المملكة تدرس مع بنوك إصدار صكوك خلال الربع الأول من العام المقبل
المصرفيون يتوقعون إصدارا سياديا آخر العام المقبل
نقلت وكالة “بلومبرغ” عن مصادر مصرفية أن المملكة تدرس مع بنوك إصدار صكوك خلال الربع الأول من العام المقبل، مشيرة إلى أن آجال الصكوك ستكون مختلفة عن السندات التي أصدرتها المملكة في أكتوبر الماضي، وستتراوح بين 7 سنوات و16 سنة.وأكدت المصادر أنه لم يتم تحديد حجم الإصدار بشكل نهائي.
الموازنة الجديدة
ووفقا للموازنة الجديدة فإن المملكة تعتزم زيادة نسبة الدين من الناتج المحلي الإجمالي إلى 30% بحلول 2020. ، وتمويل العجز من خلال إصدار سندات الدين في السوقين الدولي والمحلي، بينما بلغت مستويات الدين الحكومي حتى شهر ديسمبر الجاري نحو 12.3 في المئة، من الناتج المحلي الإجمالي (317 مليار ريال سعودي)، في حين شكلت القروض الخارجية ثلث إجمالي الدين.
ورجح تقرير أن تتلقى أسواق السندات الموازنة بإيجابية، نتيجة لارتياح المستثمرين تجاه تقليص العجز، كما أن خطة التحويل النقدي المباشر من شأنها دعم الانفاق الاستهلاكي في المملكة، والذي تأثر سلباً بتقليص الدعوم.
قال وزير المالية السعودي محمد الجدعان إن المملكة من المتوقع أن تستأنف إصدار السندات بالعملة المحلية في الربع الأول من العام 2017 لكنها ستعمل على ضمان ألا تؤثر الإصدارات على احتياجات القطاع الخاص للتمويل أو على السيولة بالقطاع المصرفي.
وقال إن التقديرات المنخفضة للعجز في العام المقبل تجعل الحاجة للتمويل أقل مما كانت في 2016.وأضاف قائلاً “من المرجح أن نلجأ لإصدار سندات محلية خلال الربع الأول من العام ومن المتوقع أن تكون بشكل شهري لكن ذلك سيعتمد على السيولة في النظام (المصرفي)”.
وتابع قائلاً “لدينا عجز محدود جداً هذه المرة ولهذا حاجتنا (للتمويل) محدودة… لكن بوجه عام سنلجأ للسوق المحلية وسنتأكد من عدم مزاحمة القطاع الخاص”.
ولفت إلى أن الحكومة تعتزم اللجوء لأسواق الدين العالمية العام المقبل لتمويل العجز كما تعتزم مواصلة السحب من الأصول الأجنبية لكن بمعدل أقل عما كان عليه الأمر هذا العام.
وكانت السعودية قد أصدرت سندات بـ 17.5 مليار دولار في أكتوبر، في أكبر طرح في تاريخ الأسواق الناشئة، وقد لقي الإصدار طلبات بواقع 67 مليار دولار.
وحققت السندات السعودية أكبر سِجل أوامر وطلبات في دولة مصدرة للسندات من الأسواق الناشئة بنحو ٦٧ مليار دولار.وأكد ذلك ثقة المستثمرين الدوليين والمؤسسات المالية برؤية ٢٠٣٠ ومستقبل الاقتصاد فى المملكة وقدرتها على التعامل مع انخفاض أسعار النفط .
ووصف مراقبون في السوق العالمية الإصدار بالتاريخي، إذ اقترب دفتر أوامر الشراء من الرقم القياسي البالغ 69 مليار دولار لإصدار سندات في الأسواق الناشئة الذي سجلته الأرجنتين في نيسان (أبريل) من هذا العام.
وتوقع مصدر مطلع أن تجمع السعودية ما يصل إلى 17.5 مليار دولار عبر طرح السندات التي تتضمن شرائح لآجال خمسة وعشرة و30 عاما
وتم تسعير شريحة السندات لأجل خمس سنوات عند 140 نقطة أساس فوق أدوات الخزانة الأمريكية زائدا أو ناقصا خمس نقاط أساس. ويقل هذا السعر عن التسعير الأولي الذي بلغ 160 نقطة أساس فوق أدوات الخزانة الأمريكية.
وانخفض السعر الاسترشادي للسندات الصادرة لأجل عشر سنوات إلى 170 نقطة أساس زائدا أو ناقصا خمس نقاط أساس مقارنة بتسعير أولي عند نطاق يفوق 185 نقطة أساس.
وحددت السعودية السعر الاسترشادي للشريحة الصادرة لأجل 30 عاما عند نطاق يزيد على 215 نقطة أساس زائدا أو ناقصا خمس نقاط أساس. وبلغ التسعير الأولي لتلك الشريحة نحو 235 نقطة أساس
ثلاث شرائح
المبالغ التي اقترضتها السعودية قسمت إلى ثلاث شرائح بحسب مصرف “إتش إس بي سي” الذي شارك في الإشراف على عملية الطرح، الأولى قدرها 5.5 مليار دولار على خمس سنوات بنسبة فوائد اسمية سنوية 2.375 في المائة، والثانية قدرها 5.5 مليار دولار أيضا لعشر سنوات بنسبة 3.25 في المائة، والثالثة قدرها 6.5 مليار دولار لـ 30 سنة بنسبة 4.5 في المائة. ويبلغ معدل الفائدة السنوية الفعلية التي ستسددها السعودية على مجمل المبالغ المقترضة 2.588 في المائة لخمس سنوات و3.407 في المائة لعشر سنوات و4.623 في المائة لـ 30 سنة.
تقدر تكلفة الإصدار على السعودية للشريحة الأولى البالغه 5.5 مليار ريال بنحو 195 مليون دولار للسنوات الخمس. في حين تبلغ تكلفة الشريحة الثانية البالغ قيمة إصدارها 5.5 مليار دولار ولمدة عشر سنوات بنحو 513 مليون دولار.
والشريحة الثالثة البالغة قيمة إصدارها 6.5 مليار دولار لـ 30 سنة تقدر قيمة عوائدها للمستثمرين ( تكلفتها) نحو 2470 مليون دولار. علما أن قيمة العوائد السابقة هي قيمة تقديرية لتكلفتها على جهة الإصدار (السعودية) في حال لم يطرأ أي تغير على أسعار الفائدة وفي حال لم يتم إطفاء السندات أو إلغاؤها.
تقييم فيتش
أكدت فيتش للتقييم الائتماني تصنيفها عند AA- للسندات الدولارية السعودية، وهو ذات التصنيف الذي منحته الوكالة عند إطلاق الإصدار للمرة الأولى، ما يعكس ثقة الأسواق بهذه السندات.
وقالت الوكالة إنها أعطت تصنيفا نهائيا AA- لإصدار السندات السعودية غير المضمونة والتي تشمل شريحة بقيمة 5.5 مليار دولار تستحق في 2021 بعائد 2.375 % وأخرى بقيمة مماثلة وعائد 3.25 % تستحق في 2026 وشريحة ثالثة تستحق في 2046 بقيمة 6.5 مليار دولار وعائد 4.5 %
نجاح المملكة
وسجلت الأرجنتين الرقم القياسي الحالي لإصدار سندات في الأسواق الناشئة في نيسان (أبريل) عندما باعت سندات بقيمة 16.5 مليار دولار.
ويرجع الحجم الهائل للطلب على السندات السعودية جزئيا إلى انخفاض أسعار الفائدة عالميا وإحباط صناديق الاستثمار الناجم عن نقص الأصول ذات العائد المرتفع في جميع أنحاء العالم.
لكن بيع السندات يبرز نجاح المملكة في طمأنة المستثمرين إلى قدرتها على تحقيق استقرار في ماليتها العامة وخفض الاعتماد على النفط. وفي الأيام التي سبقت البيع عقد مسؤولون سعوديون كبار سلسلة اجتماعات مع كبار المستثمرين في لندن والولايات المتحدة.
ومن المتوقع أن يضع إصدار السندات السعودي سعرا مرجعيا للمملكة ويمهد الطريق أمام المزيد من الإصدارات الدولية من قبل الحكومة في السنوات القادمة إلى جانب مبيعات السندات من قبل مجموعة من الشركات السعودية الكبرى.
ثلاثة منافع
سيعود الإصدار بالنفع على المملكة من عدة أوجه. فمن خلال إيجاد مصدر جديد للتدفقات الدولارية -حيث يتوقع المصرفيون إصدارا سياديا آخر العام المقبل- ستخفف السندات الضغوط لخفض قيمة الريال.
كما أن إصدار الشهر الماضى قد يكفي وحده تقريبا لسد العجز الحالي في ميزان المعاملات الجارية السعودي العام المقبل الذي يقدره صندوق النقد بنحو 17.7 مليار دولار.
ثانيا، ستتيح السندات للسعودية إبطاء وتيرة السحب من أصولها الأجنبية لسداد التزاماتها وهو لب ضغوط المضاربة على الريال.حيث أن عملية السحب الشهري ستتباطأ لتصل إلى متوسط ما بين 3 و3.5 مليار دولار شهريا في عام 2017 مقارنة مع 6.8 مليار دولار شهريا منذ بداية هذا العام.
وبلغ صافي الأصول الأجنبية لدى مؤسسة النقد السعودي 554 مليار دولار في أغسطس آب مما يعني ضمنيا أن من شأن برنامج إصدار ضخم للسندات الأجنبية أن يمنح السعوديين متنفسا لعدة سنوات على الأقل للحد من اعتماد اقتصادهم على صادرات النفط.
كما سيمنح دفعة أيضا للاقتصاد المحلي. فأسعار الفائدة على القروض آخذة في الارتفاع هذا العام مع تقلص السيولة المالية جراء انخفاض تدفقات دولارات النفط وهو أمر يضر بالنمو في القطاع الخاص.ويتوقع المصرفيون إيداع جزء على الأقل من حصيلة الإصدار البالغة 17.5 مليار دولار لدى البنوك المحلية خلال الشهور المقبلة مما يمنحها مجالا أكبر للإقراض وربما يحد بشكل مؤقت من المسار الصاعد لأسعار الفائدة. وقد تنحسر الضغوط على أسعار الفائدة بشكل أكبر مع استغلال الشركات السعودية لإصدار السندات السيادية كمرجع قياسي لتدبير أموال من الخارج بدلا من السوق المحلية.
الديون الخارجية
وواجهت السعودية عجزا في الموازنة بقيمة 98 مليار دولار العام الماضي – تمثل 15 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي- وتكافح من أجل خفض العجز هذا العام.
وأعلنت المملكة في نيسان/ابريل “رؤية السعودية 2030″، وهي خطة طموحة تهدف لتنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على النفط الذي يشكل منذ عقود، المصدر الأكبر للإيرادات الحكومية.
واتخذت الحكومة السعودية خلال الأشهر الماضية سلسلة خطوات تقشف، شملت رفع أسعار مواد أساسية كالوقود والمياه والكهرباء، وتخفيض رواتب الوزراء والتقديمات السخية للموظفين في القطاع العام.
وسبق للسعودية ان اقترضت من السوق الداخلية إلا أن هذا الإصدار سيكون أول عملية اقتراض للحكومة من السوق الدولية.
ويممت المملكة وجهها شطر الأسواق العالمية لتمويل جزء من عجز الموازنة هذا العام وتخفيف الضغط على احتياطي النقد الأجنبي الذي كانت تقوم بالسحب منه لسداد التزاماتها.
ومن المتوقع أن يشهد الاقتصاد السعودي تباطؤاً هذا العام؛ حيث إن أسعار النفط مستمرة في هبوطها، والمملكة تُشارك في حرب مكلفة في اليمن، وكان صندوق النقد الدولي قد تنبّأ بأن يصل نمو إجمالي الناتج المحلي إلى 1.2% مما كان عليه عام 2015م 3.5%.
وبعد هذا الإصدار تكون نسبة الدين العام السعودي إلى الناتج المحلي الإجمالي قد ارتفعت ، إلى 14 في المائة بعد إصدار أول سندات دولية مقومة بالدولار، فيما كانت 5.9 في المائة بنهاية العام الماضي، إلا أنه يبقى بين أقل المعدلات عالميا.
وتعد نسبة الدين العام للناتج بعد السندات الدولية مقاربة لمستويات 2009، بينما أقل من مستوياتها خلال الفترة من 2003 وحتى 2007 التي راوحت بين 82 و17 في المائة. و سيبلغ الدين العام السعودي نحو 90.5 مليار دولار (339 مليار ريال)، مقارنة بـ 646 مليار ريال (2.42 تريليون ريال) الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية المتوقع في نشرة إصدار السندات الدولية من قبل الحكومة السعودية للعام الجاري.
وبعد إصدار السندات الدولية ستصبح الديون الخارجية نحو 27.5 مليار دولار، تشكل نحو 30 في المائة من الدين العام السعودي، مقارنة بـ 14 في المائة بنهاية آب (أغسطس) الماضي، حينما كانت عشرة مليارات دولار، مقابل 63 مليار دولار ديون محلية. وستصبح السعودية رابع أقل دول العالم في نسبة الدين للناتج المحلي الإجمالي بعد إصدار السندات الدولية، بعد كل من: الجزائر (8.7 في المائة)، ونيجيريا (10.5 في المائة)، والكويت (10.6 في المائة).
سندات الخليج
وأظهر تحليل ارتفاع حجم إصدارات دول الخليج من السندات الدولية خلال عام 2016، إلى 41.5 مليار دولار بعد السندات السعودية، التي شكلت 42 في المائة من الإجمالي، فيما أكدت بلومبيرج انتعاش السندات الدولية لدول الخليج مع ارتفاع السندات السعودية في يومها الأول.
وقبل الإصدار السعودي، كان حجم السندات السيادية لدول الخليج نحو 24 مليار دولار، 14.5 مليار دولار منها لقطر، وخمسة مليارات دولار للإمارات، و3.5 مليار دولار لعمان، ومليار دولار للبحرين، فيما لم تصدر الكويت بعد سندات سيادية خلال 2016، وفقا لبيانات لصندوق النقد الدولي. وبعد الإصدار السعودي، تشكل السندات السعودية 42 في المائة من إجمالي الإصدارات الخليجية خلال 2016، ثم قطر بنسبة 35 في المائة، والإمارات بنسبة 12 في المائة، سلطنة عمان بنسبة 9 في المائة. وكانت السعودية أجرت أكبر بيع سندات سوق ناشئة على الإطلاق الأربعاء الماضي، حيث باعت ديونا قيمتها 17.5 مليار دولار (65.6 مليار ريال سعودي) في أول طرح دولي لحكومة المملكة في حين بلغت طلبات الاكتتاب من المستثمرين نحو أربعة أمثال تلك القيمة بنحو 67 مليار دولار أمريكي (251.3 مليار ريال سعودي).وبلغت قيمة شريحة خمس سنوات 5.5 مليار دولار وسعرها 135 نقطة أساس فوق أدوات الخزانة الأمريكية وسجل سعر شريحة مماثلة لأجل عشر سنوات 165 نقطة أساس، في حين وصلت قيمة شريحة الثلاثين عاما إلى 6.5 مليار دولار وسعرها إلى 210 نقاط أساس.
أضف تعليق