حقق القطاع السياحي في دولة الإمارات خلال العام 2015 إنجازات عديدة، رسخ بها موقعه على خريطة السياحة العالمية، وسط توقعات أن يواصل القطاع أداءه المتميز رغم التقلبات التي تشهدها الأسواق الخارجية، بسبب الأوضاع الاقتصادية المتأرجحة في مختلف مناطق العالم.
وأظهر أحدث المؤشرات الصادرة عن مؤسسات دولية أن القطاع الفندقي في الإمارات سجل أعلى معدل إشغال خلال العام الجاري بين الوجهات السياحية في الشرق الأوسط، بمتوسط زاد على 80%، ليأتي ضمن أفضل المعدلات العالمية على مدار العام، رغم زيادة المعروض من الغرف الفندقية في السوق المحلي بشكل كبير.
وأشار تقرير صدر أمس عن مؤسسة «آرنست أند يونج»، صدارة قطاع الضيافة الإماراتي على مستوى الشرق الأوسط، بعد أن سجل أفضل أداء تشغيلي خلال الفترة من يناير وحتى نهاية نوفمبر 2015، على صعيد الإشغال والعائدات والأسعار.
ووفقاً لتقرير المؤسسة تصدرت فنادق دبي وأبوظبي قائمة الفنادق الأعلى إشغالاً خلال نوفمبر الماضي، حيث بلغ متوسط الإشغال نحو 84% في أبوظبي و85,7% في دبي، وهي النسبة الأعلى بين الوجهات السياحية في الشرق الأوسط، فيما سجلت فنادق دبي أعلى عائد على الغرف المتاحة بين فنادق المنطقة.
وبلغ متوسط إشغال فنادق إمارة رأس الخيمة خلال شهر نوفمبر الماضي نحو 80,8%، مقارنة مع 70,2% للشهر ذاته من العام 2014، فيما بلغ متوسط الإشغال على مدار الـ 11 شهراً الأولى من عام 2015 نحو 63,5%%، مقارنة مع 62,5% في الفترة ذاتها من عام 2014.
ووفقاً لتقديرات أولية غير رسمية يتوقع أن يتجاوز إجمالي السياح الذين قدموا إلى الإمارات خلال العام الماضي 21 مليون سائح، بعد أن اقتربت دبي من تجاوز حاجز الـ 14 مليون زائر، ومؤشرات بتخطي أبوظبي حاجز الـ 4 ملايين سائح، وتجاوز عدد السياح في الشارقة حاجز الـ 3 ملايين، إضافة إلى رأس الخيمة والفجيرة وعجمان.
وتوج قطاع السياحة إنجازاته خلال عام 2015 بصعود الإمارات للمرتبة 24 عالمياً من بين 141 دولة شملها تقرير تنافسية السفر والسياحة لعام 2015، الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي «دافوس» في سويسرا، متقدمة بذلك 4 درجات عن التقرير السابق الذي حلت خلاله بالمرتبة 28، فيما تصدرت كذلك دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في قائمة الدول الأكثر تطوراً في قطاع السفر والسياحة.
وقال محمد خميس بن حارب المهيري مدير عام المجلس الوطني للسياحة والاثار، « في أن هذا الإنجاز يشكل تتويجاً للرؤية الثاقبة للقيادة الرشيدة لجعل هذا القطاع ضمن الركائز الأساسية لعملية التنويع الاقتصادي، مشيرا إلى أن التقدم للمرتبة ال 24 عالمياً في تنافسية السياحة والسفر خلال مدة قصيرة، يؤكد أننا نسير على الطريق الصحيح للارتقاء إلى مراتب أفضل وتحقيق إنجازات أكبر في هذا القطاع».
نقلة نوعية
وقال المهيري إن القطاع السياحي في الإمارات حقق نقلة نوعية غير مسبوقة وازدادت مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي بصورة كبيرة، كما شهد القطاع تطورات كبيرة عزّزت مكانة دولة الإمارات على خارطة السياحة العالمية.
وأضاف أن دولة الإمارات جاءت في المرتبة التاسعة عالمياً في حجم الاستثمار السياحي على مؤشر مجلس السياحة والسفر العالمي الذي يصنّف 181 دولة في العالم، حيث قدر حجم استثمارات دولة الإمارات في هذا القطاع بنحو 105 مليارات درهم مقارنة بنحو 92.9 مليار درهم في عام 2013 و84.3 مليار درهم في عام 2012، ويتوقع أن يرتفع حجم الاستثمارات إلى إلى 137.9 مليار درهم في عام 2022، حيث تتركز هذه الاستثمارات في إنشاء المرافق الترفيهية العالمية والمنشآت الفندقية الفاخرة وغيرها من الخدمات السياحية المساندة والجاذبة، فيما تستحوذ دولة الإمارات على النسبة الأعلى من الاستثمارات في التطـــوير السياحي على صعيد منـــــطقة الشرق الأوسط، وبلغ إجمالي إنفاق السياح داخل الدولة 111 مليار درهم، ويتوقع أن يصل إلى 113,8 مليار درهم بحلول عام 2022.
توقعات إيجابية
بدوره قدر مجلس السياحة والسفر العالمي، نمو قطاع السياحة والسفر في دولة الإمارات خلال العام 2015 بنسبة 5.1%، والعمالة بنسبة 5.3%، مع مواصلة السوق الإماراتي تبني موقف إيجابي تجاه القطاع، مؤكداً أن هذا يدل على قدرة القطاع على توليد نمو اقتصادي وتوفير فرص عمل بمعدل أسرع من القطاعات الأخرى.
وأضاف المجلس في تقرير له أن هذه التوقعات تأتي بعد أن بلغت مساهمة قطاع السياحة والسفر في الإمارات 126.7 مليار درهم في الناتج المحلي الإجمالي، فضلاً عن توفير أكثر من 518 ألفاً و500 وظيفة مباشرة وغير مباشرة ترتبط بالخدمات المساندة.
وأوضح أنه في نهاية عام 2015، فإنه من المتوقع أن يسهم قطاع السياحة والسفر بـ133.2 مليار دولار (489.3 مليار درهم) في اقتصاد الدولة، بنسبة تبلغ أكثر من 8% من الناتج المحلي الإجمالي للإمارات، إضافة إلى 546 ألف وظيفة تشكل أكثر من 9% من إجمالي حجم عمالة السوق المحلية.
وأشار إلى أن الإمارات تعطي أولوية كبيرة لقطاع السياحة والسفر، لتنويع القاعدة الاقتصادية، ودعم المزيد من فرص العمل، في ظل جهودها المستمرة والمتواصلة لتحسين البنية التحتية، ورفع مساهمة القطاع في اقتصاد الدولة.
وتوقع المجلس أن يواصل قطاع السياحة والسفر نموه خلال السنوات المقبلة، ليسهم في دعم أكثر من 700 ألف فرصة عمل، تشكل نحو 10.1% من إجمالي العمالة، مشدداً على أهمية تنمية رأس المال البشري ودعم الاستثمارات.
ورجح التقرير الذي خصص للقطاع السياحي في الإمارات، أن يواصل القطاع نموه القوي في أعداد الزوار القادمين إليها حتى عام 2019، قبل أن يشهد طفرة قياسية بالتزامن مع استضافة دبي معرض «إكسبو 2020».
وجهة مفضلة
وأشار إلى أن دولة الإمارات تأتي في صدارة الوجهات السياحية المفضلة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وفقاً لمؤشر المخاطر والمزايا الصادر عن «بزنس مونيتور» الذي سجلت فيه الدولة مستوى 67,30 نقطة، بنهاية الربع الثاني من العام 2015، مقارنة مع 63.23 نقطة في الربع الأول من العام.
كما صنف المجلس أخيراً دولة الإمارات الأكثر استثماراً في صناعة السياحة في المنطقة ووضعها بين الدول الأكثر استثماراً في هذا المجال على مستوى العالم أيضاً.
زخم النمو
أجمع خبراء في قطاع السياحة والضيافة على قدرة القطاع السياحي بالدولة على مواصلة زخم النمو خلال العام 2016، رغم استمرار التحديات التي تشهدها الأسواق الخارجية والتذبذبات الحادة في أسعار الصرف.
وقال ناصر النويس رئيس مجلس إدارة مجموعة روتانا: «رغم أن عام 2015 كان مليئاً بالمفاجآت والصعوبات، إلا أن السرعة والحرفية في مواجهتها وتعاون التنسيق القريب بين جميع الجهات بدأ من دوائر السياحة إلى خطوط الطيران والفنادق، عبر البحث عن أسواق جديدة، ساعدت بشكل كبير في تخفيف النقص وتعويضه، بل وتحقيق أرقام قياسية، متوقعاً أن يواصل القطاع زخمة خلال العام المقبل».
من جهته، قال الرئيس التنفيذي لمجموعة جميرا، جيرالد لوليس، إن التوسعات الجديدة للناقلات الوطنية مثل الاتحاد وطيران الإمارات وفلاي دبي والعربية للطيران، ومن خلال افتتاحهم لوجهات جديدة، ساهمت بشكل رئيسي في جذب زوار جدد إلى الدولة.
وقال فيليب زوبير، الرئيس التنفيذي للعمليات في مجموعة إعمار للضيافة: إن قطاع الضيافة سيشهد هذه السنة نموّاً ملحوظاً وخصوصاً في مجال سياحة الأعمال، ويعود ذلك إلى التحضيرات الجارية لاستضافة «إكسبو 2020 دبي».
وتوقع استمرار سياحة الترفيه وزيادة قوّة سياحة الاجتماعات والحوافز والمؤتمرات والمعارض، بما أنّ المدينة باتت الوجهة المفضلة للمعارض والفعاليات الدولية. إلا أنه في المقابل أشار إلى أن أحد أبرز التحدّيات التي تواجه القطاع هي الحاجة المستمرة لمواكبة الاتجاهات الدائمة التغيّر، منوهاً إلى ما تقوم به المجموعة من أبحاث مفصّلة عن السوق كلّما قرّرت التوسّع في سوق دولي، وتطوّر المشاريع، بحيث تلبّي احتياجات النزلاء من كل سوق خاصة الشرق الأوسط وأوروبا وجنوب شرق آسيا والهند والصين وروسيا.
بدوره، قال محمد الخوري مدير عام «جولدن ساندز» للشقق الفندقية: إنه على الرغم من الضغط الذي تشكله كمية المعروض الجديد من الغرف في السوق على الأداء العام لهذه الصناعة، تبقى التوقعات إيجابية، مشيراً إلى أن مصدر قوة الأداء يتمثل في توفير أماكن إقامة بأسعار معقولة للعائلات، وتقديم مجموعة متنوعة من الخدمات التي تقدمها جولدن ساندز للشقق الفندقية.
نمو الطيرانإلى ذلك أكد لوران فوافنيل، المدير التنفيذي لـ «أتش أم أتش» لإدارة الضيافة، أنه على رغم التحديات التي واجهها قطاع السياحة في الأسواق العالمية خلال الأشهر الماضية، والتي شكلت عوامل ضغط على أسعار الغرف والإشغال، إلا أن سوق الإمارات، نجح في المحافظة على زخم النمو، مستفيداً من النمو الهائل في صناعة الطيران، وخاصة شركات الطيران المنخفضة التكاليف، وطاقة المطارات المتزايدة، وظهور أماكن الجذب والترفيه الجديدة، والبنية التحتية لتطوير الأعمال.
من جهته، قال المدير العام لفندق «مريديان» العقة في الفجيرة باتريك أنطاكي: إن مدن الإمارات بوجه عام تتمتع ببنية تحتية متميزة توفر كل ما يحتاجه السائح، مشيراً إلى ما تتمتع به الدولة من مطارات تعد الأبرز عالمياً في خدماتها إلى جانب شركتي طيران تعدان من الأكبر عالمياً، وتربطان عدداً كبيراً من دول العالم بالإمارات.
أضف تعليق