تقارير

الاقتصاد الألماني على حافة الهاوية.. والأزمات تطيح بـ”الأوروبي”

تواجه ألمانيا تراجعًا اقتصاديًا ملحوظًا خلال الفترة الحالية بفعل تباطؤ اقتصادات الدول الناشئة، وهو ما يهدد الاقتصاد الأوروبي بأكمله.

وأشار تقرير نشرته “نيويورك تايمز” إلى أن تراجع نشاط التعدين في الصين وهبوط الموارد المالية لدول الشرق الأوسط، وانخفاض القدرة الشرائية لمعدات الطاقة من جانب روسيا أثر سلبًا على الاقتصاد الألماني.

وساعد ازدهار عمليات البيع للشركات الألمانية الموجهة للأسواق الناشئة في تلافي أزمات أوروبية تمثلت في الاضطراب المالي وأزمة اليونان.

تراجع الصادرات والثقة

– يبدو الاقتصاد الألماني حاليا أكثر عرضة للأزمات مقارنة باقتصادات دول أوروبية أخرى، مع ارتباط برلين الأكثر عمقًا بالأسواق الناشئة، بالإضافة إلى حالة عدم اليقين الناتجة عن تدفق المهاجرين، والخروج المحتمل لبريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

 

– خلال الأوقات الجيدة، باعت شركة “Eickhoff Bergbautechnik” الصناعية الألمانية 20 آلة سنويًا، إبان فترة ارتفاع الطلب الصيني على آلات التعدين عن الفحم، ما بلغت قيمتها الإجمالية 4 ملايين يورو، لتهبط المبيعات إلى 8 آلات في 2015، ما اضطر الشركة لتسريح 10% من موظفيها.

 

– تراجع إجمالي الصادرات الخاصة بمعدات التعدين الألمانية من 6.2 مليار يورو في عام 2012 إلى 3.5 مليار يورو في عام 2015.

 

– أثر هبوط الصادرات الألمانية على ثقة الأعمال في البلد، ليفوق عدد المتشائمين نظيره من المتفائلين بأداء الاقتصاد لأول مرة منذ نهاية عام 2014، وفقًا لمؤشر “إيفو” لثقة مديري الشركات، ما يهدد بتباطؤ خطط الاستثمار والتوظيف.

عواقب أوروبية

– من شأن ضعف الاقتصاد الألماني أن يؤدي لعواقب اقتصادية على أوروبا بأكملها، حيث إن نجاة منطقة اليورو من أزمة الديون الأخيرة جاء بدعم قوة الاقتصاد الألماني، مع حقيقة مساهمة برلين بأكثر من ربع تمويل آلية الاستقرار الأوروبي وصندوق الإنقاذ الذي منع انهيار اليونان.

 

– نجح المستهلكون في ألمانيا في إنقاذ صناعة السيارات الأوروبية إبان التراجع الكبير المسجل في عام 2009، حيث إن الألمان قاموا بشراء سيارات منتجة في دول أوروبية أخرى، مثل “فيات” الإيطالية و”رينو” الفرنسية.

 

– كما تهدد الصورة الاقتصادية القاتمة في ألمانيا بتقويض النفوذ السياسي للمستشارة الألمانية “أنجيلا ميركل”، حيث حدث تحول في الهيمنة السياسية الألمانية خلال الأشهر الماضية، مع تحدي النمسا ودول أخرى رغبات “ميركل” بشأن كيفية التعامل الأوروبي مع أزمة اللاجئين السوريين.

 

– يرى “جاكوب فونك” الزميل في معهد “بيترسون” للاقتصاد الدولي في “واشنطن” أن الموقف السياسي الألماني تراجع في الفترة الماضية من موقع الهيمنة الواضح لتصبح واحدة من أبرز الدول الأوروبية.

تباطؤ الأسواق الناشئة

– كانت ألمانيا تمثل بالنسبة للبلدان النامية ما يمكن اعتباره “مركزا تجاريا كبيرا” خلال العقد الماضي، حيث وفرت برلين كل ما تطلبه الأسواق الناشئة من منتجات صناعية تحتاجها.

 

– شكل ارتفاع الطلب في الصين وروسيا والبرازيل ودول أخرى نقطة قوة لألمانيا أمام الصعوبات الاقتصادية في الدول المجاورة لها، حيث إنه مع ارتفاع معدل البطالة في إسبانيا إلى أكثر من خمس قوة العمل بلغ المعدل في ألمانيا 4.3% فحسب.

 

– استفادت ألمانيا من ارتفاع الطلب الصيني على السيارات بشكل خاص، مع حقيقة أن هذا القطاع هو أكبر أسواق الصادرات الألمانية، لكن ظهرت إشارات على الاضطراب، مع توقعات تباطؤ نمو الطلب الصيني على المركبات إلى 4% خلال العام الحالي، ما يمثل نصف النمو المسجل في 2015.

 

– كما تسبب الاضطراب في الشرق الأوسط في أزمة للاقتصاد الألماني، مع الحرب الأهلية في سوريا وتراجع أسعار النفط والقوة الشرائية في بعض الدول، ما نتج عنه انخفاض الصادرات الألمانية إلى الدول المصدرة للنفط بنسبة 7% خلال العام الماضي.

مخاطر وفرص ضئيلة

– تبدو آفاق النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة متباينة، كما تعاني البرازيل من ركود حاد، وتعاني روسيا من تراجع أسعار السلع الأساسية والتوتر السياسي مع الدول الغربية.

 

– تشكل إيران فرصا استثمارية قوية مع رفع العقوبات عن البلاد، وانفتاح الاقتصاد، حيث قامت شركات ألمانية بمسعى لاستغلال السوق الجديد، ما ظهر في توقيع شركة “سيمنز” في الشهر الماضي على عقود لإنشاء محطات كهرباء.

 

– إلا أن حجم الاقتصاد الإيراني يعد صغير نسبيًا وغير كاف لدعم النمو الاقتصادي الألماني، ما سيجعل الشركات الألمانية تتكيف مع معدلات نمو تبلغ 1% في المتوسط، وهو ما يجعلها مشابهة للمسجل في باقي أنحاء أوروبا بدلا من الزعامة التي كانت تتمتع بها سابقًا.