تقارير رئيسي

ارتباك حذر ..كيف تفاعلت أسواق الطاقة مع التصعيد الإسرائيلى الإيرانى ؟

في تطور دراماتيكي جديد ضمن صراع الشرق الأوسط، شنت إسرائيل ضربات جوية واسعة النطاق استهدفت منشآت نووية داخل إيران، وردت طهران بإطلاق مئات الصواريخ، ما دفع أسواق الطاقة إلى حالة من الاضطراب وحرّك رهانات المضاربين على نطاق واسع.

النفط يخرج من “اللامبالاة بالحرب”

انعكست التوترات سريعًا على حركة العقود المستقبلية للنفط، حيث ارتفعت العلاوة السعرية لعقود خام برنت الأقرب أجلاً – المعروفة بـ”فرق السعر الزمني الفوري” – إلى 4.04 دولارات للبرميل، قبل أن تعاود الاستقرار قرب 1.41 دولار يوم الجمعة.

وبعد فترة من استقرار منحنيات الأسعار وفق نمط “شكل الابتسامة” الذي يشير عادة إلى توقعات بفائض معروض، انتقل السوق إلى حالة “الباكورديشن”، حيث تجاوزت الأسعار الفورية نظيراتها الآجلة، وهو ما يعكس قلق المستثمرين من تعطل طويل الأمد في إمدادات النفط القادمة من المنطقة.

خيارات النفط تسجل أعلى تقلب في ثلاث سنوات

شهدت عقود خيارات خام برنت وغرب تكساس الوسيط تحركات حادة، وارتفعت الفروق السعرية بين خيارات الشراء والبيع لأعلى مستوى لها منذ بدايات الحرب الروسية الأوكرانية عام 2022. كما قفزت تقلبات أسعار الخيارات لتبلغ ذروتها في ثلاث سنوات، ما يعكس حالة الذعر والتحوّط في السوق.

وأشارت ريبيكا بابين، كبيرة متداولي الطاقة في “CIBC Private Wealth Group”، إلى أن بعض المستثمرين اتجهوا لبيع خيارات الشراء عند مستويات مرتفعة لتمويل شراء خيارات البيع عند مستويات أقل، في محاولة للاستفادة من تقلبات السوق.

صعود حاد في مراكز المضاربة

دفع التصعيد الجيوسياسي مستشاري التداول في السلع – وخاصة المضاربين الخوارزميين – إلى زيادة مراكز الشراء بعقود خام غرب تكساس الوسيط بشكل مكثف، لتصل إلى 36% مقارنة بـ9% فقط في الجلسة السابقة، بحسب بيانات “Bridgeton Research Group”. ويُعد هذا التحول كبيرًا بعدما كانت تلك الفئة تراهن على تراجع الأسعار منذ فبراير الماضي.

أسعار الغاز الطبيعي تتأثر والإنتاج يتوقف

لم تقتصر التداعيات على النفط فحسب، بل شملت أيضًا الغاز الطبيعي، حيث ارتفع سعر الغاز الأوروبي بنسبة 6.6% خلال التداولات اليومية، قبل أن يتراجع لاحقًا. ويُذكر أن إسرائيل أوقفت الإنتاج في أكبر حقولها للغاز الطبيعي، ما أثر على الإمدادات المتجهة إلى مصر وأثار مخاوف من نقص إقليمي في الوقود.

الأسواق الفعلية والشحن البحري تلتقط إشارات الخطر

في سوق التسعير الفعلي، قفزت علاوات خام “برنت المؤرخ” في بحر الشمال إلى 1.15 دولار للبرميل – وهي الأعلى منذ بداية العام – مقابل 80 سنتًا فقط في الجلسة السابقة. ويُعد هذا مؤشرًا واضحًا على تزايد الطلب الفوري وتقلص المعروض.

كما ارتفعت أسعار شحن ناقلات النفط القادمة من الشرق الأوسط، بحسب بيانات بورصة البلطيق في لندن، مع استعداد دول مثل الصين وأوروبا الغربية والهند وتركيا للتنافس على شحنات نفطية بديلة، في حال تعطل الإمدادات الإيرانية والخليجية.

ترقب عالمي ومخاوف مستمرة

ومع استمرار التصعيد بين تل أبيب وطهران، يُتوقع أن تبقى الأسواق تحت ضغط، لا سيما مع اعتماد العالم على الشرق الأوسط كمصدر رئيسي للطاقة. ويرى محللون أن المسار المقبل للأسعار سيتحدد وفق تطورات الصراع ومدى تأثيره على التدفقات النفطية والغازية العالمية.