تقارير

هل تستمر أسعار النفط فى حالة ركود؟

  • أسعار النفط تتراجع إلى ما دون 50 دولار للبرميل متجاهلة قرار أوبك تمديد اتفاقية خفض الإنتاج لمدة تسعة أشهر إضافية.
  • استمرار مخاوف السوق لا سيما حول النفط الصخري الأمريكي رغم إشارات تدل على تراجع مخزون النفط العالمي والامريكي، وان بمعدل أبطأ.
  • نتاج النفط الخام الأمريكي يبلغ 9.3 ميلون برميل يومياً بنهاية مايو، مرتفعا بنسبة 6.5 ٪ في 2017.
  • وفقاً لوكالة الطاقة الدولية، فإن سوق النفط في حالة عجز المعروض حالياً.

 

بالتمعن في أسواق النفط ببداية شهر مايو حين إزدادت الضغوط على الأسعار ودفعتها لتتراوح ما بين 49-51 دولار للبرميل، نكون في وضع يؤهلنا لان نغفر لوزراء أوبك اعتقادهم بان تمديد اتفاقية الستة أشهر لخفض الإنتاج لتسعة أشهر إضافية، حتى مارس 2018، سيكون بمثابة الوصفة السحرية لدفع أسعار النفط للارتفاع. فعلى الرغم من كل شيء، نجحت الاتفاقية في تحقيق نسب هائلة من الالتزام بحصص خفض الإنتاج المقررة، الأمر الذي أدى إلى سحب نحو 1.8 مليون برميل في اليوم من السوق ودفعت به نحو مستوى جديد من التوازن. إلا انه بنهاية الشهر بات واضحاً اتباع السوق لسيناريو مختلف، وأصبحت أسعار النفط في  تراجع وبدا الامتعاض واضحاً لدى أوبك  .

هبط سعر مزيج برنت دون حاجز الـ 50 دولار أمريكي للبرميل وبلغ سعره 49.75 دولار للبرميل في 2 يونيو في حين تراجع مزيج غرب تكساس المتوسط إلى 47.7 دولار للبرميل. حيث مني المؤشرين بخسائر متواصلة على مدى أسبوعين متتالين وتراجعا بحوالي 12 ٪ منذ بداية العام حتى تاريخه.

وقد أدى انقلاب أوضاع النفط مؤخرا إلى قيام وزيري النفط السعودي والروسي يوم الأربعاء الماضي بتأكيد تعهدهما بإتخاذ كل ما يلزم لتقليص المخزونات العالمية إلى متوسطها في خمس سنوات وتكرار التزامها بإدارة حجم المعروض بعد انتهاء مدة الاتفاقية الحالية في مارس 2018. إلا انه يبدو ان الأسواق قد اكتسبت حصانة ضد الخطاب الحماسي، حتى مع تراجع الامدادات النفطية وانخفاض المخزون العالمي ومخزون الولايات المتحدة اخيراً، وخاصة انه كان المصدر الرئيسي لاضطراب السوق نظراً لإرتفاع مستوياته بلا إنقطاع. وتراجع مخزون النفط التجاري والمنتجات البترولية لدول منظمة مجلس التعاون الاقتصادي والتنمية للشهر الثاني على التوالي في مارس بحوالي 32.9 مليون برميل وبلغ 3.03 مليار برميل، وذلك وفقاً لتقديرات وكالة الطاقة الدولية الصادرة في تقرير شهر مايو.

في حين سجلت مخزونات الخام التجاري في الولايات المتحدة الأمريكية خلال اواخر مايو اقوى انخفاض لها منذ ديسمبر 2016 ، حيث تراجع بمعدل 6.4 مليون برميل وسط تدفقات قياسية لمصافي تكرير النفط وانخفاض واردات الولايات المتحدة. وبالفعل، انخفضت مخزونات الخام النفطي في الولايات المتحدة على مدى ثمانية أسابيع متتالية، ولكن الأسواق لم تولي لذلك اهتماما يذكر.

إلا انه بدلا من ذلك يبدو انها تصب اهتمامها على قصة النفط الصخري الأمريكي والواقع ان ما تسحبه أوبك من الأسواق يقوم منتجي النفط الصخري بإعادته لها مجدداً ببطء. وقد اكد ذلك الرئيس التنفيذي لشركة “روسنفت” الروسية، أكبر شركات إنتاج النفط في روسيا، عندما قام الأسبوع الماضي برفع توقعات قيام شركات النفط الامريكية بزيادة الامدادات النفطية بحوالي 1.5 مليون برميل يومياً خلال العام القادم. وفي حال تم ذلك، ستعمل تلك الزيادة على معادلة تأثير أكثر من ثلثي حجم المخزون التي تعمل الدول من الأعضاء وغير الأعضاء بأوبك على سحبه من الأسواق، ما يرسم صورة قاتمة للوضع.

وكذلك الحال مع معاودة ارتفاع الإنتاج النفطي الأمريكي حيث بلغ 9.3 مليون برميل يومياً بنهاية مايو، اعلى بنسبة 11٪ من المستوى المنخفض المسجل في يوليو الماضي – لدرجة ان كل من الأوبك ووكالة الطاقة الدولية اضطروا لمراجعة تقديراتهم لنمو الإنتاج الأمريكي ورفعه مراراً وتكراراً خلال العام الحالي. وتشير أحدث توقعات وكالة الطاقة الدولية إلى ارتفاع المخزون النفطي الأمريكي بحوالي 790 ألف برميل يومياً في المتوسط في عام 2017، مرتفعاً بمعدل 100 ألف برميل يومياً مقارنة بالتقرير السابق، في حين رفعت الأوبك تقديراتها لزيادة  المخزون الأمريكي الى 600 ألف برميل يومياً بحلول نهاية العام.

أوبك تحقق مستوى التزام جدير بالثناء مع تمديد اتفاقية خفض الإنتاج

من جانبها، قامت أوبك ببذل قصارى جهدها لإعادة الطمأنينة إلى الأسواق، واعدة بالقيام “بما يلزمه الأمر” لتسريع سحب تخمة المخزون النفطي العالمي وإعادة التوزان إلى السوق في أسرع وقت. ووفقاً لمصادر ثانوية، تراجع انتاج أوبك لشهر أبريل إلى أدنى من مستواه المستهدف البالغ 31.75 مليون برميل يومياً إلى 31.73 مليون برميل يومياً للمرة الأولى على الإطلاق، محققة نسبة التزام بواقع 107٪. ومما لا شك فيه أن استيفاء الامارات اخيراً لحصتها في خفض الإنتاج لشهر أبريل واقتراب العراق من بلوغ حصتها وتراجع الإنتاج الليبي والارتفاع الهامشي للمخزون النيجيري وهم دولتين معفيتين من الالتزام باتفاقية خفض الإنتاج، كل ذلك ساعد المجموعة بلا شك في بلوغ مستوى الإنتاج المستهدف. وقد تأخذ الأمور منحى أكثر تعقيداً خلال الأشهر القادمة، مع توقع قيام تلك الدولتين برفع معدلات الانتاج.

هذا إلى جانب ما ذكرناه آنفاً بخصوص النفط الصخري الأمريكي، يعد جزءاً من أسباب احباط السوق تجاه تمديد اتفاقية خفض الإنتاج، ونرى الآن انه لو اتخذ قراراً بتطبيق تخفيضات إضافية لكان قد أحدث تأثيراً اقوى على معنويات السوق.

السوق يعمل على استعادة توازنه في الوقت الحاضر

إلا انه بغض النظر عن هذا، فان السوق يحاول استعادة توازنه في الوقت الحاضر، حيث أفادت وكالة الطاقة الدولية بأن من المتوقع أن ينتهي ميزان العرض والطلب بعجز كبير في الربع الثاني من عام 2017. ومن المتوقع أن يرتفع الطلب على النفط الخام إلى ذروته في الربع الثالث من عام 2017، مما سيؤدي إلى انخفاض فائض مخزون النفط الخام بمعدل أسرع.

أما بالنسبة لعام 2017 ككل، تتوقع وكالة الطاقة الدولية تزايد الطلب بمعدل 1.3 مليون برميل يوميا ليصل إلى 97.9 مليون برميل يوميا، وهو معدل نمو أبطأ من معدل 2016 البالغ 1.7 مليون برميل يوميا.

وأخيراً، في حين ينصب اهتمام السوق بشكل حصري تقريبا على جانب العرض من المعادلة، يجب أن يظل الطلب قوياً حتى تتماسك أسعار النفط.