تقارير

صناديق “ريتس “السعودية .. هل تطفىء النيران المشتعلة بأسعار الأراضى ؟

الصناديق ستجذب جزءً كبيراً من سيولة المضاربين في الأراضي

مع إطلاق  السعودية أول صندوق استثماري عقاري فإن السوق المالية ستقدم مؤشرات أكثر فائدة عن هذا المجال المهم في اتجاهات الاستثمار في المملكة، كما أنه يوفر وسيلة ممتازة من أجل إزالة العوائق الاستثمارية في هذا المجال، فالاستثمار في الصناديق العقارية لم يتحكم في المسار المنشود منذ إطلاق اللائحة المنظمة له، ولم تزل هناك بعض العوائق أمام الرجل العادي للاستثمار، لكن بهذا الصندوق وما وعدت به شركة تداول من دخول صناديق أخرى قريبا، فإن الحراك في هذا المجال سيشهد تطورا لافتا، كما أن هذه الصناديق ستمثل مدخلا مناسبا جدا لمن يرغب في الاستثمار العقاري في المملكة من الأجانب، وذلك دون مواجهة العوائق القانونية التي تحول دون تملكهم العقارات في المملكة.

وجهة واضحة
السوق العقارية في المملكة تعد وجهة استثمارية واضحة، ومع ذلك فإن السوق المالية لم تعكس حقائق هذا القطاع تماما خاصة مجال الاستثمار فيه، فالقطاعات المتوافرة في السوق تقدم معلومات عن الإنشاء وعن شركات التطوير العقارية لكن منظومة الاستثمار العقاري نفسها ظلت غائبة عن السوق، والآن
من المهم معرفة أن هيئة السوق المالية حريصة على أن يكون دور الصناديق الاستثمارية العقارية هو تطوير العقارات في المملكة وليس تحقيق نمو من خلال احتكارات الأراضي وإعادة بيعها، بمعنى أن الهدف من هذه الصناديق ليس المضاربة على العقار بل هو بناء المجتمع والبيئة، ولهذا فقد جاءت تعليمات هيئة السوق المالية بأن على هذه الصناديق الاستثمار في مختلف أنواع العقار السكني والتجاري والصناعي والزراعي ولكن يحظر عليها الاستثمار في الأراضي البيضاء، بل عليها أن تسعى إلى تملك العقارات وتطويرها وتأجيرها مثل “المعارض” والمكاتب والفنادق. كما أن هيئة السوق المالية تقضي بالاستثمار في عقارات مطورة تطويرا إنشائيا تكون (كشرط) قابلة لتحقيق دخل دوري وتأجيري. وعلى هذه الصناديق توزيع 90 في المائة على الأقل من صافي أرباحها السنوي على ملاك الوحدات سنويا.

ومع أن هيئة السوق المالية تجبر الشركات جميعها على استخدام التكلفة التاريخية لقياس الأصول فإن على هذه الصناديق إصدار تقييم خاص بعقاراتها عند القيمة العادلة، ومع ذلك فإن القلق قد يساور السوق حيال تقييم الصناديق لفترة وستبقى هذه المسألة مرهونة بالمستقبل.

Saudi employees work the phones inside tمنتج استثمارى
تمثل  صناديق الاستثمار العقارية المتداولة “ريتس” تمثل منتجاً استثمارياً جيداً وذات عائد عالٍ، كما تعد قناة ادخارية ناجحة في السوق السعودية، وتشهد قبولاً وسمعة طيبة من جمهور المستثمرين وخصوصاً صغارهم، لافتاً إلى أنها يتم تداولها بالسوق المالية ومحكومة بأفضل التشريعات من قبل هيئة السوق المالية، وتوقع أن تحقق نمواً عالياً وانتشاراً أوسع في السنوات المقبلة.
هذه الصناديق التي تعرف عالمياً بمصطلح “ريتس” تهدف إلى الاستثمار في عقارات مطورة إنشائياً وقابلة لتحقيق دخل دوري تأجيري، وتوزيع نسبة محددة لا تقل عن 90% من صافي الأرباح نقداً سنوياً، ويتم تداول وحداتها ( أسهمها ) في السوق المالية.
وتخضع لإشراف ورقابة هيئة السوق، وتلتزم بمستويات عالية من الشفافية والإفصاح تفوق تلك المتاحة للبدائل الاستثمارية المتاحة في السوق العقارية التقليدية.
وشرح المتخصص المالي خصائص وآلية عمل هذه الصناديق فقال إنها تتميز بمجموعة من الميزات تجعلها ذات استثمار مربح وآمن ومنظم، حيث تتسم بوضوح أنظمتها وسهولة التعامل بوحداتها بيعاً وشراءً بشكل مماثل للأسهم المدرجة في سوق الأسهم.
كما تضم أصولاً عقارية منشأة ومطورة وجاهزة للاستخدام ومدرة للدخل الناتج عن ريع الإيجارات أو التشغيل، وتتيح الفرصة للاستثمار بتكلفة منخفضة لا تقل قيمتها عن 100 مليون ريال، مع إمكانية التنويع في استثمارات الصندوق من خلال الاستثمار في أكثر من أصل أو قطاع.
و يشترط إدارة هذه الصناديق بطريقة محترفة ومحوكمة وبدرجة شفافية وإفصاح عاليين من قبل مجلس إدارة ومدير صندوق وأمين حفظ مرخص لهما من قبل هيئة السوق، إضافة إلى مدير عقارات محترف، على أن يلتزم مدير الصندوق بتقديم تقارير دورية ربع سنوية ومعدة من قبل محاسب قانوني، ويتم عرضها على موقع تداول كغيرها من التقارير الخاصة بالشركات المدرجة بالسوق المالية.
هذه الصناديق تساهم في خلق سوق عقارية متطورة ومحترفة، وتحقق العديد من الفوائد للقطاعين العقاري والمالي من أبرزها أنها تشكل إضافة استثمارية جديدة مربحة وآمنة لجمهور وصغار المستثمرين من خلال تكلفة استثمار منخفضة، كما تسهم في جذب السيولة في منتجات ذات عوائد استثمارية مستمرة.
وتسمح بتحسين وتطوير الاستثمار العقاري وتحفيز التطوير العقاري الإنشائي والتأجيري، من خلال تنمية وتوسيع العقارات المطورة ذات العوائد التشغيلية، إضافة إلى توفير قناة سيولة وتمويل جديدة في السوق العقارية.

ميزة خاصة
لهذه الصناديق  ميزة خاصة وهى ارتباطها بأهداف وتوجهات رؤية المملكة 2030، من خلال التركيز على دعم صناعة العقارات الإنشائية بمختلف قطاعاتها، والتمكين لأدوات جديدة للتمويل وتوسيع شركات القطاع الخاص للمشاركة الأوسع في التنمية.
وتعزيز ثقافة الادخار عبر إتاحة قنوات استثمار متميزة مرنة وسهلة ومربحة، وخلق فرص وظيفية للعناصر الوطنية، ودعم مبادرات التخصيص في قطاعات مختلفة كالتعليم والصحة من خلال توفير منشآت المستشفيات والمدارس.

فرصة لصغار المستثمرين

وأكد مدير عام الإدارة العامة للمبيعات والتسويق في «تداول» محمد الرميح أن من أهم ميزات صناديق الريتس أنها تعطي الفرصة لصغار المستثمرين الذين لا يمكنهم الدخول في السوق العقارية التقليدية، من الاستثمار في السوق، نظرا لسهولة الاستثمار من ناحية الدخول والخروج من العقار الذي يمتلكه الصندوق، ما يعطي سهولة عالية في التخارج مقارنة بالسوق التقليدية.

وأمام ذلك طمأن الرئيس التنفيذي للرياض المالية علي القويز الراغبين في الاستثمار في الصندوق، بأن مسألة إدارة المخاطر هي جزء من الدور الأساسي في إدارة استثمارات الصندوق، مبينا أن الرياض المالية وفي سبيل تجنبها للمخاطر خططت لتنويع الاستثمارات في 4 مدن، وتنوعت بين تأجير مكاتب وفنادق وخلافه، إضافة إلى تركيزها على نوعية المستأجرين ومدد الإيجارات، لافتا إلى أن عددا كبيرا منهم تصل معدلات إيجاراتهم لـ7 سنوات ونصف السنة، وهو ما يعطي استقرارا مستقبليا للصندوق.
وتمثل صناديق «ريتس» فرصة استثمارية جذابة، نظرا لانخفاض متوسط تكلفة الاستثمار بها، حيث حددت القيمة الاسمية لوحدة الصندوق بعشرة ريالات حسب التعليمات الخاصة بصناديق الاستثمار العقارية المتداولة، التي أصدرتها هيئة السوق المالية يوم الأحد 30 أكتوبر 2016، والتي حددت أيضا بألا يقل رأسمال صندوق «ريتس» عن 100 مليون ريال.

السوق السعودىسيولة المضاربين
توافر مثل هذه الصناديق العقارية المتداولة، التي تمتاز بصغر حجم الاستثمار اللازم، وانخفاض تكلفة وحدته، إضافة إلى سرعة سيولته مقارنة بالسوق العقارية التقليدية، ومقابل الركود الكبير المخيم على سوق العقار الآن، سيسهم في زيادة اجتذاب جزء كبير من سيولة المضاربين في الأراضي تحديدا، الذي سيطفئ بدوره من اشتعال أسعار الأراضي، التي لعبت المضاربة عليها طوال الأعوام الأخيرة أدوارا خطيرة في زيادة ارتفاع أسعارها، ليعيد تنظيمها تحت رقابة صارمة من هيئة السوق المالية. يحمل هذا التطور المهم نتائج عديدة؛ لعل من أبرزها أن زيادة أعداد الصناديق العقارية المتداولة، ونجاحها في استقطاب أكبر قدر ممكن من سيولة مضاربي الأراضي، سيسهمان إضافة إلى بقية العوامل الأخرى الضاغطة الآن على أسعار الأراضي في سرعة انخفاضها مستقبلا، سينعكس أثره على تقييم بقية المنتجات العقارية، بما فيها الأصول المملوكة للصناديق العقارية المتداولة! لتحتل آليات السوق (العرض والطلب) موقعا متقدما تجاه التقييم العادل لقيمة العقارات، عوضا عن الفوضى العارمة التي سادت لفترة طويلة سابقا، وقف وراءها تحقيق مصالح ضيقة لتجار أراض ومضاربين وسماسرة، دون النظر إلى أي عوامل اقتصادية ومالية سائدة، أو للآثار السلبية على الاقتصاد والمجتمع الناتجة عن سلوكيات قامت فقط على جشع وطمع بالغي الإفراط.

المعوقات

قبل أن نطرح التحديات يجب أن نضع في الإعتبار أن هذا النوع من الصناديق ظهر في الأسواق المالية الأمريكية منذ بداية الستينات الميلادية إلا أن إنتشاره في بقية دول العالم (اوروبا واليابان مثلاً) لم يبرز إلا مع بداية الألفية الحالية، مما يدل على أن نجاح و انتشار هذه الصناديق تحتاج إلى وقت طويل و تدرج عقلاني وخصوصا ما يتعلق باختيار و شراء الأصول العقارية !!! و أرى أنه في حال اختيار شراء الأصول العقارية الجيدة المدرة للدخل المنتظم على المدى الطويل، فإن هذه الصناديق ستكون بديل إستراتيجي و قوي للودائع البنكية الإدخارية و لإتفاقيات المرابحة ولصناديق النقد و للأوقاف بسبب العوائد المتوقعة لها والتي لا تقل في المتوسط حالياً عن نسبة 7% سنوياً !!!.

يكمن التحدي الأكبر لنجاح هذه الصناديق في ضرورة تركيز أصولها في المدن الرئيسية للمملكة (كالرياض و جدة و الدمام) و بعيداً عن أطراف هذه المدن و بعيداً عن مكة المكرمة و المدينة المنورة بسبب الجاذبية الكبيرة للعوائد الاستثمارية داخل المدن الرئيسية، و أيضاً ضرورة بقاء أسعار الفائدة المستقبلية على الريال السعودي دون مستوى العوائد الاستثمارية للتأجير العقاري بسبب المخاطر التي ستشكلها أسعار الفائدة في حال تجاوزت نسبتها لنسبة العوائد التي ستحققها هذه الصناديق، و الأهم هو الكيفية التي سيتم التعامل مع هذه الصناديق من المنظور الزكوي بعيداً عن الازدواجية او الخطأ؟ و من سيدفع الزكاة (الصناديق أم المشتركون أم كلاهما) ؟ و على أي أساس ؟