فى تصعيد جديد، بدأت العديد من الدوائر الاستعداد مبكراً لجولة جديدة من الحرب الاقتصادية بين الولايات المتحدة والصين، وسط تحذيرات من الطموح الصينى المتزايد والذى بات يهدد المصالح الأمريكية فى القارة الآسيوية.
معارك الفولاذ
وحذرت الصين من أنها ستتخذ إجراءات لحماية مصالحها، في حال فرضت الولايات المتحدة عقوبات تجارية مشددة على صادراتها من الفولاذ والألمنيوم.
وأوصت وزارة التجارة الأميركية يوم الجمعة بفرض رسوم جمركية باهظة على الصين، وغيرها من الدول لمواجهة الوفرة العالمية في الفولاذ والألمنيوم، حيث طرحت سلسلة من الخيارات المحتملة في تقرير رفعته إلى الرئيس الأميركي دونالد ترمب.
ويشكل التحرك فرصة لـ ترمب لدعم سياسته التجارية تحت شعار “أميركا أولا”، حيث يتوقع أن يتخذ قراراً بشأن هذه الإجراءات الشهر المقبل، لكنه كذلك يثير مخاوف من اندلاع حرب تجارية بين أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم.
وقال المسؤول في وزارة التجارة الصينية وانغ هيجون في بيان صدر للرد على التقرير الأميركي: “في حال أثر قرار الولايات المتحدة النهائي على مصالح الصين، سنتخذ الإجراءات اللازمة دفاعاً عن حقوقنا”.
وأشار التقرير الأميركي إلى المخاوف جراء الإفراط في الإنتاج الصيني، في ما يتعلق بالأمن القومي والدفاع. لكن وانغ اعتبر أن النتائج التي توصلت إليها تحقيقات وزارة التجارة “لا أساس لها ولا تتماشى مع الواقع”.
وأضاف أنه على واشنطن أن “لا تتبنى إجراءات مقيّدة بحجة الأمن القومي في معادلة غامضة بإمكانها أن تؤدي بكل سهولة إلى انتهاكات”.وتنتج الصين نحو نصف الفولاذ في العالم، لكنها لا توفر إلا 2% من الفولاذ الذي تستورده الولايات المتحدة.
وتصر الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على أن الإنتاج الصيني الزائد يلقى دعماً حكومياً كبيراً من الدولة، حيث تسبب بخفض الأسعار العالمية، ما يؤثر سلباً على إنتاجهما المحلي.
واتهم ترمب، الثلاثاء، بكين بتدمير صناعات الألمنيوم والفولاذ الأميركية، قائلاً إنه يفكر في “جميع الخيارات”.
المخاوف الأمريكية تهدر صفقات ضخمة
وتشدد الولايات المتحدة موقفها تجاه التعاملات التجارية مع الصين. حيث رفضت اقتراحا باندماج بين سوق شيكاعو للأسهم ومجموعة استثمار ذات روابط صينية.وصدر القرار بعد أكثر من عامين من مراجعات قام بها مسؤولون.
وفي بادئ الأمر، نال الارتباط موافقة من لجنة الاستثمارات الخارجية في الولايات المتحدة، مع انتظار موافقة أخرى من هيئة الأوراق المالية الأمريكية.
لكن سياسيين أمريكيين، بينهم الرئيس دونالد ترامب، أعربوا عن اعتقادهم بأن السماح لمؤسسة صينية بالاستثمار في سوق للأسهم بالولايات المتحدة هو فكرة سيئة
وفى يناير الماضى رفضت الولايات المتحدة الموافقة على بيع شركة “مانيغرام” لتحويل الأموال إلى مجموعة “آنت فاينانشال” الصينية، التابعة لشركة “علي بابا” العملاقة للتجارة الإلكترونية.
وكان من المقرر أن تعقد الصفقة مقابل 1.2 مليار دولار.وتعد هذه أكبر صفقة صينية ترفضها واشنطن منذ وصول دونالد ترامب إلى سدة الحكم.وقالت الشركتان إن الهيئات الرقابية التى تشرف على الاستثمارات الأجنبية فى الولايات المتحدة قد رفضت الموافقة على الصفقة.
وبدأت واشنطن مراجعة رسمية لممارسات الملكية الفكرية الصينية فى أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضى. كما حث سياسيون وقادة عسكريون أمريكيون الإدارة الأمريكية على إلقاء نظرة فاحصة على الاستثمارات الصينية فى الولايات المتحدة، وخاصة فى مجال صناعة التكنولوجيا.
وفي سبتمبر/أيلول، منعت الولايات المتحدة بيع شركة “لاتيس سيميكوندكتور” لشركة “كانيون بريدج كابيتال بارتنرز” المدعومة من الصين مقابل 1.3 مليار دولار، مشيرة إلى مخاوف بشأن “نقل محتمل” للملكية الفكرية من شركة “لاتيس”، التي تصنع رقائق الكمبيوتر المتقدمة.
وتشمل الصفقات الأخرى التي لم تكتمل بسبب رفض الولايات المتحدة كلا من استحواذ شركة “تشينا أوشنويد هولدينغز” على شركة “جينورث فاينانشال” الأمريكية مقابل 2.7 مليار دولار، واستحواذ شركة “أورينت هونتاي كابيتال” الصينية على شركة “أبلوفين” الأمريكية مقابل 1.4 مليار دولار.
الصين أكبر دائن للولايات المتحدة
على الجانب الآخر تعد الصين تعد أكبر دائن للولايات المتحدة في الوقت الحالي ونقلت وكالة “بلومبيرج” عن مصادر صينية قولها إن هناك توصية من جانب مسؤولين حكوميين بخفض أو وقف مشتريات سندات الخزانة الأمريكية،.
وتمتلك الصين سندات أمريكية بقيمة 1.12 تريليون دولار بنهاية شهر أكتوبر الماضي، لتتصدر قائمة أكثر دول العالم امتلاكاً لديون الولايات المتحدة، يليها اليابان ثم إيرلندا.
وتمتلك الصين حالياً نحو 19% من إجمالي السندات الأمريكية المملوكة لأجانب والبالغة قيمتها 6.3 تريليون دولار، بينما تتوزع باقي ديون الولايات المتحدة التي سجلت 20 تريليون دولار بين ديون داخلية وأخرى مملوكة للاحتياطي الفيدرالي.
حرب التصريحات
لا تعتبر هذه المرة الأولى التي تشهد جدلاً في الولايات المتحدة أو الصين بشأن ملكية بكين للديون الأمريكية، حيث أبدى مهتمون ومسؤولون من الجانبين قلقاً حيال هذه العلاقة لأسباب مختلفة.
وشهد عام 2009 إعلان رئيس الوزراء الصيني آنذاك تخوفه بشأن مدى أمان حيازة بلاده من الديون الأمريكية، كما تجددت المخاوف في عام 2011 مع خفض التصنيف الائتماني للسندات الأمريكية، ومع بدء برنامج التيسير الكمي في الولايات المتحدة.
كما أبدى العديد من واضعي السياسة المالية في الولايات المتحدة قلقهم مراراً من مدى حيازة الصين للسندات الأمريكية، محذرين من تأثير محتمل لأيّ خفض كبير في هذه الملكية حال وقوع أزمة بين الجانبين، بحسب دراسة لخدمة أبحاث الكونجرس.
لكن تولي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قيادة البيت الأبيض وتحذيراته المتتالية للصين بسبب ارتفاع العجز التجاري لبلاده مع بكين أعاد التوتر للعلاقات بين الجانبين.
وقال ترامب في نوفمبر الماضي إن العجز التجاري للولايات المتحدة مع الصين “ضخم للغاية ويجب معالجة الممارسات التجارية غير العادلة على الفور”.
أضف تعليق