تقارير

“قطار التجزئة الخليجى” ..إلى أين يتجه ؟

يتمتع قطاع التجزئة فى الخليج  بمزايا عديدة تعزز من تنافسيته وجاذبيته لكبرى الشركات والعلامات الدولية العاملة في القطاع، ويأتي ذلك في ظل التدفق المستمر للسياح وزيادة الدخل مما ينعكس إيجاباً على معدلات الإنفاق الاستهلاكي.فعلى الرغم من التحديات التي مرت به إلا أن التوقعات لم تزل متفائلة تجاه مستقبل قطاع التجزئة بمنطقة الخليج ولاسيما مع تنامي دور التجارة الإلكترونية في المنطقة.

313.2 مليار دولار  حجم القطاع بحلول عام 2021

كشف أحد التقارير الصادرة عن شركة ’ألبن كابيتال‘ إلى توقعات بتحقيق نمو قياسي مرتفع لقطاع التجزئة في دول مجلس التعاون الخليجي وبقيمة 313.2 مليار دولار بحلول عام 2021، مدفوعاً بتنامي التعداد السكاني، وارتفاع مستويات دخل الفرد، وارتفاع عدد السياح الوافدين، فضلاً عن الفعاليات الدولية الضخمة التي تستضيفها المنطقة. كما ويشير التقرير إلى أن تغيّر تفضيلات المستهلكين، وانتشار الأجهزة الرقمية، وزيادة عدد الأشخاص المتصلين عبر الإنترنت، تعدّ من العوامل المؤثرة في تعزيز التغيير الطارئ على مشهد قطاع التجزئة في المنطقة. وعلاوةً على ذلك، تمت الإشارة إلى الابتكارات التقنية والصيغ الحديثة للمتاجر مع تصاميم داخلية ذكية، باعتبارها التوجهات الرئيسية الكفيلة بتعزيز التجربة في المتاجر.

وأشارت  تقارير إلى أنه  من غير الممكن إغفال الدور الذي يلعبه قطاع التجزئة في تحقيق خطط التحفيز والتنشيط للقطاعات الإنتاجية والخدمية، في الوقت الذي تعكس فيه البيانات المتداولة وصول القيمة الإجمالية لمبيعات التجزئة إلى ما يزيد على 250 مليار دولار بنهاية العام 2017، فيما تشير التوقعات إلى إمكانية تسجيل نسبة نمو ستصل إلى 15 في المئة بنهاية هذا العام.
للقطاع المصرفي دور كبير في ضمان استمرار الطلب
وأفاد بأن قطاع التجزئة أسهم بشكل مباشر وغير مباشر في دعم الأنشطة الاقتصادية وإبقائها عند الحدود المقبولة من خلال حزم الترويج والتسويق المنفذة، بالإضافة إلى التنوع على الطلب من كافة شرائح المجتمع المحلي والسياح والزوار، حيث لعب هذا القطاع دوراً كبيراً في الحفاظ على وتيرة النشاط عند حدود جيدة في ظروف التراجع، وأسهم في تعظيمها في ظروف الانتعاش والتعافي.

وأشار التقرير إلى القطاعات الأكثر تأثيراً على الأنشطة المالية والتجارية والاستثمارية على مستوى دول المنطقة دون استثناء، حيث مازالت مستمرة حملات الترويج والتسويق ورافقها اتساع وتنويع كبير على عدد وأنواع وحجم المعارض والمؤتمرات والتجمعات المعنية لذلك، الأمر الذي أثر بشكل إيجابي على قطاع التجزئة نفسه وعلى بقية القطاعات الاقتصادية، وفي مقدمتها القطاع العقاري، الذي استمد قوته من قوة التحفيز على القطاع الفندقي والمرافق السياحية.

وذكر التقرير أنه كان للقطاع المصرفي دور كبير في ضمان استمرار الطلب، ومنح الأفراد الائتمان اللازم للاستمرار في الإنفاق، بالإضافة إلى الائتمان المقدم لمنافذ البيع الصغيرة والمتوسطة والكبيرة التي كان لها تأثير أيضاً في ضمان مستويات تشغيل مرتفعة لدى قطاع النقل والمواصلات بكافة أنواعها، فضلاً عن السنوات العشرة الماضية التي شهدت دخول مئات المتاجر ومنافذ البيع، وتشييد عدد كبير من المولات وصالات العرض على الرغم من التقلبات المالية والاقتصادية التي مازالت تؤثر على وتيرة النشاط الاقتصادي ككل وعلى معدلات النمو المحققة والمستهدفة.

وبيّن التقرير أن البيئة الاستثمارية الأجنبية في مجال تجارة التجزئة لدى أسواق المنطقة تعد بيئة جاذبة ومناسبة للاستثمار، وذلك نظراً لارتفاع القوة الشرائية عند الجمهور والمستهلكين في هذه الأسواق، في حين يعمل التنوع المسجل على جمهور المستهلكين لدى أسواق التجزئة في دول المنطقة على رفع مستوى الجاذبية الاستثمارية في هذا القطاع، وتسهم عوامل انخفاض قيم التعرفة الجمركية على السلع المستوردة بدور إضافي في هذا المجال.

وأضاف أن البيانات المتداولة تشير إلى تسجيل اتساع وتنوع كبير لدى أسواق المنطقة لتصل مساحات التجزئة التي تم تسليمها في السوق البحريني إلى 78 ألف متر مربع، فيما يتوقع أن تصل إلى 93 ألف متر مربع بنهاية العام الحالي، وإلى ما يزيد على 455 ألف متر مربع بحلول العام 2020.

وأكد التقرير سعي مملكة البحرين إلى جذب المزيد من المستثمرين، وتنويع سوق العقارات، حيث إن قطاع التجزئة يعتبر من القطاعات التي تحفز وتنمي القطاع العقاري في البحرين، كما أنه يسهم في ضخ المزيد من المساحات التي تعمل على استقرار مؤشر أسعار الإيجارات.

وعلى صعيد المملكة العربية السعودية، أفاد التقرير بأن قطاع التجزئة استطاع تحقيق نمو بنسبة تزيد على 10 في المئة سنوياً خلال العقد الماضي، فيما يعمل لدى القطاع ما يقارب 1.5 مليون عامل، بينما تستهدف خطة التحول بالقطاع إلى رفع مستوى التجارة الحديثة والإلكترونية بنسبة لا تقل عن 80 في المئة بحلول العام 2020، مقارنة بالمستوى الحالي الذي تشكل فيه التجزئة التقليدية 50 في المئة، وتصل هذه النسبة إلى 20 في المئة لدى أسواق التجزئة المجاورة.

أسواق التجزئة الإماراتية اعتمدت في خطط نجاحها على البقاء في المقدمة

وذكر أن أسواق التجزئة الإماراتية اعتمدت في خطط نجاحها على البقاء في المقدمة، حيث يعمل المطورون وبشكل دائم على جلب الكثير من الفرص وابتكار الأفكار الجديدة للمتسوقين، وذلك لأن مستويات المنافسة أخذت بالارتفاع يوماً بعد يوم على مستوى المنطقة والعالم، إضافة إلى أن قطاع التجزئة سيشهد تسليم ما يقرب من 2 مليون متر مربع من المساحات القابلة للتأجير حتى العام 2019.

وتابع أن إمارة دبي ستشهد زيادة قدرها 717 ألف متر مربع من مساحة تجارة التجزئة خلال العام 2018، تليها إمارة أبوظــــبي بمســــاحات تصـــل إلى 460 ألف مــــتر مربـــع، الأمر الذي يعكس حجم الطلب والتشغيل للقطاع خلال السنوات القادمة..

وتوقع رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة دبي ماجد سيف الغرير، نمو سوق التجزئة في الإمارات لتتجاوز مبيعات القطاع 261 بليون درهم (نحو 71 بليون دولار) عام 2021، بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 4.9 في المئة.

جاء ذلك خلال إعلان غرفة تجارة وصناعة دبي عن تأسيس «مجموعة عمل قطاع التجزئة»، لتوحيد أصوات الشركات العاملة في هذا المجال الحيوي بهدف خدمة مصالحهم ونشاطاتهم المهنية، ليرتفع بذلك عدد مجموعات الأعمال المنضوية تحت مظلة الغرفة إلى 29 مجموعة عمل.

وقال الغرير إن الإمارات تستعد لهذه المرحلة من النمو المتوقع في هذا القطاع عبر تأسيس مجموعة العمل هذه التي ستنسق جهود أعضائها للمساهمة في نمو القطاع، وليلعب دوره في مسيرة التنمية المستدامة. ولفت إلى أن الغرفة تدرك أهمية قطاع التجزئة في تعزيز تنافسية مجتمع الأعمال، إذ توقع تقرير أصدرته مؤسسة «بيزنس مونيتر إنترناشونال: للربع الأول من العام الحالي، نمو إنفاق المستهلكين في دولة الإمارات ليبلغ 4.1 في المئة هذه السنة، في حين تبرز توقعات التقرير بنمو أعداد السياح الزائرين للدولة بمعدل سنوي يبلغ 5.7 في المئة خلال الفترة 2017-2021، ليصل إلى 24.3 مليون سائح عام 2021.

وأكد الغرير اهتمام الغرفة بالعمل على تعزيز مصالح مجتمع الأعمال، مشيراً إلى حرصها على متابعة شؤون القطاع الخاص، ودرس توصياته وأولوياته، ومساعدته في تطوير قطاعاته، مشيراً في هذا المجال إلى أن تأسيس مجموعات الأعمال هدفه توحيد الأصوات في قطاعات معينة لتصبح هذه القطاعات أكثر فعالية وتأثيراً في طرح الآراء والتوصيات ومناقشة التحديات.

 

وأشار إلى أن الغرفة تدعم قطاع التجزئة، إذ استقطبت المنتدى العالمي لتجارة التجزئة في دورتيه العاشرة والحادية عشر، إضافة إلى شركاتها في تنظيم قمة دائرة قادة التجزئة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مؤكداً التزام الغرفة التام بدعم أعضائها ومساعدتهم على النمو والتطور.

 

وتلعب مجموعات ومجالس الأعمال دوراً مهماً في تعزيز مسيرة النمو الاقتصادي في دبي ودعمها، إذ تعتبر مكوناً أساسياً لمجتمع الأعمال، وتساهم في الدفع بالحركة التجارية والاستثمارية في الإمارة من خلال الاستثمار في القدرات والإمكانات والخبرات لتعزيز الميزة التنافسية لمجتمع الأعمال في دبي. وتلعب مجالس الأعمال كذلك دوراً حيوياً في هذا المجال إذ يبلغ عددها 49 مجلساً، ما يرفع عدد مجموعات ومجالس الأعمال المنضوية في عضوية الغرفة إلى 78.

 

وقال رئيس مجموعة عمل قطاع التجزئة نيليش فيد: «تم تأسيس مجموعة عمل قطاع التجزئة لضمان اجتماع قادة صناعة التجزئة في دبي، لمناقشة المواضيع المتعلقة بالقطاع، ما يجعل من المجموعة منصة مثالية تجمع المهتمين بتطوير هذا القطاع. وقد أصبح مفهوم التجزئة الحديثة أكثر تنافسية، ولذلك فإن هذا النوع من التجارة يتطلب تركيزاً مختلفاً لتجار التجزئة لضمان النمو والتطور. إن رسالتنا هي تطوير بيئة قطاع التجزئة عبر اعتماد أساليب متنوعة تشمل التواصل الفعال والتعليم وتبادل الخبرات واستراتيجيات شاملة ومتنوعة».

تحول تجارة التجزئة عبر الإنترنت يُحدث ثورة في التسوق بالمنطقة

 

تُشير الدراسات إلى أن الشكل المعهود لتجارة التجزئة في الشرق الأوسط يشهد تغيراً بالفعل، فهي سوق مثمرة مفعمة بالفرص، وأن القطاع يشهد تطورات شاملة تزامناً مع دخول الجهات الفاعلة في القطاع لسوق تجارة التجزئة.فاتجاه الشركات نحو الاستثمار في تجارة التجزئة عبر الإنترنت لا يتوقف عن النمو، حيث نشهد عمليات استحواذ ضخمة من جهات فاعلة في القطاع مثل أمازون وسوق.كوم وجادو بادو.كوم.

ويشهد قطاع التجارة الإلكترونية بالخليج عدة استحواذات، كان أقربها استحواذ محمد العبار رئيس شركة “إعمار” العقارية، على المتجر الإلكتروني الشهير في الإمارات “جادو بادو”، لتأتي تلك الصفقة بعد فترة وجيزة من استحواذ عملاقة التجارة الإلكترونية الأمريكية “أمازون”، في الشهر الماضي، على موقع التجارة الإلكترونية الإقليمي “سوق دوت كوم”.

و”سوق.كوم” هي شركة إماراتية يقع مقرها الرئيسي في دبي، وهي أحد مشاريع وشركات مجموعة جبار، وتُعد واحدة من أكبر المتاجر الإلكترونية في الوطن العربي.ويمتلك “سوق.كوم” ما يصل إلى 78% من المبيعات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.ووفقاً لدراسة سابقة أعدتها شركة إيه. تي. كيرني للاستشارات الإدارية، أن من المتوقع أن تصل القيمة الإجمالية لمبيعات سوق التجزئة الإلكترونية في المنطقة إلى 6.7 مليار دولار خلال العام الجاري.

 

أربعة اتجاهات لقطاع البيع بالتجزئة

– بناء الإمكانات الرقمية الممتازة، بدأت شركات البيع بالتجزئة حول العالم تتكيف سريعًا مع مبدأ التسوق من وجهة نظر المستهلك الذي لا يركز على المنافسة بين طريقة البيع التقليدية والبيع عبر الانترنت، ولا يلتزم بوسيلة شراء معينة.

– الجمع بين طريقة البيع التقليدية أو عبر الانترنت لتعويض الوقت الضائع، نشهد اليوم تحولًا جذريًا نحو الخدمات المتاحة على الشبكات الالكترونية للتعويض عن الوقت الضائع وعدم التكيف في السابق مع الاتجاهات الرقمية.

– تحويل التسوق في المحلات التجارية إلى تجربة فريدة ومشوقة، يبقى للتسوق في المحلات التجارية مكانة هامة وفاعلة وهي لا تزال تشكل حتى اليوم نسبة 90% من مبيعات التجزئة، ولتتمكن من منافسة مواقع البيع الالكترونية التي تقدم خيارات ملائمة ومريحة ومجموعة لامتناهية من البضائع، عليها أن توفر للمستهلك تجربة استثنائية تتماشى وتتفاعل مع العلامة التجارية التي يفضلها المستهلك.

– التغيير الجذري لمفهوم البيع بالتجزئة باستخدام أحدث الوسائل التكنولوجية، ينبغي أن تفعل جميع شركات البيع بالتجزئة خدمات إنترنت الأشياء، والذكاء الاصطناعي، والواقع المعزز والافتراضي، والروبوتات للاستفادة منها بطريقة فاعلة.