توقع رئيس بعثة صندوق النقد الدولي لدى السعودية تيم كالين، أن يكون عجز الميزانية السعودية هذا العام أقل من العام الماضي، مبينا أن هناك تقدما جاريا في مجال الإصلاحات في ظل عمل الحكومة على احتواء النفقات وتحقيق إيرادات إضافية.وأوضح أن الإصلاحات المالية العامة بدأت بالفعل وهناك إصلاحات جارية مهمة لتعميق أسواق رأس المال المحلية.
وأضاف بأن على المملكة أن تحدد جوانب أخرى للإصلاحات وتضع أولويات للإصلاح، وتحدد تسلسل إجراءات السياسة المقرر تنفيذها للحد من مخاطر اختناقات التنفيذ، وتتيح وقتا كافيا لكي تتكيف منشآت الأعمال والأفراد مع الأوضاع الجديدة.
وحول قدرة الاقتصاد السعودي على جذب مزيد من الاستثمار الأجنبي، بين كالين، بأن المهم ليس فقط جذب الاستثمار الأجنبي إلى المملكة، لكن المهم أيضا هو جذب استثمارات السعوديين في الخارج لتعود إلى المملكة.
وأشار إلى أن من بين أهم التحديات التي تواجه الاقتصاد السعودي، الحاجة إلى تخفيض عجز المالية العامة مع الوقت، وأهمية إيجاد فرص العمل للمواطنين.
وتسعى السعودية لمواجهة تداعيات تدهور أسعار النفط وارتفاع الدولار عبر عدّة مسارات منها: تقليص إنفاق الموازنة العامة، والخصخصة، وتنمية دور القطاع الخاص، وتنمية الاستثمار الحكومي، وتنمية مصادر منجميّة أخرى إلى جانب النفط والغاز، فضلًا عن مسار التنويع الاقتصادي. وبعض هذه المسارات له أثر مباشر آنيّ، في حين أنّ مسارات أخرى تعطي أُكلها بعد سنوات قليلة، وأمّا بعضها الآخر، فهو يحتاج إلى فترات أطول وشروط أصعب، وبخاصة مسار التنويع الاقتصادي
وأعلنت السعودية ملامح خطة عريضة للإصلاح الاقتصادي والتنمية تحت عنوان “رؤية السعودية 2030” للنهوض باقتصاد المملكة وتحريرها من الاعتماد على النفط.
إنفاق الموازنة العامة
من المعروف أنّ استمرار السعودية على معدلات نموّ استهلاك الطاقة الحالي يعني أنها ستستهلك خلال عقدين من الزمن معظم إنتاجها من النفط البالغ اليوم نحو 10.3 مليون برميل يوميًا، ومن ثمّ، فلا يبقى لديها ما تصدّره. ويطرح هذا المثال مسألةً متعلّقةً بكيفية استعمال إيرادات النفط الضخمة على مدى السنوات الماضية، كما يطرح ضرورة تعديل كثير من أنماط العيش المترف واستعمال أجزاء من تلك الإيرادات في إنفاق لا يعزّز القدرة الإنتاجية المستقبلية، بدلًا من استعماله لتنمية قطاعات اقتصادية بديلة وتحقيق تنويع متنامٍ للاقتصاد السعودي وموارد الخزينة. وهذا الأمر لا يقتصر على المملكة العربية السعودية، بل إنه يتعلّق ببقية دول مجلس التعاون. وقد اتخذت السعودية عدة إجراءات لتقليص الإنفاق، وهو ما قلّص عجز الموازنة من 40% عام 2014 إلى نحو 12% عام 2015.
الخصخصة
الحل السهل والعاجل هو بيع القطاع العامّ؛ أي “الخصخصة” وهو قطاع كبير جدًّا في السعودية التي تتوجه إلى خصخصة نحو 14 قطاعًا؛ من أبرزها البريد والموانئ والسكك الحديد والخطوط الجوية والمطارات الدولية وشركة السوق المالية، ومصانع الغلال وتحلية المياه والمستشفيات الحكومية وعدد من المدارس الحكومية النموذجية وغيرها. وتأمل أن يوفّر لها برنامج الخصخصة 267 مليار دولار، بحسب بعض التقديرات، من خلال عملية البيع على مدى عدّة سنوات. وقد بدأت الحكومة السعودية فعلًا تطرح أسهم بعض شركاتها العامة للاكتتاب العامّ.
طرح أرامكو
قال ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، إن المملكة العربية السعودية تستعد لمواجهة حقبة ما بعد النفط من خلال إنشاء أضخم صندوق للثروة السيادية في العالم قوامه تريليونا دولار يضم أفضل وأغلى الأصول في المملكة.
رسم ولي العهد الأمير، محمد بن سلمان، رسم ملامح رؤيته لصندوق الاستثمارات العامة الذي سيدير في نهاية المطاف تريليوني دولار ويساعد على إنهاء اعتماد المملكة على النفط.”
وكجزء من هذه الإستراتيجية، قال الأمير: «السعودية ستبيع أسهما في شركة أرامكو الأم، وتحويلها -شركة النفط العملاقة- إلى مجموعة صناعية متعددة الاختصاصات، وأن الطرح العام الأولي يمكن أن يحدث في أقرب وقت وربما في العام المقبل، مشيرا إلى أن بلاده تخطط حاليا لبيع أقل من خمسة بالمائة.
وقال الأمير إن الطرح الأولي العام لشركة أرامكو ونقل أسهمها إلى صندوق الاستثمارات العامة سيجعل الاستثمارات من الناحية الفنية مصدراً للدخل الحكومي السعودي، وليس النفط»، وقال الأمير محمد: «وما يتبقى الآن هو تنويع الاستثمارات» وتابع، بالتالي فإننا في غضون 20 سنة سنبني اقتصادا أو دولة لا تعتمد بشكل رئيسي على النفط.
منذ قرابة ثمانية عقود حين تم اكتشاف أول بئر نفط سعودي، عزم الملك سلمان ذو الثلاثين عاماً إلي تحويل المملكة العربية لأكبر مُصدر للنفط الخام عالمياً، والآن يبدأ في تنفيذ إستراتيجيته ربما يُصدم المجتمع المحافظ الذي يعتمد على المساعدات الحكومية، من سرعة التغيير والتنفيذ في المملكة العربية السعودية.
شراء بافيت وغيتس
قال الأمير محمد إن من المخطط له أن يتم بيع شركة ارامكو أو شركة النفط السعودية بحلول عام 2018 وربما قبل ذلك بعام واحد، وسيلعب الصندوق الاستثماري عندئذ دوراً رئيسياً في الاقتصاد من خلال الاستثمار محليا وفي الخارج.
وسيكون الصندوق من الضخامة بحيث يستطيع شراء شركة ابل، والشركة الأم لشركة غوغل لشركة الفابيت، وشركة مايكروسوفت وبيركشاير هاتاواي التي يملكها وارن بوفيت، أي أن الصندوق سيكون قادرا على الاستحواذ على أكبر 4 شركات عالمية مدرجة في العالم.
وقال المدير العام لمجلس إدارة صندوق الاستثمارات العامة ياسر الروميان إن الصندوق سيخطط في نهاية الأمر لزيادة حصة الاستثمارات الأجنبية إلى 50% من الصندوق بحلول عام 2020 مقارنة مع 5% فقط في الوقت الحاضر.
المخطط للتغيير الهيكلي جاء بعد تنفيذ مجموعة من الاجراءات العام الماضي للحد من الإنفاق وعجز الميزانية خوفا من تجاوزها 15 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي وفي نهاية شهر ديسمبر، رفعت السلطات أسعار الوقود والكهرباء وتعهدت بالقضاء على عجز الميزانية بعد انخفاض أسعار النفط.
ومازال هناك الكثير من الإجراءات التي ستعقب هذه الإصلاحات السريعة كجزء من خطة التحول الوطني والتي سوف يتم الإعلان عنها خلال شهر بما في ذلك خطوات لزيادة العائدات غير النفطية بشكل كبير من خلال بعض الإجراءات مثل إضافة ضرائب ورسوم أخري.
وقال الأمير محمد: «إننا نعمل على زيادة كفاءة الإنفاق، وقد اعتادت الحكومة على إنفاق ما يتجاوز 40% من المخصصات المقررة لميزانيتها، وقد تم تقليص هذا الإنفاق إلى 12% خلال عام 2015.وبالتالي فإني لا أعتقد أن لدينا مشكلة حقيقية ناتجة عن انخفاض أسعار النفط.
أضف تعليق