سيارات

قطر: سوق السيارات المستعملة يتراجع 50%

يشهد سوق السيارات الجديدة في قطر حاليا ارتفاعا في الأسعار على الموديلات الجديدة تراوح بين 5% إلى 8%، في الوقت الذي يشهد فيه سوق السيارات المستعملة تراجعا كبيرا في الأسعار وصل إلى حوالي 50% على بعض الموديلات، التناقض الكبير بين الأسعار خلق عدة تساؤلات في سوق السيارات عن أسباب ارتفاع أسعار السيارات الجديدة، هل بسبب ارتفاع الأسعار العالمية من الشركات المنتجة؟ أم مغالاة وكالات السيارات المحلية في الأسعار؟ وهي المتهم دائما برفع الأسعار دون مبررات حقيقية.

على العكس، تهاوت أسعار السيارات المستعملة في السوق بسرعة كبيرة بسبب زيادة المعروض من السيارات المباعة في السوق وعدم وجود مشترين، مما أدى إلى انخفاض مستمر في الأسعار خاصة منذ بداية 2016، مع بداية تنفيذ عدد من الجهات والهيئات والشركات الحكومية والخاصة برامج تقشف في استقدام العمالة، والاستغناء عن البعض، مما أسهم في زيادة أعداد السيارات المستعملة المطروحة للبيع، وتراجع أسعارها، وفقا لنظرية العرض والطلب المعروفة.

طلب مرتفع

وكالات السيارات المحلية على لسان المسؤولين فيها يؤكدون أن الطلب على السيارات الجديدة في السوق المحلي خلال العام الحالي لن يقل عن 100 ألف سيارة، بزيادة حوالي 10 آلاف سيارة عن 2016، وهي زيادة طبيعية، نتيجة التوسع في المشاريع الحكومية والخاصة في الدولة، إضافة إلى استبدال عدد كبير من أصحاب السيارات المستعملة لسياراتهم بسيارات جديدة، مما يساهم في خلق طلب جديد في 2017.

وأوضح كبار المديرين بالوكالات أن السبب الرئيسي لارتفاع أسعار السيارات على موديلات 2017 هو التكنولوجيا الجديدة التي تم إنتاج السيارات بها وتتضمن إدخال كماليات جديدة، لم تكن موجودة في موديلات 2016، إضافة إلى الشروط والمعايير التي يطلبها السوق القطري، وتكون أعلى من نظيراتها في الأسواق الخليجية والعربية الأخرى.

وأضافوا أن شركات الإنتاج العالمية أكدت للوكالات المحلية حرصها على استقرار الأسعار في السوق المحلي، وأن الزيادة في الأسعار تكون طبيعية في ظل ارتفاع الكماليات التي تتضمنها السيارات الجديدة إلى جانب ارتفاع أسعار التكنولوجيا العالمية.

وأن الزيادة في موديلات 2017 طبيعية في ظل إدخال تكنولوجيا وكماليات جديدة على إنتاج السيارات إضافة إلى تطور الصناعة لتكون صديقة للبيئة على المستوى العالمي، ما يمثل تكلفة إضافية على الشركات المنتجة العالمية التي طلبت زيادة الأسعار على الموديلات الجديدة، بعد أن ارتفعت أسعار مستلزمات وخامات الإنتاج في الأسواق العالمية.

جذب شرائح جديدة

وكانت وكالات السيارات المحلية قد بدأت طرح الموديلات الجديدة في السوق مبكرا، على أمل جذب شرائح جديدة من العملاء إضافة إلى تقديم عروض حصرية لكل سيارة تشمل التأمين الشامل والصيانة لفترات طويلة..

وتوقعت الوكالات ارتفاع مبيعات عام 2016 إلى حوالي 100 ألف سيارة من الأنواع المختلفة بزيادة حوالي 15 ألف سيارة عن العام الحالي.

وأكد مسؤولو الوكالات ارتفاع أسعار السيارات اليابانية بصورة أكبر من السيارات الأوروبية والأمريكية، حيث شهد الين الياباني خلال العام الماضي ارتفاعا ملحوظا أمام اليورو والدولار في حين استقرت أسعار العملتين الأوروبية والأمريكية.

وتوقعوا انتعاش السوق المحلي خلال العام الجاري مقارنة بالعامين الماضيين، نتيجة لتوسع المشاريع في قطر التي ينفذها القطاعان العام والخاص وزيادة الاستثمارات الأجنبية، وما تتطلبه هذه العمليات من توفير عمالة إضافية وبالتالي ارتفاع الطلب على السيارات باعتبارها من الضروريات لعمل الشركات في قطر.

8% زيادة في الأسعار

أيمن الحوراني مدير شركة توزيع سيارات يؤكد أن الأسعار الجديدة لموديلات 2017 تتضمن زيادات تبدأ من 2% وصولا إلى 8% على معظم الموديلات سواء الأوروبية أو الأمريكية أو الآسيوية، ويصف الحوراني هذه الزيادة بالطبيعية، لأن أسعار الخامات ومستلزمات الإنتاج ارتفعت العام الماضي، خاصة على السيارات اليابانية.

ويضيف أن السوق يسيطر عليه الأقساط، حتى في السيارات المستعملة رغم تراجع أسعارها إلا أن الأقساط تسيطر على عملياتها، وهو وضع طبيعي حاليا، فالعميل يفضل الاحتفاظ بالسيولة وشراء السيارة عن طريق البنك، رغم الإجراءات المشددة الأخيرة التي طبقتها البنوك، ويوضح أن توقعات مبيعات 2017 من السيارات الجديدة تتراوح بين 90 ألفا إلى 100 ألف سيارة، وهو يزيد بنسبة بسيطة عن 2016.

ويؤكد أن إجراءات البنوك أسهمت في الحد من التمويل عن طريق البنوك بعد أن رفعت بعض البنوك النسبة المقدمة التي يسددها العميل إلى 40%، وأن يكون هناك سنوات خدمة سابقة في العمل، وذلك حفاظا على أموال البنوك، وضمانا لحقها في استرداد القروض والتمويلات التي قدمتها، ويضيف أن سوق السيارات الجديد من المنتظر أن يشهد انتعاشا ملحوظا في 2017، بعد استقرار الظروف الاقتصادية في الخارج وهي محرك رئيسي في اتجاهات الشراء لدى المستهلكين.

الاتجاه إلى المستعمل

من جانبه يؤكد مازن أبو طالب مدير معرض سيارات أن الغالبية العظمي من الأفراد يتجهون حاليا إلى المستعمل بعد انخفاض أسعاره بصورة تشجع على الشراء، ويضيف أن السيارة المستعملة التي كان يصل سعرها في 2015 إلى 40 ألفا أو 50 ألف ريال وصلت حاليا إلى ما بين 25 ألفا إلى 30 ألف ريال.. أما السيارات من موديلات 2010 و2011 و2012 فلا تزيد أسعارها عن 20 ألف ريال إن كانت بحالة جيدة.

ويوضح أبو طالب أنه رغم تراجع أسعار المستعمل إلا أن السوق لا يشهد انتعاشا أو رواجا، فالجميع حاليا يتمسك بما لديه من سيولة، ويتمسك بسيارته ولا يرغب في تغييرها إلا بعد أن تصل إلى حالة سيئة.

ويوضح أن انتعاش سوق السيارات الجديدة في العام الحالي سيكون بسبب التوسع في مشاريع التنمية والبنية الأساسية ومشاريع كأس العالم، وكلها تحتاج إلى سيارات جديدة، وهو ما تفضله شركات الاستثمار في قطر، حيث تقوم بشراء عدد من السيارات لكبار الموظفين، لتوفير نفقات الإيجار المرتفعة في الوقت الحالي.

ويوضح أن التكنولوجيا الجديدة وتذبذب أسعار العملات الأجنبية في الخارج يعتبر السببب الرئيسي لارتفاع أسعار السيارات الجديدة في السوق المحلي.

التعامل مع الأسواق العالمية

أحمد هشام مدير المبيعات والتسويق في إحدى الوكالات الشهيرة يؤكد أن تحريك الأسعار يأتي طبيعيا نتيجة التعامل مع الأسواق العالمية، فالسيارات ليست سلعة محلية يتم إنتاجها في السوق المحلي، ولكنها سلعة تستورد من الخارج، وتخضع لظروف هذه الأسواق وتذبذب أسعار العملات الرئيسية بها، إضافة إلى أسعار الصناعات المغذية التي تمثل عصب صناعة السيارات في العالم، والجميع يتذكر ما حدث من ارتفاع في أسعار السيارات اليابانية بعد زلزال اليابان الشهير منذ عدة سنوات وإغلاق عدد من فروع المصانع.

ويوضح أن أسعار السيارات مرتبطة بأسعار صرف العملات الأجنبية الكبرى ولكن الوكيل المحلي يحاول عدم زيادة الأسعار، والشركات تحاول تنفيذ سياسة مرنة للحفاظ على العميل والعلاقة الطيبة معه.. فالوكيل المحلي لا يمكنه تحديد الأسعار وفرضها على المستهلكين في السوق دون التنسيق ومراجعة الشركة الأم حتى لا يفقد وضعه في السوق.

فالمنافسة كبيرة في السوق المحلي وإذا تمت زيادة الأسعار من دون ضوابط سيلجأ المشترون إلى الشركات الأخرى خاصة التي تقدم عروضا مع الأسعار مثل الصيانة والتأمين وغيرها من العروض الترويجية.

ويؤكد أن السوق القطري يتسم بالمنافسة الشديدة بين الشركات المحلية باعتبارها ممثلة للشركات العالمية المنتجة للسيارات وبالتالي فإن هامش الربح الذي تحققه ليس كما يتوقع البعض كبيرا، ولكن في حدود معينة لأن زيادة الهامش تعني زيادة السعر مما يؤدي إلى هروب العملاء، كما أن هناك منافسة أخرى من الأسواق المحيطة التي تعتمد غالبيتها على البيع الكثير وليس الربح.

ويشير إلى أن السوق المحلي يشهد طفرة كبيرة في جميع المجالات بما فيها سوق السيارات الذي ارتفع بنسبة كبيرة، ويؤكد أن شركته تمتص هذه الزيادة في الأسعار من خلال سياسة متوازنة بحيث لا تنعكس كافة الزيادة في أسعار العملات على الأسعار المحلية حفاظا على العملاء، خاصة أن سيارات الوكالة من الأنواع الفاخرة ذات الرفاهية العالية.

ويؤكد أن إدارة حماية المستهلك بوزارة الاقتصاد تقوم بالرقابة والإشراف على السوق، ولديها مبادرة مع الوكالات لضبط الأسعار، كما أنها تطلب الموافقة منها على زيادة الأسعار سواء السيارات أو قطع الغيار، ويضيف أن الأسعار لا تخضع للوكالة فقط، وإنما الشركة العالمية الأم، إضافة إلى وزارة الاقتصاد التي تتعرف على الأسعار أولا وتسمح بالزيادة إذا كانت مبررة، لذلك فهناك تنظيم للسوق من خلال أطرافه المختلفة.