شركات ناشئة

لماذا سيظل مشروعك الصغير صغيرًا إلى الأبد؟

“برجر كينج لديهم أفضل برجر في العالم” …. هل سمعت أحدًا من قبل يقول هذه العبارة؟ على الأرجح، لا. ولكن، ربما نتفق على أن البرجر الذي يقدمونه معقول إلى حد ما من ناحية الجودة، وإن كان بالتأكيد ليس الأفضل، فهي في النهاية، وجبة يلجأ إليها الكثيرون لشيء يتعلق بعادات معينة أكثر مما يتعلق بالقيمة الغذائية.

ولكن إذا كان ما يقدمونه من طعام ليس بهذه الجودة المذهلة، كيف أصبحت “برجر كينج” صاحبة واحدة من أنجح سلاسل مطاعم الوجبات السريعة في العالم؟

السر يكمن ببساطة في أن هذه الشركة لديها “أنظمة تشغيل العمل” (BOS).



فكما هو الحال في جميع الشركات الكبرى الأخرى، تمتلك “برجر كينج” أنظمة محكمة تسمح لها بتشغيل مئات الآلاف من المطاعم في جميع أنحاء العالم بقدر عال من الكفاءة.

قد يكون نشاطك التجاري له مقر واحد، ويعمل به موظفون تعدهم أصابع اليد الواحدة، ولكن حاجتك إلى وجود “نظام تشغيل” هي ذاتها حاجة شركات مثل “برجر كينج” إلى نفس النظام.

أنت ومشروعك

– قبل أن نبدأ، حاول أن تسأل نفسك هذه الأسئلة: إذا سافرت إلى الخارج لمدة 6 أشهر وتركت مشروعك وعندما تعود، هل حالة المشروع ستكون أفضل أو أسوأ مما تركته؟ هل هناك احتمالية لأن يصمد نشاطك التجاري من الأساس؟

– إذا كانت إجابتك بالسلب على أي من هذه الأسئلة، فعلى الأغلب أنت لا تمتلك نشاطًا تجاريًا، وإنما أنت النشاط التجاري ذاته.



– العديد من الشركات والمشاريع الصغيرة المملوكة لأفراد أو لمجموعة من الشركاء ترتكب خطأ كبيرًا بعدم تفكيرها في تطبيق نظام تشغيل، حيث غالبًا ما يفضل المؤسسون القيام بجميع الأدوار بأنفسهم، وهذا يؤدي للأسف إلى بقائهم سجناء في مستوى معين لا يرتفعون عنه مهما بذلوا من مجهود.

– مشروعك المدار بهذه الطريقة قد يكون ناجحًا من الناحية المالية ولديه قاعدة جيدة من العملاء، ولكن المشكلة الخطيرة هو أنه “عالق” لا يتقدم إلى الأمام، والأخطر من ذلك هو تأثير تلك الطريقة على حياتك الشخصية، فأنت طوال الوقت مشغول جدًا في العمل، لا تستطيع الابتعاد عنه لأنك لم تطور نظاما جيدا للتشغيل.

هكذا تورد الإبل

– لكن ما هو النظام؟ في هذا السياق، يكون النظام عبارة عن سلسلة من العمليات والإجراءات التي تحدد كيفية سير العمل بمشروعك أو شركتك دون تدخلك المباشر، والتي بمجرد أن يتم تنفيذها، لا يتطلب الأمر سوى قدر معقول من التركيز وحد أدنى من الجهد للحفاظ على سير الأمور بأكبر قدر من الكفاءة.

– بمساعدة الأدوات المناسبة وموظفيك، يمكنك إعداد نظام تشغيل لأي جانب من جوانب مشروعك. ومع ذلك، يوجد هناك عدد قليل من الأنظمة الرئيسية التي ستساعدك كثيرًا على التطور بغض النظر عن المجال الذي تعمل به.

1: نظام محاسبي: لعل هذا هو أهمهما جميعًا. كيف ستتأكد من أنك وموظفيك ستحصلون على رواتبكم؟ أبسط طريقة لفعل هذا، هي إنشاء نظام محاسبي، ولفعل ذلك، إما أن تقوم بتوظيف محاسب متخصص أو يمكنك الاستعانة بشركات الخدمات المحاسبية.

– وجود مثل هذا النظام، سيضمن لك إرسال واستقبال الفواتير على نحو منتظم، كما أنه سوف يقضي على حاجتك للاعتماد على ذاكرتك طوال الوقت للتأكد من دفع جميع الفواتير، مما يقلل من الأخطاء.



2: نظام خدمة العملاء: ثاني أهم جزء في عملك هو تأكدك من سعادة زبائنك بتجربة التعامل معك. هذا النظام يشمل أي شيء يفعله الموظف من لحظة دخول العميل إلى المتجر إلى ما يحدث بعد أسبوعين من إجراء عملية الشراء. ويتضمن هذا النظام عمليات مثل الاستجابة لشكاوى العملاء تليفونيًا أو على وسائل التواصل الاجتماعي، والتعامل مع المرجوعات.

– في المشاريع الصغيرة عادة ما يتعامل جميع الموظفين بغض النظر عن اختصاصاتهم كموظفي خدمة عملاء، وهذا مفهوم إلى حد كبير، ولكن وجود نظام يحكم هذا الجزء من العمل سيضمن أن الجميع على نفس الصفحة حين يتعلق الأمر بسياسات التعامل مع العملاء.

3: نظام لإدارة الموارد البشرية: موظفوك هم أعظم أصولك. ببساطة، تشمل مهمة هذا النظام، فحص ملفات الموظفين المحتملين وإجراء المقابلات والتوظيف وتدريب الموظفين الجدد وإدارة الترقيات، والأهم من ذلك، هو التأكد من أن العاملين لديك سعداء.

– في الواقع، تساعد نظم الموارد البشرية على رفع صافي دخل مشروعك أو شركتك. فوفقًا لدراسة أجرتها شركة الخدمات المهينة “ديلويت”، تحقق الشركات التي تستخدم أنظمة الموارد البشرية الحديثة وفورات في التكاليف بنسبة 22% لكل موظف.

لا تفعل هذا الخطأ الباهظ

– الأمر يكون مُحزنا جدًا حين تحاول كصاحب مشروع بيعه، وتكتشف أن مشروعك الذي وضعت فيه سنوات من جهدك وعملك الشاق لا قيمة له تقريبًا. تدرك حينها، للمرة الأولى أن المشكلة ليست هي أن المشروع لا قيمة له وإنما المشكلة هي أنك أنت “في شخصك” المشروع ذاته، وبدونك لا يوجد أي قيمة حقيقية تستحق البيع.

– الكثيرون من أصحاب المشاريع يتجاهلون أنظمة التشغيل، وذلك لسببين رئيسيين، أولهما أن البعض يعتبرونها مملة وتتطلب مجهودا كبيرا. ولكن على الرغم من أن بناء تلك الأنظمة قد يكون مملاً بالفعل، إلا أنها ستعطي مشروعك دفعة لا تصدق بمجرد أن تدخل حيز التشغيل.

– أما السبب الرئيسي الثاني فهو إهمال الكثيرين لنظم العمل بحجة عدم وجود حاجة ملحة إليها. فالبنسبة لصاحب المشروع الصغير الذي بدأ لتوه، هناك أشياء أكثر أهمية بكثير يُحتاج للتركيز عليها، مثل المبيعات والتسويق.



– كل هذه الأشياء المهمة تتنافس على وقتك النادر كصاحب مشروع، وأنظمة لعمل تبدو لك وكأنها شيء يمكنك تأجيله إلى وقت لاحق. ولكن مثل أي تراكم آخر من الإهمال مع مرور الوقت، فإنه نادرًا ما ينتهي على نحو جيد.

كيف يدير مجموعة من المراهقين مليارات الدولارات؟

– تحقق سلسلة المطاعم “ماكدونالدز” التي يدير الآلاف من فروعها مراهقون ومجموعة من المهاجرين الآسيويين الذين يتحدثون الإنجليزية كلغة ثانية، مليارات الدولارات من المبيعات كل عام.

– لكن ما هو السر. ببساطة، في “ماكدونالدز” كل شيء له نظام. فهناك نظام لغسل يديك ونظام لتدوير المخزون ونظام لصنع القهوة ونظام لتعبئة البطاطس المقلية ونظام لصنع كل برجر ونظام لكيفية تغليفه، بل هناك حتى نظام لكيفية مسح الأرضيات بشكل صحيح. باختصار كل شيء له نظام في مطاعم ماكدونالدز.

– هذا هو السبب في أن أي فرع من فروع “ماكدونالدز” يديره مهاجر أو مراهق أكمل لتوه عامه الـ18 يحقق عوائد سنوية بملايين الدولارات. ببساطة، هم لا يتركون أي مجال للخطأ أو الصدفة، فقد تم تصميم كل شيء لكي يكون قابلًا للتكرار، لكي يعطي المطعم في الصين نفس النتيجة التي يعطيها في الرياض.


– هذا يقودنا إلى ميزة أخرى من مميزات أنظمة العمل، وهي التناسق. فأنت قد لا تحب الطعام في مطاعم ماكدونالدز، إلا أن هناك شيئا واحدا يمكنك قوله عنها، وهو أنه بغض النظر عن أي فرع تذهب إليه، تحصل على نفس المستوى من الخدمة.

– “سوني” و”جنرال موتورز” و”إتش بي”، جميعها شركات كبرى نجحت في الحفاظ على أقدامها راسخة في السوق عبر أجيال مختلفة من الأطقم الإدارية، وإلى الآن تحتفظ بحصص سوقية معتبرة في مجالات عملها. هذا حدث لأنه على الرغم من أنه لم يعد هناك أي من أعضاء الفرق الإدارية الأصلية موجودًا اليوم، إلا أن تلك الشركات طورت نظما عملياتية ساعدتها على الحفاظ على رؤيتها عبر الزمن.

من أين تبدأ؟

– قد ترى أن جميع ما ذكر يبدو رائعًا! ولكن ليس لديك الوقت للتفكير في كيفية البداية. لحسن الحظ، لن يستغرق الأمر سوى بضع دقائق لتحديد الأنظمة ذات الأولوية التي تحتاجها.

– الخطوة الأولى: قم بإعداد قائمة تضم حوالي 10 مهام في نشاطك التجاري تكرهها أو تشعر بأنها مملة أو يمكن لشخص آخر القيام بها بسهولة.

– الخطوة الثانية: أعط هذه المهام درجات من واحد إلى 10 وفقًا للوقت الذي تستغرقه كل مهمة بالنسبة لك. المهمة التي تستغرق أطول وقت أعطها 10 درجات والتي تستغرق الوقت الأقصر تستحق درجة واحدة.

– الخطوة الثالثة: رتب المهام نفسها مرة أخرى، ولكن هذه المرة وفقًا للمهام التي تمتلك التأثير الأكبر على عملائك. بعبارة أخرى، ما هي النظم التي سوف تؤثر على الزبائن أكثر؟ فإذا كنت (على سبيل المثال) تفقد المبيعات لأن لا تمتلك نظامًا جيدًا لخدمة العملاء المحتملين، فإن هذه المهمة تستحق 10 درجات.


– الخطوة الرابعة: قم بدمج الترتيبين، والمهام التي حصلت على أعلى الدرجات في كليهما هي على الأرجح التي يجب عليك إنشاء نظام للتعامل معها.

– الشيء المدهش حول هذا النهج، هو أن الأمر هنا يشبه تأثير كرة الثلج. فبمجرد أن تنشئ النظام الأول، سيصبح لديك وقت للعمل على تأسيس نظام آخر يهتم بجزئية أخرى من المشروع، والذي سيتيح لك بدوره وقتًا إضافيًا لتعمل على نظام ثالث، وهكذا.

– بهذه الطريقة، يصبح مشروعك “أصلا” ذا قيمة، لا يحتاج لأن تلتصق به لكي تستمر التدفقات النقدية به، ولا يتأثر بغيابك أو بمرضك، وينخفض توترك ويقل إحباطك، ويصبح لديك وقت أكثر للقيام بأشياء أخرى، وبالمناسبة سيلاحظ عملاؤك الفرق.