اخبار

الهيدروجين الأخضر يمهد الطريق لاقتصاد مستدام في سلطنة عمان

تنوع واعد وإمكانيات كبيرة وريادة في السوق العالمي

الساعدي: القطاع يوفر فرصا واعدة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة
الرياحي: الوضع الجيوسياسي الراهن يشكل حافزا لزيادة الاستثمار في الطاقة النظيفة
الشحاتي: توقعات بنمو سوق المركبات العاملة بالهيدروجين إلى 12 مليار دولار بحلول 2030
أكد خبراء ومختصون في مجال الهيدروجين الأخضر أن سلطنة عمان اتخذت خطوات جادة في قطاع الهيدروجين الأخضر، وتمضي بثبات نحو تحقيق أهدافها في تعزيز استدامة اقتصادها والمساهمة في تحقيق التوازن بين تطلعات النمو وحماية البيئة، مشيرين إلى أن عملية تحويل شبكة الغاز الطبيعي إلى شبكة لنقل الهيدروجين النقي ستتطلب تعديلات هيكلية جوهرية، لتحقيق الاستفادة القصوى من هذا المصدر النظيف للطاقة.

وقالوا أن انتقال الاقتصاد نحو مستقبل يعتمد على الهيدروجين الأخضر يمكن أن يحمل فوائد جوهرية، يشمل ذلك تعزيز الاستقلال الطاقي، تنويع الاقتصاد الوطني، وتعزيز استقرار شبكات الكهرباء. بالإضافة إلى ذلك، يلعب الهيدروجين الأخضر دورًا حيويًا في تعزيز مكانة سلطنة عمان على الصعيدين الإقليمي والدولي كمركز عالمي في سوق الهيدروجين الأخضر.

إمكانيات كبيرة
وقال المهندس عبدالهادي الساعدي، مؤسس شركة حلول الهيدروجين الأخضر: إن انتقال الاقتصاد نحو الهيدروجين الأخضر يحمل فوائد عديدة، حيث يعد الهيدروجين الأخضر مصدر طاقة نظيفة، نظرا إلى طريقة إنتاجه من الماء باستخدام الكهرباء المتجددة، ولا يسبب انبعاثات غازات دفيئة، موضحا أن الهيدروجين الأخضر من المقرر أن يسهم في تقليل انبعاثات الكربون بنسبة تصل إلى 34% بحلول عام 2050. كما أن اقتصاد الهيدروجين الأخضر يمكن أن يسهم في تحقيق استقلال طاقي للدول، حيث يمكن إنتاج الهيدروجين محليا باستخدام مصادر طاقة متجددة.

وأكد أن سلطنة عمان لديها إمكانيات كبيرة للاستفادة من إنتاج الهيدروجين الأخضر، حيث يمكن أن يسهم هذا الإنتاج في تنويع اقتصاد البلاد، والحد من الاعتماد على النفط والغاز، ويمكن استخدامه كوقود نظيف في قطاعات النقل والصناعة، مما يسهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة وتقليل انبعاثات الكربون، مشيرا إلى أن سلطنة عمان يمكن أن تلعب دورا مهما في سوق الهيدروجين العالمي، مما يفتح أبوابا لفرص تصدير جديدة، ويعزز مكانتها كمركز طاقة عالمي، وفي السياق الإقليمي، يمكن للهيدروجين الأخضر أن يسهم في استراتيجية التكامل الطاقي مع دول الخليج، معززا الأمان الطاقي والتعاون الإقليمي.

وأوضح الساعدي أن عملية إنتاج وتجهيز ونقل وتخزين الهيدروجين الأخضر تشكل فرصا واعدة للمؤسسات العمانية الصغيرة والمتوسطة، مشيرا إلى أن القطاع يتطلب تقنيات متقدمة وإجراءات سلامة صارمة، مردفا أنه من المهم أن تستثمر الشركات في التكنولوجيا والتدريب لضمان التوافق مع المعايير، وبدعم الحكومة والتعاون ستتاح فرص نمو كبيرة أمام الشركات العمانية.

وبخصوص المخاطر البيئية لعملية استخراج الهيدروجين الأخضر، أوضح الساعدي أن هذه العملية تعد نسبيا نظيفة، خاصة عند مقارنتها بمصادر الطاقة التقليدية، حيث يتم إنتاج الهيدروجين الأخضر من خلال تحليل الماء باستخدام الكهرباء المتجددة، وبالتالي لا تنبعث أي غازات دفيئة نتيجة لهذه العملية.

وشدد مؤسس شركة حلول الهيدروجين الأخضر على أنه يجب الالتزام بمعايير السلامة العالية في التعامل مع الهيدروجين، نظرا لخصائصه القابله للاشتعال، حيث ينصح باستخدام معدات السلامة المناسبة مثل النظارات والقفازات، وتجنب مصادر الحرارة مثل اللهب. ويجب تخزين الهيدروجين في مكان آمن بعيدا عن مصادر الحرارة والكهرباء، واتباع التعليمات الصحيحة لتشغيل معدات الهيدروجين، وتلقي التدريب المناسب على السلامة وصيانة المعدات يقلل من مخاطر الاشتعال.

وأشار إلى أن نقل الهيدروجين الأخضر، يمكن أن يكون أكثر تكلفة من نقل النفط والغاز بسبب التحديات التقنية والسلامة، وتتطلب عمليات نقل الهيدروجين الأخضر استخدام حاويات ضغط عالٍ ومعدات تبريد خاصة، مردفا أن مع تقدم التكنولوجيا وزيادة الاهتمام بالهيدروجين كمصدر نظيف للطاقة، يمكن أن تتغير معادلة التكلفة.

أوضح الساعدي الفرق بين الهيدروجين الأخضر والأزرق، حيث يتم إنتاج الهيدروجين الأخضر عن طريق تحليل الماء باستخدام الكهرباء المتجددة، بينما يتم إنتاج الهيدروجين الأزرق من تحليل الغاز الطبيعي مع التقاط وتخزين ثاني أكسيد الكربون، مضيفا أن تكلفة الهيدروجين الأخضر تكون أعلى من الأزرق، حيث تتراوح تكلفة الهيدروجين الأخضر بين 2.5 إلى 6 دولارات لكل كيلوجرام، مقارنة بـ 1.5 إلى 3 دولارات للهيدروجين الأزرق، موضحا أن الهيدروجين الأخضر لا ينتج انبعاثات كربون، بينما يمكن للهيدروجين الأزرق أن ينتج انبعاثات إذا لم يتم التقاط ثاني أكسيد الكربون بشكل فعال.

وأكد أن الهيدروجين الأخضر يعدّ أكثر استدامة من الناحية البيئية لأنه يعتمد على مصادر طاقة متجددة، في حين يعتمد الهيدروجين الأزرق على الغاز الطبيعي. ومع زيادة الطلب على الهيدروجين الأخضر في الدول التي تسعى لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، يزداد اهتمامه واستخدامه. بينما يجد الهيدروجين الأزرق أيضا مكانته في السوق، خاصة في الصناعات التي تحتاج إلى تحول سريع نحو خيارات أكثر نظافة.

ويتوقع الساعدي أن تشهد تقنيات الهيدروجين تطورا كبيرا بحلول عام 2030، حيث سيتم تحسين كفاءة إنتاج الهيدروجين وتقليل تكلفته، بالإضافة إلى تطوير طرق جديدة لتخزينه ونقله، مشيرا إلى أنه يمكن استخدام الهيدروجين في مجموعة متنوعة من التطبيقات مثل توليد الكهرباء والنقل والتدفئة. ومن المتوقع أن تجعل هذه التطورات الهيدروجين وقودا رئيسيا في المستقبل، وسيؤدي دورا مهما في تسهيل الانتقال إلى مصادر طاقة أكثر استدامة ونظافة.

الأمان الطاقي
وقال محمد الرياحي خبير في قطاع الطاقة: إن مشروعات الهيدروجين الأخضر مازالت بحاجة إلى وقت طويل قبل أن تصبح قوية بما يكفي لمنافسة تكنولوجيات الطاقة المتجددة وأنواع الهيدروجين الأخرى مثل الهيدروجين الأزرق.

وأوضح أن مع التوسع السريع لمشروعات الهيدروجين الأخضر في المنطقة ستؤدي بشكل كبير في زيادة الإمدادات وتوفير الهيدروجين الأخضر للسوق العالمي، مما قد يؤدي إلى تقليل التكاليف وزيادة توافر الهيدروجين الأخضر، ويجعله خيارا أكثر جاذبية للدول والصناعات التي تسعى للاعتماد على مصادر طاقة نظيفة ومستدامة.

وفيما يتعلق بالتأثير الجيوسياسي للأوضاع الراهنة، أكد محمد الرياحي أن الأحداث السياسية والتوترات الدولية تشكل حافزا لزيادة الاستثمار في مشروعات إنتاج الطاقة النظيفة وإنشاء بنية اساسية جديدة، بهدف تقليل التبعية عن مصادر الطاقة التقليدية وتحقيق الأمان الطاقي والاستقلالية.

وأشار محمد الرياحي إلى أن المسألة الحاسمة لجعل الهيدروجين سلعة دولية هي في كيفية نقله من منطقة جغرافية إلى أخرى، حيث يمكن نقل الهيدروجين سائلا أو في حالته الغازية من خلال خطوط الأنابيب أو باستخدام نواقل مثل الأمونيا السائلة أو ناقلات الهيدروجين العضوية السائلة، مردفا أن الأمونيا يعد أحد الخيارات المثلى لنقل الهيدروجين، نظرا لجاهزية البنية الأساسية والموانئ لاستقبالها، فهناك 120 ميناء عالميا مجهزا لاستقبال الأمونيا، وتصل سعة مشروعات الأمونيا الخضراء إلى 34 مليون طن سنويا، و50% من هذه المشروعات قائم في أمريكا الجنوبية.

وأوضح أن ما يتطلبه نقل الهيدروجين بشكل سائل هو ضغط وتبريد الهيدروجين حتى تصل درجة حرارته إلى 253 درجة مئوية تحت الصفر، وتزيد العملية من تكاليف معدات النقل والتخزين بشكل كبير، وتستهلك عملية تسييل الهيدروجين هذه ما يقدر بـ 30% إلى 36% من طاقة الهيدروجين المراد نقله وتسييله. وبالنسبة للتقنيات والبنى الأساسية، فإن تطوير واستخدام نواقل مثل الأمونيا قد يسهم في تخفيض تكاليف النقل وزيادة كفاءة تسييل الهيدروجين، مما يسهم في جعل الهيدروجين سلعة دولية أكثر جاذبية، مشيرا إلى أن الأبحاث حاليا تركز على التغلب على العقبات التقنية لنقل الهيدروجين عبر خطوط الأنابيب، وتشمل هذه التحديات تهشيش الهيدروجين لأنابيب الفولاذ واللحامات، ومراقبة تسرب الهيدروجين، وتطوير تكنولوجيا ضواغط هيدروجين بتكاليف منخفضة. وتمثل المواد مثل البوليمرات المغززة بالألياف خيارا جيدا لصناعة خطوط نقل الهيدروجين، حيث يمكن تقليل تكلفتها وتجنب بعض التحديات المتعلقة باللحام والتهشيش. بالإضافة إلى ذلك، يمكن استخدام شبكات خطوط الغاز الطبيعي المتوفرة حاليا لنقل خليط من الغاز الطبيعي والهيدروجين، مما يمكن أن يتطلب تعديلات بسيطة على البنية الأساسية القائمة.

وأكد محمد الرياحي أن إنشاء شبكة خطوط أنابيب خاصة بنقل الهيدروجين سيتطلب استثمارات رأسمالية كبيرة في البداية، بالمقابل، يمكن تعديل شبكات الغاز الطبيعي الحالية لنقل خليط من الغاز الطبيعي والهيدروجين بنسبة محددة، مما يمكن أن يقلل من التكلفة والجهد المطلوبين لإعادة بناء البنية الأساسية. ومع ذلك، تحويل شبكات الغاز الطبيعي إلى شبكات مخصصة لنقل الهيدروجين الخالص سيتطلب تعديلات أكثر تعقيدا وجوهرية.

قطاع النقل
وقال محمد الشحاتي خبير في قطاع النفط: إن الهيدروجين يمكن أن يستخدم في مجموعة متنوعة من المركبات بما في ذلك السيارات والحافلات والقطارات والطائرات، ومن المتوقع أن تشهد سوق المركبات التي تعمل بالهيدروجين نموا إلى 12 مليار دولار بحلول عام 2030، حيث كان هناك حوالي 1000 مركبة تعمل بالهيدروجين في العالم في عام 2020. وتوقع أن يزداد عدد محطات تعبئة الهيدروجين إلى 1000 محطة بحلول عام 2030، مع العلم أن هناك حوالي 50 محطة لتعبئة الهيدروجين في العالم.

وأشار الخبير إلى التحديات التي تواجه استخدام الهيدروجين كوقود في قطاع النقل، منها ارتفاع تكلفة الهيدروجين بسبب تكاليف إنتاجه ونقله وتخزينه، و نقص البنية الأساسية يعني وجود عدد قليل من محطات تعبئة الهيدروجين في العالم، وهذا يجعل من الصعب لأصحاب المركبات العثور على محطات تعبئة قريبة، وبسبب خصائص الهيدروجين كغاز شديد الاشتعال، يتطلب تطوير وتشغيل محطات تعبئة الهيدروجين ومركباته عناية خاصة، بالإضافة إلى الكفاءة، حيث لا يعد الهيدروجين وقودا فعّالا مثل أنواع أخرى من الوقود، حيث لا ينتج القدر نفسه من الطاقة لكل وحدة منه، موضحا أن تكلفة إنتاج الهيدروجين تختلف اعتمادا على مصدر الطاقة المستخدم، وطريقة النقل المستخدمة، وطريقة التخزين حيث يمكن تخزين الهيدروجين في ضغط عالٍ أو في درجات حرارة منخفضة.