تقارير رئيسي

“إيڤر جراند” الصينية ..الأزمة وسيناريوهات الحل

زادت مؤخرا التخوفات من حدوث أزمة ائتمان جديدة على غرار ما تعرض له العالم في عام 2008، إثر الازمة التي  سببتها إحدى أكبر شركات العقارات العالمية وهي “إيڤرجراند” “Evergrande”  الصينية.

كيف بدأت الأزمة؟

تعاني شركة “إيڤر جراند” الصينية من أزمة في السيولة في ظل ديون متراكمة تزيد عن 300 مليار دولار. رغم أن قيمة أصولها تبلغ 352 مليار دولار ولكنها ترتبط بنحو 128 بنكا و121 مؤسسة مالية غير مصرفية مما يعمق أثر الأزمة على كيانات متعددة.

 

وهوت أسعار أسهم عملاق العقارات الصينى «إيفرجراند» بحوالى 85 % منذ بداية العام الجارى حتى بداية هذا الأسبوع مع تراكم ديونه إلى قرابة 572 مليار دولار كقروض من البنوك والمؤسسات المالية الأخرى منها 240 مليار دولار مستحقة فى أقل من عام واحد برغم أن الاستثمارات العقارية فى الصين زادت بنسبة 15.9 % خلال الثمانية شهور الأولى من هذا العام بالمقارنة مع مستوى عام ماقبل الوباء.

 

وذكرت وكالة بلومبرج أن أسعار أسهم شركة إيفرجراند تعانى من هبوط متواصل على مدار العام الجارى لدرحة أنها خسرت فى الجلسات الخمس الأخيرة فقط %40 من قيمتها بعد أن ظهرت أزمة ديونها منذ بداية عام 2018 عندما تخلفت الشركة عن سداد ديون بأكثر من 4 مليارات دولار ثم جاء عام كورونا وزاد الطين بلة لدرجة أنها منحت فى أواخر عام 2020 تخفيضات على وحداتها وعقاراتها بحوالى %30 فى محاولة لجذب العملاء.

، بدأت شركات التصنيف الائتماني في التركيز وتسليط ضوء محلليها وأقسام بحوثها على “إيفرجراند” التي لفتت انتباه العاملين في قطاع الائتمان.

وشرعت الشركات تخفيض تصنيف “إيفرجراند” مرة تلو الأخرى، وكما تعرف كلما أصبحت المخاطرة أعلى ارتفعت الفائدة، والكارثة تكون أكبر في حالة كانت القروض بفائدة متغيرة أو احتياج الشركة لسيولة بنكية طوال الوقت، فترتفع الفائدة ومصروفات الدين بشكل مركب متضاعف وتضغط على الإيرادات.

 

منذ العام الماضي بدأت مظاهرات من العملاء، حوالي 1.5 مليون عميل للشركة ينتظر تسلم وحدته السكنية ويكتم أنفاسه على وقع أخبار التعثر والاضطرابات المالية التي يسمعها في وسائل الإعلام مع صعوبات تواجه آلاف العملاء في سحب أموالهم واسترداد مقدم الحجز الذي يبلغ في المتوسط 30% من إجمالي ثمن الوحدة والأسوأ من ذلك هو التوقعات بموجة انخفاض لأسعار السوق العقاري على وقع أزمة “إيفرجراند” وهو ما اضطر كثيرا من عملائها للتفكير في التخلص من الوحدات اليوم قبل غد.

سيناريوهات الحل

الأسواق العالمية مازالت تراهن على قدرة الحكومة الصينية على احتواء الأزمة لتفادي ما يشبه أزمة الرهن العقاري عام 2008، عن طريق الاستحواذ على الشركة بصورة أو بأخرى، حفاظًا على قطاع يمثل 30% من الناتج المحلي الصيني. لاسيما وأن الشركة توظف أكثر من 200 ألف شخص وتوفر بشكل غير مباشر 3,8 مليون وظيفة ،مدينة بأكثر من 300 مليار دولار ديون، مصحوبة بأكثر من 1.5 مليون شخص قاموا بدفع ودائع على منازل جديدة لم يتم بناؤها بعد.

الشركة وجهت نداء استغاثة للحكومة الصينية، وبالفعل بدأت السلطات في التفاعل مع هذا النداء والتعامل مع الأزمة وفي نفس الوقت عينت “إيفرجراند” عدداً من الشركات الاستشارية المالية، وأغلب السيناريوهات تميل نحو إطلاق السلطات الصينية لحزمة إنقاذ ضخمة لتعويم الشركة ومنعها من الغرق لكي لا تسحب معها كامل القطاع العقاري والمصرفي الصيني للهاوية.

 

لكن على الرغم من ان بعض التحليلات تشير بثقة إلى أن “إيفرجراند” ستنجو من الأزمة بلا شك , غير أن الحكومة الصينية قد تلجأ إلى استراتيجية “Building implosion” ترجمتها الحرفية أنها طريقة تفجير المباني المطلوب إزالتها دون أن تتضرر الأبنية المجاورة لها، وهي طريقة هندسية دقيقة لوضع المتفجرات في زوايا ونقاط معينة في المبنى لدفعه للسقوط دون التسبب بضرر للمنطقة بأكملها، لكن التشبيه المقصود هنا أن تقوم الحكومة الصينية بعملية جراحية للتخلص من “إيفرجراند” دون التسبب في ضرر بالقطاعات المرتبطة والتي تتغذى عليها في البنوك والعقارات والتوريدات العمومية. خاصة مع ارتفاع ديون الشركات فى الصين إلى مستوى قياسي يمثل 160% من حجم الناتج المحلي الصيني وتحذيرات البنك المركزي هناك من المخاطر المالية التي تراكمت في البلاد على مر السنين.

بغض النظرعن المنهج وآليات التنفيذ, فإن الحكومة الصينية بلا شك ستتدخل ليس فقط  لإنقاذ ايفرجراند , ولكن لإعادة ضبط مستوى ديون الشركات وتبريدها قبل أن تتحول إلى فقاعة .