تقارير

إلى أين وصل اقتصاد ” الدوحة” ؟

لا يبدو الاقتصاد القطرى في أفضل حالاته , وبالنظر إلى الأرقام يتضح حجم خسائر البورصة والتى لا يتوقف نزيفها ,فضلاً عن قطاعات أخرى تضررت بشدة جراء المقاطعة .

بيانات بورصة قطر، تظهر أنها قد خسرت نحو 35 مليار ريال منذ بداية المقاطعة في 5 يونيو 2017، بعدما تراجعت القيمة السوقية لأسهم الشركات المدرجة في البورصة إلى 493.6 مليار ريال في نهاية يونيو 2018، مقارنة بـ528.5 مليار ريال في أوائل يونيو 2017.

صحيحٌ، أن بورصة قطر قد حاولت التقاط أنفاسها لتعوض جزءاً من خسائرها في الأشهر الستة الأولى من العام الحالي، بعدما ارتفعت القيمة السوقية للشركات بنحو 21.58 مليار ريال من 472 مليار ريال نهاية ديسمبر 2017 (مطلع يناير)، وذلك طبعاً جراء التسهيلات والحوافز التي أطلقتها الحكومة القطرية في محاولة منها لجذب رؤوس الأموال والاستثمارات الأجنبية.

غير أنه من يمعن التدقيق في تسلسل الأحداث، يرى أن البورصة القطرية قد تكبدت خسارة بنحو 91,4 مليار ريال خلال العام 2017 حيث فقدت 16.23% من قيمتها السوقية على أساس سنوي ، إذا ما قارناها مع قيمة أسهم الشركات المدرجة في نهاية العام 2016، حين بلغت آنذاك 563,46 مليار ريال قطري. وبمعادلة حسابية بسيطة، فإن 70 مليار دولار هو ما فقدته البورصة القطرية من قيمتها خلال عام ونصف

وبحسب أحدث البيانات، انخفضت القيمة الإجمالية للأسهم المتداولة في بورصة قطر خلال شهر يونيو 2018، بنسبة 25.57% لتصل إلى نحو 7,96 مليار ريال مقابل 10,7 مليار ريال في مايو الماضي. كما انخفضت عدد الأسهم المتداولة بنسبة 36.04% ليصل إلى 170 مليون سهم مقابل 265,9 مليون سهم، في حين تراجع عدد العقود المنفذة بنسبة 27.27% ليصل إلى 78,360 عقداً ، مقابل 107,738 عقداً.

 

الجهاز_المصرفي_القطري نال نصيبه هو الآخر و تراجع ودائع البنوك المحلية لدى مصرف قطر المركزي، حيث فقدت نحو 7.6 مليار ريال خلال 9 أشهر من إعلان المقاطعة لقطر، من 17.77 مليار ريال في يونيو 2017 إلى 10.1 مليار ريال في مارس 2018 (بحسب أحدث بيانات لمصرف قطر المركزي).وما تراجع الاحتياطيات الدولية والسيولة بالعملات الأجنبية لدى البنك المركزي القطري،.

وانخفض إجمالي الاحتياطي الدولي من (ذهب، وأرصدة لدى البنوك الأجنبية، سندات وأذونات خزينة أجنبية، ودائع حقوق السحب الخاصة والحصة لدى صندوق النقد الدولي، وإجمالي الاحتياطيات الرسمية، وموجودات سائلة بالعملة الأجنبية “ودائع”)، بنحو 28.8 مليار ريال من 166.5 مليار ريال قبل المقاطعة إلى 137.7 مليار ريال في نهاية الربع الأول من العام الجاري.

 

تجلت الآثار الاقتصادية في خفض التصنيف الائتماني للدولة ، والذي دفع لهروب الودائع البنكية وشح السيولة في القطاع المصرفي، إضافة لتأثر الاحتياطي الأجنبي مما يشير لمزيد من الانهيار مع دخول المقاطعة عامها الثاني.الأزمة طالت قيام الدوحة ببيع حصص في الشركات الحكومية عبر خصخصتها بالبورصة وزيادة نسبة تملك الأجانب بها، ناهيك عن انهيار وشيك للسياحة وخسائر كبيرة للخطوط الجوية القطرية.

على مدار عام، توالت سلسلة التخفيضات على التصنيف الائتماني لقطر، بدأت بوكالة «موديز» للتصنيف الائتماني التي خفضت تصنيفها من (AA2) إلى (AA3)، بسبب ضعف المركز الخارجي للبلاد والضبابية التي تكتنف استدامة نموذج النمو بعد السنوات القليلة المقبلة.وبحسب «موديز» فإن قطر استنفدت ما يقارب 40 مليار دولار، أي ما يعادل 23 في المئة من ناتجها المحلي، لدعم اقتصادها في أول شهرين من بداية الأزمة.

وأضافت الوكالة أن قطر تواجه تكاليف اقتصادية ومالية واجتماعية كبيرة، ستؤثر بشكل كبير في قطاعات عدة، مثل التجارة والسياحة والمصارف.كما خفضت وكالة «فيتش» للتصنيف الائتماني، تصنيف قطر من (AA) إلى (- AA) مع نظرة مستقبلية سلبية.

وعلى نفس النهج خفضت وكالة «ستاندرد آند بورز»، تصنيف قطر من (AA) إلى (AA-)، وتوقعت تباطؤ النمو الاقتصادي وتأثر التجارة الإقليمية وتضرر ربحية الشركات وضعف الثقة في الاستثمار.وغيرت «ستاندرد آند بورز» في تقرير منفصل نظرتها المستقبلية للاقتصاد القطري من مستقرة إلى سلبية مع تأكيد التصنيف السابق عند (AA-)، مع تأثر الأصول الحكومية التي ستعوض هروب رؤوس الأموال خارج البلاد.

خفضت «موديز» تصنيف الودائع طويلة الأجل لبنك الدوحة، بسبب تراجع جودة أصوله وكفاية رأس المال، كما أبقت على النظرة المستقبلية السلبية للبنك.وبخلاف موديز، أظهرت تقارير رسمية ذات مصداقية عالية، مدى الخراب الذي حاق بالاقتصاد القطري، وفضحت تقارير أصدرتها مراكز دراسات، محاولة «تنظيم الحمدين» إخفاء الانهيار الذي تعانيه الدوحة، مع اقتراب عزلتها من إنهاء عامها الأول.

كما خفضت «موديز» تصنيف بنك قطر التجاري من (A3) إلى (A2) مع نظرة مستقبلية سلبية نتيجة تراجع الودائع قصيرة الأجل لدى البنك إلى الفئة الثانية مقابل الفئة الأولى. فيما شهدت البنوك المحلية منذ بدء المقاطعة تراجعاً كبيراً وتذبذباً في مستوياتها وهبوط أرباحها. وأعلنت «ستاندرد آند بورز»، توقفها عن تقييم القوة المالية لشركة قطر الدولية للتأمين التابعة للشركة القطرية للتأمين، بعد أن نقلت الأولى مسؤولياتها التأمينية إلى الأخيرة.

وخفضت قطر استثماراتها في سندات وأذون الخزانة الأميركية 80 في المئة إلى 264 مليون دولار حتى نهاية مارس الماضي، مقارنة بنحو 1.38 مليار دولار في مايو 2017. وكان وزير المالية القطري علي العمادي أعلن أن 20 مليار دولار أخرى سيتم ضخها في السوق القطري من صندوق الثروة السيادي، لمواجهة الأزمة المالية، التي تمر بها قطر منذ المقاطعة العربية لدعمها الإرهاب.

هبطت معدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي لقطر لتسجل 1.4% في الربع الأول من 2018، وفق بيانات وزارة التخطيط التنموي والإحصاءات القطرية وكانت تلك المعدلات قد سجلت 3.6% في الربع الأخير من عام 2017.وفقد الاقتصاد القطري مقوماته وانكمش بنهاية الربع الأخير مسجلا بذلك أسوأ أداء فصلي في 4 سنوات. وهبط إجمالي استثمارات الأجانب التراكمية داخل السوق القطري خلال العام الماضي 2017، بنحو 96.4 مليار ريال (26.4 مليار دولار). وكان إجمالي استثمارات الأجانب في السوق القطري، قد بلغ حتى نهاية 2016، نحو 745.6 مليار ريال (204.2 مليار دولار).

 

ويشير اقتصاديون إلى أن خطة تنويع الاقتصاد التي اعتمدتها قطر فشلت في الحد من نزيف خسائر الاقتصاد، وكان من بين أعمدة هذه الخطة افتتاح ميناء حمد لتعزيز قطاع التجارة وتسهيل الاستيراد والتصدير.وتوقع مراقبون اقتصاديون أن يواصل الاقتصادُ القطري نزيفه ليواجه عاماً آخر بالغ السوء مع توالى الصدمات التي يتعرض لها في حال استمرار إجراءات المقاطعة.