمن استفادة الجميع منه حسب حاجته.
6 ــ محاربة الاسراف في استهلاك منتجات الطاقة، خاصة بعد دخول الكويت ضمن قائمة الدول الاكثر استهلاكا لها، بسبب الاسعار الرخيصة بفضل الدعم الحكومي، إذ كانت الكويت ارخص دول العالم في اسعار البنزين قبل اجراء التعديلات الاخيرة عليه، وحتى مع رفع الأسعار، فإن الكويت تأتي في المرتبة الرابعة عالمياً.
وتشير تقارير دولية الى ان الكويت احتلت المرتبة السادسة عالميا بين اكثر الدول استهلاكا للطاقة، حيث ارتفع استهلاك الطاقة في الكويت بمتوسط %0.9 سنويا خلال الـ40 سنة الماضية.
7 ــ مواجهة التلوث البيئي الناتج عن الافراط في استهلاك البنزين، لا سيما أن معدل الاستهلاك الحالي يجعل من الكويت من اكبر الدول الملوثة والملأى بمنتجات ثاني اكسيد الكربون والغازات المضرة بصحة الانسان، وهو ما يعني أن الدولة قد تتكبد زيادة صرفها على معالجة الآثار البيئية وارتفاع إنفاقها على ما يستوجب، مع استمرار معدل الاستهلاك الحالي.
8 ــ تخفيف حدة الزحام التي تشهدها طرقات الكويت، حيث من المتوقع أن تعمد شريحة كبيرة، وبشكل خاص من الوافدين، الى استخدام وسائل اخرى للمواصلات لمواجهة الاسعار المرتفعة للبنزين.
كما سيشجع الامر العديد من المبادرين والشركات المتخصصة الى ابتكار وسائل نقل جماعية اكثر راحة وسهولة لتلبية مطالب العملاء.
سلبيات
مع ذلك، فإن المصادر ذاتها أكدت أنه من غير المنصف أن يتم الحديث عن كل تلك المبررات والإيجابيات لقرار زيادة أسعار البنزين، من دون التطرق للعوامل السلبية المترتبة عن اتخاذ هكذا قرار، مشيرة إلى تقارير تبين وجود سلبيات لهذا القرار، منها التأثير الواضح لرفع الأسعار على التضخم، إذ من المتوقع أن يحدث ارتفاع في أسعار السلع على المدى القريب والمتوسط، في حين سيخف تأثير ذلك على المدى البعيد، لتكون التأثيرات الإيجابية هي الأكبر.
أضف تعليق