تقارير

هل يحدث البرلمان اللبناني الجديد فارقاً فى مشاكل الاقتصاد؟

تمثل الانتخابات اللبنانية  فرصة لإشراك الجمهور في حوار حول كيفية دعم الاستقرار الاقتصادي وتنفيذ الإصلاحات الهيكلية لتعزيز النمو وخلق الوظائف . الناخبون الذين توجهوا اليوم لأول مرة منذ 9 أعوام لاختيار مجلس نيابى جديد  يعلقون آمالاً على الحكومة الجديدة المقرر تشكيلها بعد الانتخابات النيابية، لوضع أسس حقيقية لمحاربة الفساد وتطوير الأداء بما يضمن تحسن مؤشرات الاقتصاد

آفاق الاقتصاد اللبناني محاطة بعدم اليقين

يواجه الاقتصاد اللبناني تحديات بالجملة، فالنمو الاقتصادي يبقى منخفضا، حيث تشير تقديرات صندوق النقد الدولي إلى نموه بنحو 1 إلى 1.5% خلال العام الجاري.وذلك نتيجة تباطؤ واضح في قاطرات النمو التقليدية في لبنان، وهي السياحة والعقارات والمصارف.

ولا تزال آفاق الاقتصاد اللبناني محاطة بعدم اليقين. فطبقا للسيناريو الأساسي الذي وضعه صندوق النقد الدولي، والذي يفترض عدم إجراء إصلاحات أو زيادة في أسعار الفائدة، فسيرتفع النمو الاقتصادي تدريجيا إلى 3% بفضل التعافي العالمي، بينما سيكون التضخم قرابة 2.5% .أمّا الدين العام سيرتفع إلى 180% من إجمالي الناتج المحلي مع حلول عام 2023.

وقد أوصى صندوق النقد الدولي لبنان باعتماد خطة فورية للضبط المالي وتثبيت الدين كنسبة من إجمالي الناتج المحلي ثم وضعه على مسار تنازلي واضح.

كذلك نصح صندوق النقد لبنان باحتواء المخاطر التي تهدد الاستقرار المالي، بما في ذلك تحفيز المصارف على تحسين جودة الائتمان.هذا إضافة الى إصلاح قطاع الكهرباء مع تعزيز وتفعيل الإطار التنظيمي لمكافحة الفساد.

لبنان : تحديات في الحفاظ على تدفقات الودائع الأجنبية

كذلك يواجه لبنان تحديات في الحفاظ على تدفقات الودائع الأجنبية التي تمثل مصدرا أساسيا لتمويل العجز الكبير في الحساب الجاري والموازنة العامة. حيث بلغ نمو ودائع القطاع الخاص 3.8% في 2017  وهو أدنى من متوسط النمو في السنوات السابقة.   وتجدر الإشارة الى أن لبنان يحتاج لنمو الودائع بسبعة إلى 8%، سنويا على الأقل.

إضافة إلى ذلك، أدى الهدر الكبير في الإنفاق الحكومي، إلى ارتفاع الدين العام بحسب بيانات وزارة المالية إلى 79.5 مليار دولار بنهاية العام الماضي، ما يعادل 151% من الناتج المحلي الإجمالي. أما عجز الحساب الجاري فيزيد على 20% من إجمالي الناتج المحلي.

أمّا عجز الموازنة خلال العام الماضي فقد بلغ 7.3% من إجمالي الناتج المحلي.ومن المتوقع أن يبلغ 4.8 مليار دولار هذا العام بما في ذلك العجز في قطاع الكهرباء.

وأشارت بيانات مصرف لبنان إلى أن أسعار العقارات تراجعت بأكثر من 10% العام الماضي، بينما يشير مؤشر مديري المشتريات إلى استمرار تأثر ثقة القطاع الخاص بعدم اليقين السياسي.

أمّا التضخم فقد بلغ 5% في 2017، نتيجة ارتفاع تكاليف الواردات، ولا سيما النفط.

أزمة الكهرباء ا نقطة الضعف الأكثر إلحاحا

يصدح صوت المولدات الخاصة في كل مكان في لبنان وسط انقطاع الكهرباء لـ14 ساعة يوميا في بعض المناطق.باتت الأزمة عنوانا للفشل في توفير الخدمات الأساسية، يصفها صندوق النقد الدولي بأنها نقطة الضعف الأكثر إلحاحا في لبنان، والمصدر الكبير لاستنزاف موارد الموازنة. ثمة ما يصدم أكثر من استمرار الأزمة لـ30 عاما: أن الحل أسهل بكثير مما يوحي به الشلل الحكومي حيالها.

 

تصل طاقة إنتاج الكهرباء في لبنان إلى 1800 ميغاواط كحد أقصى، ويوفر لبنان 400 ميغاواط إضافية من باخرتين مستأجرتين من شركة تركية، وأحيانا من استجرار الكهرباء من سوريا.ويبقى العجز في الطاقة الإنتاجية نحو 850 ميغاواط، يتم تعويضها من خلال المولدات الخاصة.

من استطلاع المشاريع الموقعة في السنوات الثلاث الماضية في عدد من دول المنطقة، يتبين أن مصر أنفقت 6 مليارات دولار على عقود لمحطات بطاقة 14400 ميغاواط.أما دبي، فأرست مشروع محطة بطاقة 800 ميغاواط مقابل 300 مليون دولار.

وفي ليبيا، بلغت تكلفة إنشاء محطة بطاقة 1400 ميغاواط نحو 840 مليون دولار.هذا يعني أن متوسط تكلفة الألف ميغاواط التي يحتاجها لبنان يتراوح بين 370 و590 مليون دولار.

لكن المفاجأة أن الحكومة اللبنانية كانت على وشك الموافقة على خطة تقضي باستئجار باخرتين مقابل 850 مليون دولار، أي بأكثر من تكلفة بناء محطات جديدة.

إلا أن ضخامة المبلغ فجرت خلافا سياسيا، وانتهى الأمر بإبقاء أزمة الكهرباء معلقة إلى ما بعد الانتخاباتالبرلمانية. انتخابات لا يبدو أن أزمة الكهرباء أصابت المرشحين فيها بأي صاعق.

تعهدات مالية بـ 11 مليار دولار خلال مؤتمر «سيدر» لدعم الاقتصاد اللبناني

واتفق المجتمعون فى مؤتمر باريس لدعم الاقتصاد اللبناني «سيدر» هلى تقديم  تعهدات مالية  بأكثر من 11 مليار دولار في صورة قروض ومنح، ومع التأكيد على ضرورة وضع آلية محكمة لمتابعة تنفيذ التعهدات والإصلاحات المتفق عليها.

وذكر البيان المشترك للمؤتمر، أن حكومة لبنان عرضت خطتها الطموحة للاستثمار التي تركز على التنمية وإصلاح البنية التحتية التي تصل تكلفة مرحلتها الأولى نحو 10.8 مليار دولار تشمل قطاعات ذات أولوية مثل الطاقة والمياه وإدارة المخلفات والنقل.
ورحب المشاركون بعودة مؤسسات الدولة اللبنانية للعمل بشكل طبيعي من خلال انتخاب رئيس للدولة وتشكيل حكومة وحدة وطنية وإصدار قانون جديد للانتخابات ستتبعه انتخابات تشريعية في 6 مايو ، كما رحبوا باعتماد موازنة الدولة عام 2017 ثم 2018 وبقانون المياه.
واتفق المشاركون على أنه بالرغم من التطورات الايجابية الأخيرة في لبنان ، إلا أنه لا يزال يواجه تحديات هائلة متمثلة في تأثر اقتصاده وارتفاع البطالة وانزلاق أكثر من 200 ألف لبناني نحو الفقر جراء النزاع السوري ونزوح اللاجئين الى لبنان ، وأكدوا من هذا المنطلق أهمية مؤتمر بروكسل “لدعم مؤتمر سوريا والمنطقة” الذي دعا اليه يومي 24 و 25 أبريل كل من الإتحاد الأوروبي والأمم المتحدة.

وأجمع المشاركون على أن عودة النشاط الإقتصادي والتنمية على المدى الطويل في لبنان يواجهان مشكلات هيكلية متمثلة في عجز كبير في الموازنة ، نحو %10 من إجمالي الناتج الداخلي، مصحوبا بارتفاع في الدين العام بنحو %150 من اجمالي الناتج الداخلي.

 

رأى مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد جهاد أزعور أن لبنان بحاجة إلى معالجة عجزه المالي الكبير والعمل على إصلاحات هيكلية لمساعدة اقتصاده على النمو وإعادة هيكلة قطاعات رئيسية مثل الكهرباء والاتصالات.

 

وفي حديث لوكالة “رويترز”، لفت أزعور الى ان الاقتصاد اللبناني ينمر بوتيرة بطيئة تدور بين اثنين و2.5 بالمئة بفعل الحرب في سوريا حيث استقبل البلد أعدادا كبيرة من اللاجئين الفارين من القتال هناك فضلا عن أزمته السياسية المحلية القائمة منذ سنوات، مشيرا الى ان تسبب هذا في عجز مالي ضخم يعادل تسعة إلى 10 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي.

وشدد أزعور على أن لبنان بحاجة إلى تقليص تلك الفجوة، التي سبق أن وصفها الصندوق بأنها “غير مستدامة”، تدريجيا إلى 5 بالمئة من الناتج الإجمالي، قائلا: “الإقتصاد اللبناني لا ينمو بما يكفي لتحقيق الاستقرار في الوضع المالي فضلا عن معالجة عدد معين من القضايا ومن بينها قضية اللاجئين”.

 

واعتبر أن تعهدات بمساعدات تتجاوز 11 مليار دولار تلقاها لبنان خلال مؤتمر في باريس الشهر الماضي هي الحافز الملائم للبلد لكي “يزاوج بين برنامج الاستثمار وإصلاح مالي ملائم مع إعادة هيكلة بعض القطاعات الرئيسية الضرورية لرؤية الاقتصاد ينمو مجددا”.