تقارير

هل تغير شركات النفط نماذج أعمالها استعداداً لـ”الطاقة المتجددة” ؟

تجرى شركات النفط تغيرات فى نماذج أعمالها بهدف خفض انبعاث الكربون وفاجأت أكبر شركة نفط في أوروبا “رويال داتش شل” العالم في أواخر العام الماضي عندما أعلنت طموحها خفض نسبة الكربون بنسبة 20% لكل وحدة من الطاقة بحلول عام 2035 و50% بحلول عام 2050، بحسب تقرير لـ “جرين بيز”.

وباعتبارها أول شركة كبرى للنفط والغاز تضع مثل هذا الطموح، فإن ذلك يمثل علامة أخرى على حدوث تغير كبير في هذا القطاع في أعقاب الاتفاق الذي تحقق في مؤتمر “باريس” للمناخ في عام 2015، حيث سيعمل العالم على خفض ارتفاع درجة الحرارة العالمية إلى أقل بكثير من درجتين سيلزيتين.
وتتطلع البنوك والمستثمرون بشكل متزايد إلى مواءمة استثماراتهم مع اتفاقية “باريس”، مطالبين بمزيد من الشفافية لدى شركات الطاقة تمهيداً للانتقال نحو الطاقة منخفضة الكربون، فتراجع التكاليف وتزايد الطلب على مصادر الطاقة المتجددة يحولان سوق الطاقة العالمي.
– تملك الآن شركات النفط والغاز أحد خيارين فإما اتخاذ خطوات جريئة لإعادة تشكيل أنفسها كشركات طاقة منخفضة الكربون في المستقبل، أو مواصلة العمل كالمعتاد لتصبح في خطر تخلفها عن ركب التطور والبقاء مع الماضي.
– لكن لكونهم موردي الطاقة الرئيسيين وأهم مصادر للانبعاثات، عليهم السعي لتأمين ازدهار أعمالهم على المدى الطويل، حيث لن يمكن إنتاج سوى كمية محدودة من الانبعاثات إذا كان العالم سيلتزم بضوابط اتفاقية المناخ.
– يشار إلى ذلك باسم “ميزانية الانبعاثات العالمية”، ويأتي تقسيم هذه الميزانية على مستوى القطاع والشركة في صميم مبادرة “الأهداف القائمة على العلم”، وبموجب هذا النهج تمنح كل شركة شريحة خاصة بها من الميزانية.

وضعت وكالة الطاقة الدولية سيناريوهات بشأن الوصول إلى مستهدف الدرجتين سيليزيتين (DS2) وما بعدها (B2DS).
– بين عامي 2015 و2050، تحتاج انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناتجة عن جميع استخدامات الطاقة في العالم للانخفاض بنسبة 63% و88% لتعطي فرصة بنحو 50% للحد من ارتفاع درجة الحرارة العالمية إلى (DS2) و1.75 درجة سيليزية (B2DS) على التوالي.
– فيما تحتاج انبعاثات منتجات النفط والغاز للانخفاض بنسبة 35% إلى 60% وفق تلك السيناريوهات، وسيكون مستوى الانخفاض من النفط والغاز أقل من مستوى جميع مصادر الطاقة مجتمعة حيث من المتوقع أن يشكل الفحم نسبة التخفيض الأكبر.
– لذا ينبغي أن تتطلع شركات النفط والغاز إلى خفض كثافة انبعاثاتها التي تقيس كمية الكربون الصادر عن كل وحدة من وحدات الطاقة المنتجة.
– تتمثل الطريقة الوحيدة التي يمكن أن تتفق بها شركات النفط والغاز مع السيناريوهات السابقة – دون خفض كثافة الانبعاثات من منتجاتها للطاقة – في انخفاض إنتاج منتجات الطاقة لديها.
– إذا أرادت الشركة زيادة إنتاجها من الطاقة، فإنها ستحتاج إلى زيادة حصتها من الإنتاج من مصادر الطاقة المنخفضة أو الخالية من الكربون، وبذلك تخفض الشركة كثافة انبعاثاتها حتى تتمكن من زيادة الإنتاج دون تجاوز ميزانيتها الكربونية.
– ستحتاج كثافة انبعاثات جميع منتجات الطاقة إلى الانخفاض بنسبة 66% في إطار (DS2) و88% وفق (B2DS)، وبالنسبة لشركة النفط والغاز التي ترغب في الحفاظ على حصتها من سوق الطاقة، فإن هذا يعني انخفاضا قدره 40% وفق (DS2) و60% وفق (B2DS).

يعني ذلك في الأساس الانتقال من المزيج الحالي الذي يسيطر عليه الوقود الأحفوري نحو مزيج تهيمن عليه مصادر الطاقة المتجددة.
– طبَّق ذلك بالفعل شركات مثل “أورستيد” التي كانت في السابق شركة النفط والغاز الدنماركي “دونج” قبل تحولها الآن لأكبر مشغل في العالم لحقول توليد الطاقة من الرياح، وتستعد “توتال” حالياً بالفعل لهذا التحول.
– سيشهد طموح “شل” أيضاً مضاعفة إنفاقها في مصادر الطاقة النظيفة، لتحقيق مزيج أكثر تنوعا مع خفض انبعاثات الكربون من مصادر الطاقة.
– آن الأوان لشركات النفط والغاز أن تتبنى فرص الانتقال الاقتصادي، وتهدف مبادرة “الأهداف القائمة على العلم” إلى توجيه عملية الانتقال بفضل نهج مثل “إس دي إيه” وهو طريقة تساعد الشركات على فهم ميزانية الانبعاثات الخاصة بها ووضع أهداف مستندة إلى العلم تماشياً مع هذه الميزانية.
– إن معرفة مدى السرعة التي يجب أن تخفض بها انبعاثاتها وتنويع نماذج أعمالها تساعد شركات النفط والغاز على الاستعداد والانتقال مبكراً، مما يجعلها أقل تعرضا لمخاطر المرحلة الانتقالية التي تشمل الاعتماد الشديد على التكنولوجيات غير المثبتة مثل تكنولوجيا احتجاز الكربون وتخزينه.

 

– يجري العمل حالياً على تطوير منهجية مصممة خصيصاً لقطاع النفط والغاز ستكون مطروحة في ربيع عام 2019.