بعد فترة من النمو القوي، يظهر سوق المكاتب في دبي بعضاً من علامات الاستقرار، مع ثبات متوسط الايجارات دون أي تغيير يذكر في جميع الأسواق الفرعية الرئيسية في المدينة وفي المناطق الحرة، وفقاً لأحدث تقارير شركة كلاتونز الرائدة في مجال الاستشارات العقارية بعنوان “آفاق سوق العقارات التجارية في دبي لفترة شتاء 2015/2016″، والذي يسلّط الضوء على سوق العقارات التجارية في الإمارة.
ووفقاً للتقرير، حافظت إيجارات أسواق المكاتب من الدرجة الأولى و الثانية و الثالثة بشكل عام على استقرارها دون حدوث أي تغييرات في الأرباع الثلاثة الأولى من العام حيث سجلت معدلات 250 و130 و70 درهماً للمتر المربع على التوالي بينما ظلت هذه السوق مجزأة للغاية.
أما الأسواق الصغيرة، التي غالباً ما تكون محدودة للغاية، كما هي الحال مع بعض المباني المحددة، فلا تزال تقاوم أسعار السوق، مثل برجي الإمارات (310 دراهم للمتر المربع)، أو أبراج “غيت دستريكت” (225 درهماً للمتر المربع).
وفي هذا الصدد قال ستيف مورجان، الرئيس التنفيذي لكلاتونز الشرق الأوسط: “يشهد نشاط المستأجرين بعض التراجع، لكن هناك علامات إيجابية تكمن في تنوع السوق، وهو أمر يعكس نشاطاً اقتصادياً عاماً.
وتمثل البنوك والمؤسسات المالية وشركات المحاماة وشركات البناء وشركات التكنولوجيا والإعلام والاتصالات قائمة لمجموعات المستأجرين الأكثر نشاطاً حيث لا تزال المناطق الحرة في المدينة هي الهدف الرئيسي.”
ويمثل الارتفاع التصاعدي البطيء في إيجارات أسواق المكاتب الفرعية في دبي القديمة أيضاً انعكاساً لأداء الاقتصاد بشكل عام حيث يهيمن المستأجرون المحليون على هذه الأسواق.
وتابع مورجان: “رغم أن الطلب على المساحات ضمن هذه الشريحة هو بلا شك أقل من الفترة نفسها خلال العام الماضي، إلا أن الكمية المحدودة من الوحدات الجديدة التي يتم تسليمها في هذه المناطق، إلى جانب وجود معدل طلب ثابت، تتسبب بضغوط تصاعدية على الإيجارات في بعض المواقع والمباني الرئيسية. وهذا الأمر يؤدي إلى توجه بعض المستأجرين إلى أسواق مثل الخليج التجاري، حيث يعتبر متوسط الإيجارات الذي يتراوح من 70 درهم إلى 120 درهم للمتر المربع الواحد أفضل نوعاً ما ويوفر قيمة أكبر مقابل التكلفة مقارنة مع مناطق ديرة أو بر دبي فضلاً عن ميزة إضافية تتمثل في موقع أكثر مركزية مع استمرار تحول مركز جاذبية المدينة نحو الجنوب.”
ووفقاً للتقرير، لا تزال المناطق الحرة في المدينة تقع تحت سيطرة الشركات متعددة الجنسيات مع ارتباط نشاط الإشغال ارتباطاً وثيقاً بأداء الأعمال في أسواقها المحلية. وتؤكد كلاتونز أيضاً على توجه المستأجرين من شركات النفط والغاز إلى دمج المساحات المكتبية مع تقليص عدد الموظفين عالمياً على الرغم من أن هؤلاء المستأجرين لا يعدون شريحة رئيسية في دبي مقارنة بالأسواق الإقليمية الأخرى.
من جهته قال مدير الأبحاث لدى كلاتونز، فيصل دوراني: “تواصل المناطق الحرة في المدينة مراجعة خطط التوسع لتلبية مستويات الطلب المزدهرة مع توقع مساهمة مشاريع مثل “إينوفَيشن هب” في مدينة دبي للإنترنت في تخفيف الضغط على الإيجارات عند إتمامها في الربع الرابع من2017. وتشهد المناطق الحرة الجديدة أيضاً اهتماماً ونشاطاً متزايداً مما يعكس الدور الهام الذي تلعبه المناطق الحرة. على سبيل المثال، برز مجمع الطاقة والبيئة إنبارك كأحدث تجربة ناجحة في دبي ويبدي مستأجرو قطاع الطاقة من الولايات المتحدة مستويات عالية من الاهتمام في تأمين مساحات في مجمع دبي للتقنيات الحيوية والأبحاث دبيوتك، المنطقة الحرة التابعة لتيكوم للاستثمارات بينما يسعون للانتقال إلى دبي للاستثمار في قطاع التكنولوجيا والطاقة الخضراء المتنامي في المنطقة.”
وعلى الرغم من ذلك، تبقى كلاتونز حذرة بشأن آفاق سوق العقارات التجارية في دبي على المدى القصير.
وأضاف دوراني: “مع التوقعات بتعثر النمو العالمي، فإننا نتوقع استمرار تباطؤ نشاط المستأجرين مع تراجع الطلب على المساحات المكتبية خلال الأشهر الإثني عشرة المقبلة. ويأتي ذلك في وقت تشهد فيه قيم الأراضي في الأسواق الفرعية مثل الخليج التجاري انخفاضاً وبالتالي ستتحسن السلامة المالية لبعض المشاريع المتوقفة سابقاً، والتي تشهد الآن استئنافاً في أعمال البناء. ومن المرجح أن قدرة السوق على استيعاب هذه الكمية من المساحات الجديدة ستبطئ سرعة استئناف نموّ قيمة الإيجار في سوق المكاتب بسبب وجود مخاطر تفوّق العرض على الطلب على الرغم من أن هذه الظاهرة يرجح أن تتركز في مكاتب الدرجة الثانية.”
استقرار سوق المستودعات
ويكشف التقرير أن الإيجارات في القطاع الصناعي بدبي لا تزال تظهر علامات متزايدة من الثبات في أعقاب نمو قياسي حققته خلال العام الماضي، فظلت الإيجارات في معظم الأسواق الفرعية دون تغييرات في الأشهر التسعة الأولى من 2015.
وقال مورجان: “على الرغم من أن الإيجارات تبدو مستقرة وهو اتجاه نتوقع استمراره على مدى الأشهر الستة المقبلة، يتوقع أن تساعد أحداث مثل معرض “اكسبو 2020″ والتوسعة المستمرة في ميناء جبل علي وتقدم العمل في مطار آل مكتوم الدولي، ورفع العقوبات التجارية المفروضة على إيران مطلع العام المقبل، في ضخّ زخم إضافي إلى الشريحة المهمة والمؤثرة في اقتصاد المدينة.”
وأضاف:”يبقى النشاط العام في السوق الصناعي متنوعاً مع محافظة القوز على موقعها كمركز لقطاع السيارات، بينما في “دبي الجنوب”، لا يزال مستأجرو قطاع الخدمات اللوجستية يظهرون مستوى عالياً من الاهتمام في الاستحواذ على الأراضي المتاخمة للمطار.”
ويؤكد التقرير أيضاً أن النشاط الاستثماري حافظ على قوته وظل مجمع دبي للاستثمار بشكل خاص يعتبر سوقاً نشطة لفرق العقارات التجارية التابعة لكلاتونز . ومؤخراً استقطبت الوحدة الصناعية التي تمتد على مساحة 55 ألف قدم مربع والتي تم بيعها وإعادة تأجيرها مقابل 25 مليون درهم وهو ما يمثل عائداً صافياً بنسبة 8٪، مجموعة واسعة من المستثمرين الذين أبدوا اهتماماً كبيراً وواسعاً بالمشروع.
واختتم مورغان: “هذا يؤكد القدرة المتنامية لهذه الشريحة الاستثمارية المتخصصة على النمو وهي لا تزال على عكس قطاعات العقارات الأخرى تقدم للمستثمرين مجموعة واسعة من الفرص، مع عوائد مجزية نسبياً.”
أضف تعليق