بيّنت أرقام مصرفية حديثة، استمرار اندفاع البنوك العاملة في السوق المصرية نحو الاستثمار في أذون الخزانة، حيث بلغ إجمالي الرصيد القائم لأذون الخزانة بنهاية مايو الماضي نحو 817.5 مليار جنيه مقابل 684.7 مليار جنيه بنهاية العام الماضي بارتفاع بلغ 132.8 مليار جنيه، كما بلغت استثمارات البنوك في أذون الخزانة بنهاية مايو الماضي نحو 536.3 مليار جنيه مقابل 522.6 مليار جنيه بنهاية ديسمبر الماضي بزيادة بلغت 13.7 مليار جنيه.

وأرجعت الدراسة التي أعدها الخبير المصرفي أحمد آدم تحت عنوان “أسهم المؤشرات الإحصائية في تقرير البنك المركزي المصري أغسطس 2017″، هذا الارتفاع إلى تشجيع البنك المركزي للعملاء الأجانب على الاستثمار في أذون الخزانة فزادت استثماراتهم من 10.2 مليار جنيه بنهاية العام الماضي إلى 136.2 مليار جنيه بنهاية مايو الماضي تعادل ما يوازي نحو 7.6 مليار دولار بزيادة قدرها 126 مليار جنيه عن نهاية العام الماضي بنسبة زيادة تقدر بنحو 1235%.

وبينت الدراسة استمرار البنك المركزي في التوسع في إصدار النقد، حيث بلغ إجمالي النقد المصدر والمتداول في إبريل الماضي نحو 419.7 مليار جنيه مقابل 406.6 مليار جنيه وبزيادة بلغت 13.1 مليار جنيه.

وأشارت إلى انخفاض النقد المصدر والمتداول من فئة عشرة جنيهات من 3074 مليون جنيه إلى 3053 مليون جنيه، وانخفاض النقد المصدر والمتداول من فئة عشرين جنيها من 5536 مليون جنيه إلى 5508 ملايين جنيه.

وطالبت الدراسة بضرورة أن يقوم المركزي المصري بتشجيع البنوك على منح القروض الاستهلاكية لتأثيرها الإيجابي على معدلات النمو الاقتصادي، وذلك بخصم أرصدة القروض الموجهة للقروض الشخصية من الاحتياطيات الإلزامية.

وحذرت الدراسة من زيادة اقتناء الأجانب لأذون الخزانة، حيث إن زيادة نسبة استثمارات الأجانب بالدين المحلي يحوله إلى دين خارجي بما له من تأثيرات سلبية على القرارات السيادية لمصر. كما أن زيادة استثمارات الأجانب بالدين المحلي بصفة عامة وبأداة من أدواته قصيرة الأجل بصفة خاصة يشكل قماشة عريضة للتآمر الاقتصادي على مصر.

وأكدت أن الاستثمارات الأجنبية بصفة عامة وقصيرة الأجل منها بصفة خاصة شديدة الحساسية لأي متغيرات خارجية أو داخلية قد تطرأ على الساحتين العالمية والمحلية وسريعة رد الفعل بالانسحاب من داخل البلاد لخارجها، وهو ما يؤدي لضغط كبير على سعر صرف الجنيه وكذا على الاحتياطيات الدولية للبلاد وعلى ميزان المدفوعات وهو ما حدث بالفعل بعد ثورة 25 يناير.

استثمارات الأجانب في أذون الخزانة

وشددت الدراسة على ضرورة تخفيض استثمارات الأجانب في أذون الخزانة وعدم الاعتماد عليها وعلى الإطلاق في دعم الاحتياطيات الدولية لمصر من العملات الأجنبية.

وأظهرت البيانات ارتفاع معدل نمو الودائع بالعملة المحلية في السوق المصري بنهاية أبريل الماضي بنسبة 7.1% مقابل نحو 2.8% خلال الفترة المقابلة من العام الماضي.

وأكدت أن ارتفاع هذا المعدل له تأثيرات إيجابية كثيرة أهمها ارتفاع معدل نمو الأصول بالعملة المحلية، وبالتالي فإن تحقيق معدلات نمو متعاظمة للودائع تتيح للبنوك تحقيق معدلات نمو متعاظمة في إجمالي أصولها وكذلك استثماراتها، وهو ما يؤثر وبالتبعية إيجاباً على صافي أرباحها والعكس صحيح حال انخفاض معدل نمو الودائع.

إضافة إلى أن ارتفاع معدل نمو الودائع سيمكن البنوك من الاستمرار في تمويل عجز الموازنة من خلال استثماراتها في أذون وسندات الخزانة.
وأرجعت الدراسة ارتفاع معدلات نمو الودائع إلى انخفاض أسعار الذهب بعد ارتفاعها الكبير خلال العام الماضي بمتوسط يتجاوز 140% وهو ما دفع بعض أصحاب الفوائض المالية إلى الاستثمار في الذهب، أما خلال العام الجاري فقد بدأت الأسعار في ثبات نسبي مع الميل للانخفاض وهو ما دفع بعض المستثمرين في قطاع الذهب إلى بيع جزء من استثماراتهم والعودة للإيداع بالبنوك والاستفادة من أسعار العائد المرتفعة.

الإيداعات في البنوك

كما أن انخفاض أسعار الدولار بالسوق السوداء بعد أن حقق ارتفاعاً خلال العام الماضي بنسبة 130.6% دفع بعض أصحاب الفوائض المالية للاتجاه بفوائضهم المالية إما للاستثمار في الدولار بيعاً وشراءً بالسوق السوداء وإما باكتناز الدولار خارج نطاق الإيداع بالبنوك واستخدامه كمخزن للقيمة، أما الانخفاض الحالي بأسعار الدولار بالبنوك والصرافات والسوق السوداء فقد دفع بعض حملة الدولار إلى استخدامه كمخزن للقيمة وأيضاً الإيداع في البنوك.

وشهد العام الماضي توسع البنك المركزي المصري وبشكل كبير في تدعيم الاحتياطيات الدولية لمصر من العملات الأجنبية من خلال اقتراض دولارات من البنوك بطروح من أذون الخزانة الدولارية، حيث بلغ إجمالي ما تم طرحه من أذون مقومة بالدولار واليورو خلال الفترة من ديسمبر 2015 وحتى نهاية مارس الماضي نحو 355 مليار جنيه.

وهذا التوسع رفع من نسبة المخاطر على ودائع البنوك بالعملة الأجنبية كما أنه كان سبباً رئيسياً في تحول صافي الأصول الأجنبية للبنوك المصرية للسالب لأول مرة في التاريخ، وهو أشار له معهد التمويل الدولي في تقاريره وقتها عن تحول صافي الأصول الأجنبية للبنوك المصرية إلى سالب لأول مرة على الإطلاق.

إلا أن البيانات الصادرة عن البنك المركزي المصري أشارت إلى توقف البنك المركزي عن التوسع في إصدار هذه الأذون فانخفض رصيدها من 20.4 مليار دولار في ديسمبر الماضي إلى 19.6 مليار دولار نهاية مارس الماضي.