تقارير رئيسي

كيف أثر التغير المناخي على أسواق النفط والغاز بالشرق الأوسط؟

أدى الوعي المتزايد بتغير المناخ إلى دفع كل من المستهلكين والحكومات لاتخاذ موقف جاد بالنسبة للتخلي عن النفط والغاز.

وأصبح المستثمرون يضخون الآن مليارات الدولارات في مصادر الطاقة المتجددة، وتعتبر الصين الطاقة المتجددة حتمية أمن قومي.

ويقول جون الترمان، نائب رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، إن التحول في مجال الطاقة سوف يستغرق عقودا ، وأن البنية التحتية المبنية لاستهلاك النفط والغاز تضمن توفر سوقا قوية لسنوات كثيرة.

وعلى الرغم من أن السيارات الكهربائية تجذب الاهتمام، ما زال نحو 90% من مبيعات السيارات الجديدة هي لسيارات تعمل بالبنزين، وما زالت منشآت شحن السيارات الكهربائية تحتاج لمليارات الدولارات وعشرات السنوات لاكتمالها. فالمنازل الحالية بها أفران ومواقد تعمل بالغاز وتبقى لعشرات السنين.

وفي حقيقة الأمر فإن وقود كل طائرات العالم يعتمد على النفط، وأصبح العالم أكثر اعتمادا على المواد المصنوعة من البلاستيك الذي يتم إنتاجها من مشتقات النفط.

هذا دون التطرق للدول النامية، حيث يعيش معظم سكان العالم، والتي تقوم على أساس هوامش اقتصادية أصغر من الدول الغنية. واستهلاك هذه الدول يزداد بدرجة كبيرة مع زيادة الدخول، ومن المرجح أن تعتمد على المعدات والتكنولوجيا القائمة لفترة أطول من الوقت.

وبينما تستطيع الدول الغنية انفاق الألاف على المنتجات الصديقة للبيئة، سيظل النفط والغاز، بالنسبة لكثير من سكان العالم الوقودين المتاحين والأرخص ثمنا.

ويضيف الترمان، مدير برنامج الشرق الأوسط في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الأمريكي في تقرير نشره المركز، أنه بالنسبة للشرق الأوسط، فإن إيرادات النفط والغاز هي قاطرة اقتصاديات المنطقة، حيث إن المنطقة تضم تقريبا كل الدول المصدرة للطاقة والدول المصدرة للعمالة. فالدول الفقيرة ترسل العمال إلى الدول الأغنى، ويرسل العمال المليارات إلى عائلاتهم في أوطانهم. كما أن الاهتمام الاستراتيجي للعالم بالمنطقة يعتمد أيضا على إنتاج الطاقة.

ومن ناحية أخرى، فإن حتمية انضباط السوق قد تقع على عاتق الدول النفطية في الشرق الأوسط، التي سوف تحتاج إلى تقييد الإنتاج للحيلولة دون انهيار الأسعار. والأمر المهم هو كيف سيتحقق ذلك.

وفي حقيقة الأمر فإن الحكومات في أنحاء الشرق الأوسط تستعد منذ سنوات لعالم ما بعد النفط، ولكنها ما زالت بعيدة عن بلوغ أهدافها. ففي دول الخليج، سوف يستغرق التحول من الإنتاجية العالية، والعمالة منخفضة الأجر التي تدعم جهود الإنتاجية المنخفضة، وأجور العمال المرتفعة سنوات.

ويسعى القطاع الخاص جاهدا لتوفير فرص عمل للمنضمين حديثا للقوة العاملة، في الوقت الذي يتجاوز فيه معدل البطالة 30% في كثير من الدول. واغتراب الشباب مشكلة تشغل كل الحكومات منذ الانتفاضات العربية.

ويرى الترمان أن تحول الطاقة سيكون أمرا مهما لن يقتصر فقط على الشرق الأوسط. فأمن الطاقة هو الدافع وراء الكثير من استثمارات الصين الأخيرة في الشرق الأوسط، وإذا ما قررت الحكومة الصينية أن أمنها الخاص بالطاقة يستمد من المناجم الموجودة في أفريقيا وليس من آبار النفط في الشرق الأوسط فعلينا أن نتوقع تحول الاهتمام ورأس المال الصيني. وإذا ظل للنفط والغاز دور أكثر استمرارية في صورة الطاقة العالمية، من الممكن أن يقع مزيد من الصراع بين الولايات المتحدة والصين على النفوذ في المنطقة.

وفي نهاية المطاف، من الممكن أن تتخلى الدول الغربية عن النفط والغاز لأسباب بيئية، بينما تظل الصين والدول النامية متمسكة بهما لأسباب اقتصادية. ومن الممكن أن يحدث ذلك مع تخلي الولايات المتحدة عن القيام بدور مستقبلي في الشرق الأوسط، وحصول الصين على قدر كبير من المكاسب.

ويختتم الترمان تقريره بقوله إن الدوافع الرئيسية وراء تحول الطاقة العالمية سيكون مصدرها من خارج منطقة الشرق الأوسط. وسوف يكون لها تأثير عميق داخل المنطقة، وسوف تحدد الطريقة التي ترتبط بها المنطقة بباقي دول العالم. ويقول البعض أن هذا التغيير سوف يكون كبيرا وسوف يحدث في القريب العاجل.